حتى ليل الأحد الإثنين لم تكن المستجدات توحي بأن اتفاقاً قد حصل حول المسار الحكومي، لا سيما في ظل لعبة الشارع المشتعل وتوجيه الرسائل المتبادلة من كل الأطراف.
وصحيح أن الاستشارات النيابية كانت ستحصل وسيخرج بنتيجتها الرئيس سعد الحريري رئيسًا مكلّفا، إلا أن اعتبارات عدة كان لا بد من التوقف عندها من حيث الشكل وعدد الأصوات التي سيحصل عليها الحريري او من حيث مواقف الكتل النيابية.
وفي هذا السياق، أشارت مصادر متابعة الى ان تأجيل موعد الاستشارات النيابية من الاثنين الى الخميس، والذي حصل تجاوبا مع رغبة الحريري وبعد اتصالات بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري والحريري، يعود لأسباب عدة تتعلق اولا بنسبة الاصوات التي كان سيحصل عليها الحريري وتعتبر متدنية جدا بحيث لم تكن لتتجاوز الستين صوتا، الامر الذي يوحي بأن مهمته ستكون معقدة وغير سهلة في ظل غياب اجماع واسع على تسميته وبالتالي عدم وجود اتفاق على عملية التشكيل.
هذا وأفادت المصادر نفسها ان موقف كتلة القوات اللبنانية، والذي جاء في ساعة متأخرة فجر الاثنين بعد اجتماع كتلة الجمهورية القوية، بعدم تسمية احد، شكّل سببا اضافيا لتأجيل الاستشارات، لا سيما وأن تكتل لبناني القوي سبق وأعلن موقفه في حين أن موقف كتلة الكتائب اللبنانية معروف بدعم حكومة حيادية، الأمر الذي يشكّل، وفق المصادر، غيابا لميثاقية الصوت المسيحي في تسميته.
وبناء عليه، فإن الحريري سيقوم بمروحة اتصالات ومشاورات قبل الخميس في محاولة منه لرفع عدد الاصوات التي قد ينالها وتوفير حد أدنى من الاتفاق والميثاقية. وإنطلاقاً مما آلت اليه الامور ، وفي ظل استمرار لعبة في الشارع الذي يشهد أوقاتاً قلقة منذ ليل السبت الأحد ، و مع تأجيل الاستشارات النيابية بشكل مفاجئ، انقلب المشهد السياسي رأسًا على عقب مع استمرار الاشتباكات الليلية في وسط بيروت الذي بات صندوق بريد للرسائل المتبادلة.
الصورة محزنة في وسط العاصمة، وضبابية على خط الأزمة السياسية التي يبدو انها دخلت نفقًا جديداً بعد أن كان من المتوقع ان تشهد انفراجا أقله على مستوى تكليف رئيس للحكومة والتفرّغ لمفاوضات التأليف.
ان تأجيل الاستشارات النيابية من الاثنين الى الخميس قد جاء مغايرا لكل الاجواء الايجابية التي أشيعت نهاية الاسبوع الماضي وأعاد الامور الى نقطة الصفر.
وفي هذا السياق، أشارت معلومات الى ان الرئيس سعد الحريري الذي طلب تأجيل الاستشارات يعطي نفسه ساعات حاسمة قد لا تتعدى 24 ساعة لمزيد من المشاورات قبل ان يعلن موقفه النهائي.
فالحريري سيسعى جاهدا الى محاولة إقناع بعض القوى النيابية بتغيير موقفهم لتسميته يوم الخميس، في حين جاءت تصريحات رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وبيان التيار الوطني الحر حاسمة، لا بل أكثر من ذلك كان هناك دعوة له لتسمية شخصية تحظى بالتوافق لتشكيل الحكومة، هذا وأكدت مصادر الفريقين بأن لا عودة عن القرار الذي تم إعلانه. أمام هذا الواقع الجديد تتجه الانظار الى بيت الوسط والموقف الذي سيعلنه الحريري، في ظل معلومات رشحت عن احتمال توجهه نحو الاعتذار عن التكليف اذا لم تنجح الاتصالات التي سيجريها. إذاً ساعات حاسمة أمام الحريري، وربما أمام البلد أيضا، تتحكم بها رسائل الشارع حيث اللعبة تصبح اكثر خطورة، وفي هذا السياق أكدت أوساط بيت الوسط ان الساعات الـ72 المقبلة حاسمة، وسيكون لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري خلالها موقف ممّا جرى في ضوء سلسلة من الاتصالات التي تقرر القيام بها في المرحلة المقبلة.
وشددت على انّ الرئيس الحريري دعا وما زال يدعو الى وقف تقاذف كرة النار بين أيدي المسؤولين اللبنانيين. فالوضع الاقتصادي والمالي ومعه الوضع السياسي لم يعد يحتمل بعدما تجاوز كل الخطوط الحمر، ولا بد من اتخاذ الخطوات اللازمة لوضع حدّ لِما هو متوقّع من مصاعب ومطبّات تشكل خطراً جدياً، وليس من الحكمة الاستمرار بإخفائه. لأن الإستمرار بلعبة تقاذف الكرة فهناك مخاطر جدية تهدد بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع حمى الله لبنان وشعبه .