حذرت صحيفة غارديان البريطانية من أن خطر وقوع اشتباك عسكري في البحر الأبيض المتوسط بات وشيكا بعد أن أكدت تركيا استعدادها لإرسال قوات إلى ليبيا، للدفاع عن الحكومة المعترف بها دوليا هناك.
وذكرت الصحيفة أن خطوة كهذه من شأنها أن تدفع نحو مواجهة عسكرية مباشرة مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي وصفته بـ"أمير الحرب" في شرق ليبيا.
وتعتقد غارديان أن الإمارت أو مصر -اللتين تدعمان قوات حفتر- قد تتدخلان في تلك المواجهة.
وكانت تركيا قد وقعت الأسبوع الماضي اتفاقية تعاون عسكري مع حكومة الوفاق الوطني في ليبيا تتيح لرئيسها فايز السراج الطلب من أنقرة إرسال قوات في أي وقت.
وتنص الاتفاقية -التي أحيلت يوم السبت الماضي إلى البرلمان التركي لإجازتها- على تزويد حكومة الوفاق بقوة للرد السريع إذا طلبت طرابلس ذلك، إلى جانب تعزيز التعاون بينهما في مجالي الاستخبارات والدفاع.
التصعيد الكبير
ولفتت غارديان إلى أن الدعم التركي لحكومة الوفاق الليبية ظل حتى الآن مقتصرا على الطائرات المسيرة والتسليح، مشيرة إلى أن إرسال قوات برية للدفاع عن طرابلس يعد "تصعيدا كبيرا".
وتقول الصحيفة البريطانية إن وزيري الخارجية والدفاع التركيين مولود جاويش أوغلو وخلوصي أكار التقيا السراج على هامش منتدى الدوحة في قطر مطلع الأسبوع الجاري.
وأكد أوغلو في الدوحة أن حكومة الوفاق الليبية لم تتقدم بطلب رسمي لإرسال قوات تركية، لكنه أضاف أن "إرسال قوات هو الوسيلة الأسهل".
وحذر السراج في لقائه على هامش منتدى الدوحة أيضا بالسيناتور الجمهوري في الكونغرس الأميركي ليندسي غراهام -الذي تصفه غارديان بأنه كاتم أسرار الرئيس دونالد ترامب- من التدخل الروسي في ليبيا.
وفي إطار الروابط المشتركة بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني، وقع الطرفان في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مذكرة تفاهم تتعلق بتحديد مناطق النفوذ البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.
وأثار هذا الإجراء حفيظة دول الاتحاد الأوروبي، ولا سيما اليونان التي ترى أن اتفاقية المنطقة الاقتصادية الحصرية تعيق بالفعل جهودها للتنقيب حول جزيرة كريت، معتبرة أن الاتفاق غير قانوني.
استثناء تركيا
واعتبرت صحيفة غارديان أن من شأن "تصرفات أنقرة" أن تؤدي إلى تشكيل تحالف مناهض لتركيا يتكون من اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل والأردن وإيطاليا التي تنضوي جميعها تحت مظلة منتدى غاز شرق المتوسط.
وترى الصحيفة البريطانية أن منتدى غاز شرق المتوسط يتعلق "في ظاهره" بصناعة الطاقة، لكنه يمثل "في جوهره" شراكة عسكرية استثنيت منها تركيا.
وتقدر احتياطيات الغاز الطبيعي في المنطقة بنحو 122 تريليون متر مكعب في المجمل.
وتطرقت الصحيفة كذلك إلى ما سمتها "نقطة ساخنة ثالثة" تواجه السياسة الخارجية التركية ألا وهي علاقتها مع الولايات المتحدة، والتي توترت بسبب شراء أنقرة منظومة الدفاع الصاروخي الروسية "أس 400".
وأعلنت تركيا على لسان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو أنها لن تلغي اتفاقية شرائها من روسيا.
وهناك مؤشر آخر على تدهور العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، وهو ما حدث يوم الخميس الماضي بإجازة الكونغرس الأميركي بالإجماع قرارا يتضمن اعترافا رسميا بمذبحة الأرمن المزعومة على يد الإمبراطورية العثمانية مطلع القرن الماضي.
في الأثناء، سعى وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف إلى الترويج لبنية أمنية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، قائلا إن "الإقصاء والخصومة وسباق التسلح المستمر" لن يجلب الأمان لأي دولة بالمنطقة.