علمت صحيفة "الشرق الأوسط" من مصادر مواكبة لمحادثات وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل في بيروت أن الخلوة التي عقدها الأخير مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، "تطرّقت إلى ضرورة الحفاظ على النظام المصرفي في لبنان وتوفير كل حماية له لأنه يشكل رأسمال البلد من الوجهة المالية والسياسية، ويعود الفضل في تحصينه إلى الدور الذي يقوم به حاكم المصرف رياض سلامة".
واعتبرت المصادر نفسها أن "التركيز على دور سلامة في هذا الخصوص والتعامل معه على أنه مصدر ثقة يشكل رسالة للسلطة اللبنانية تنطوي على التحذير من المساس به وطرح تغييره على بساط البحث في اجتماعات الحكومة الجديدة، خصوصا أن بعض من هم في الفريق الوزاري والاستشاري لرئيس الجمهورية ميشال عون وأيضاً للوزير باسيل لم يتوقفوا عن المطالبة باستبداله".
وكشف أحد من التقاهم هيل بأنه "تجنّب التعليق على تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة، إضافة إلى تشكيل الحكومة الجديدة، وعزا السبب إلى رغبته في قطع الطريق على من سيحاول استغلال وجهة نظره وتوظيفها استجابة لرغباته أكان من مؤيدي تكليفه أو من معارضيه"، مشيرة الى أن "هيل استغرب كيف أن أحد الذين التقاهم تحدّث معه وكأن لبنان لا يرزح تحت وطأة أزمة عاتية، وهذا ما دفعه إلى السؤال عن الأسباب الكامنة وراء إنكاره لواقع الحال في البلد في ضوء دخوله مع تصاعد الحراك الشعبي في مرحلة سياسية جديدة غير تلك التي كانت قائمة قبل انطلاقته".
وإذ فضّل عدم الكشف عن هوية المسؤول الذي أنكر وجود أزمة، فإن هيل أبلغه في المقابل بأن "الإصلاح بات ضرورياً ولا مفر منه وهو يأتي تعبيراً عن مطالبة الأكثرية الساحقة من اللبنانيين بضرورة تحقيقه عملاً لا قولاً".
وفي هذا السياق، ينقل عن هيل قوله إن واشنطن "تحدد موقفها من الحكومة انطلاقاً من برنامجها السياسي والإصلاحي ومدى استجابتها بخطوات ملموسة لتطلعات الشعب اللبناني". وأكدت المصادر أن "هيل ركّز في محادثاته على مجموعة من النقاط، أبرزها ضرورة التزام الحكومة الجديدة بسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية لعدد من الدول ومنها دول الخليج العربي.
كما أبدى استعداد واشنطن لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة للبنان وتعليق مساعداتها الأخرى باستثناء المؤسسة العسكرية إلى ما بعد التأكد من برنامج الحكومة على المستويين السياسي والإصلاحي".
وأوضح مصدر أن "معظم الدول الأوروبية تتواصل يومياً مع واشنطن طلباً لتقديم مساعدات مالية للبنان لكن التريّث يغلب على الموقف الأميركي للأسباب ذاتها، رغم أن مقررات مؤتمر سيدر ما زالت قائمة لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته الاقتصادية والمالية، وإن كانت تحتاج إلى معاودة تحريكها لدى الدول والمؤسسات المالية التي شاركت فيه والتي تربط تعويمها ببرنامج الحكومة الجديدة للإصلاح المالي والإداري، إضافة إلى توفير الحل لأزمة الكهرباء التي تزيد من حجم العجز في الميزانية العامة".
وشدد هيل، بحسب المصادر، على أن واشنطن "ضد استخدام العنف في وجه المتظاهرين الذين يعبّرون عن تطلعات الشعب اللبناني ويعكسون أوجاعه بسبب الأزمة الاقتصادية".