في ضوء تطورات 17 تشرين الأول، اجتمعت لجنة المال والموازنة في الجلسة ما قبل الأخيرة لتعديل بنود ومناقشة أخرى، فكان اللافت وفق ما علمت «الجمهورية» تقديم النائب علي فياض باسم «حزب الله» مبادرة شعبوية يطلب فيها تجميد إجراءات قروض الإسكان، بالإيعاز الى جميع المصارف اللبنانية عدم احتساب فترة التوقف عن الدفع للمقترضين المتعثرين، وعدم احتساب أية غرامات على التأخير منذ شهر ايلول وحتى انتهاء الأزمة. فلاقت مبادرته استحساناً وموافقة جميع من حضر.
وجاء في الاقتراح الذي تقدّم به فياض، طلب إضافة مادة الى موازنة عام 2020 عرضها على الشكل الآتي:
«خلافاً لأي نص آخر، تُعلّق استثنائياً الإجراءات القانونية المرتبطة بالمهل الناشئة عن التعثر في سداد القروض السكنية من تاريخ 1/10/2019 ولغاية 30/6/2020».
وفنّد فياض في مبادرته الأسباب الموجبة للاقتراح الذي تقدّم به، فأوضح أنّه «بسبب الأزمة الاقتصادية الممددة، والتي قد تشكّل قوة قاهرة بالنسبة لطرفي القروض السكنية من دائنين ومدينين، على حدّ سواء، والتي تجسّدت بنقص في السيولة، فضلاً عن تطبيق إجراءات خاصة أدّت إلى تقييد التحويلات والسحوبات، والتي يُتوقع أن تستمر لشهور عدة مقبلة، ومراعاة لاوضاع المواطنين من أفراد وأصحاب مصالح ونتيجة لخسارة عدد كبير من العاملين في القطاع الخاص رواتبهم أو تخفيضها... جرى إعداد هذه المادة...».
ولهذه المادة دلالاتها في هذا التوقيت شكلاً ومضموناً.
في الشكل: أتى الاقتراح من نائب ينتمي الى الحزب السياسي الأقوى على الساحة اللبنانية، وفي السلطة التنفيذية في المرحلة الحالية، وهذا مؤشر الى موافقة موثوقة مفتَرضة سينتزعها الحزب من النواب الأعضاء المشاركين في دراسة الموازنة الجديدة. كما جاء الإقتراح ليؤكّد انّ «حزب الله» متنبّه الى أهمية أولوية المطالب التي ينادي بها المواطن اللبناني، وهو لا يؤيّدها بالكلام فحسب، بل بالفعل. فكان المبادر من خلال إستلحاقه تقديم هذه المادة في أدق مراحل الأزمة المالية التي يمرّ فيها لبنان ومواطنوه، قبل الجلسة الختامية لمناقشات مجلس النواب الثلثاء المقبل، وقبل يوم واحد من إطلالة الامين العام «للحزب» السيد حسن نصرالله المنتظرة مساء اليوم، والتي سيتطرق فيها حتماً الى المطالب المحقة للمواطن المنتفض، بالاضافة طبعاً الى المواقف والرسائل بعد المستجدات السياسية .هذا في الشكل.
أمّا في المضمون:
• تبنّت هذه المادة ملفاً بارزاً يشغل بال المواطن اللبناني، الذي عبّر عن قلقه مراراً عبر انتفاضته، وأوصلها بأشكال عديدة الى من يعنيهم الأمر، والى «حزب الله» تحديداً، وفي محطات عديدة، مكرّراً انّ «سلاح المقاومة» ليس أولوية بالنسبة الى المنتفضين اليوم، لأنّ الازمة المالية التي يعاني منها لبنان واللبنانيون ستنعكس تداعياتها على جميع اللبنانيين وبيئة المقاومة منهم... فشكّل مضمون الاقتراح الذي تقدّم به فياض رداً مناسباً على المنتفضين، باختياره ملف القروض السكنية وتجميد الاجراءات القانونية للمتخلّفين عن تسديد سنداتهم. هذه الإجراءات التي حمّلت اللبنانيين ضغوطاً قاسية وصلت الى حد دفع البعض للجوء الى الإنتحار... كخيار.
• جاءت المادة المضافة لتؤشر الى أنّ الحزب ينخرط بشكل أو بآخر في الحراك من خلال تبنّيه أحد أبرز مطالبه...
فياض: لإنهاء منظومة تشريعات مكافحة الفساد
وفي قراءة لهذه الخطوة يقول النائب علي فياض لـ«الجمهورية»، إنّ أحداث 17 تشرين طرحت تحدّيات جديدة على اللبنانيين لا بدّ من أخذها في الاعتبار، فأخذ على عاتقه طرحها على أعضاء لجنة المال والموازنة، لافتاً الى مواد في موازنة عام 2019 لم يتمكن المواطن من الاستفادة منها بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وبسبب ضيق المِهل، ولذلك لا يجوز إضاعة الفرصة أو التضييق على المواطنين إمكانية الاستفادة من التخفيضات أو التحفيزات، ولذلك طرح تعديلات تطال 10 مواد تقريباً، وهي تخفيضات الغرامات وبعض المحفّزات التي لها علاقة بالمادة 29 وتخفيض رسم الفراغات...
اما الأزمة التي دفعته الى تقديم الإقتراح، فهي مسألة القروض السكنية التي ظهر انّها في طريقها الى الانفجار، وتحديداً في القطاع الخاص المأزوم، بعد أن أجمع الحاضرون بأنّ الأزمة الى تفاقم، وانّه خلال الشهرين المقبلين قد تكون هناك قرابة الـ 160 الف وظيفة قد تمّ الاستغناء عنها في القطاع الخاص، وقسم كبير من هؤلاء لم يقبض راتبه أو تحوّل الى نصف راتب، وغالبية هؤلاء اخذوا قروضاً من مصرف الاسكان، وهو القرض الاكثر خطورة على المدين والمواطن الذي سيفقد عمله، مما سيزيد الوضع مأساوية إجتماعياً وعقارياً على مستوى لبنان ككل.
وكشف فياض عن مطالب اخرى يدرسها للنظر في امكانية تقديمها في جلسة الثلثاء، ولها علاقة بالقروض كافة بما فيها قروض السيارات وغيرها، على أن تكون هناك أيضاً فرص لتجميد المِهل القانونية في حال تعثر المواطن في التسديد، وهو محل درس اليوم.
كذلك كشف عن الاهتمام الإستثنائي للكتلة في موضوع الفساد. وأنّ اللجنة الفرعية ستشهد من الآن حتى نهاية الشهر الانتهاء من منظومة التشريعات التي لها علاقة بمكافحة الفساد، والتي تؤدي كتلة «الوفاء للمقاومة» الدور الأساس فيها.
وعن إقتراحه أوضح، أنه يُعتبر مادة في قانون الموازنة، إذ يحق للمجلس النيابي إدخال مواد تشريعية على قانون الموازنة، وأنّ كل الكتل رحّبت بالمادة...علماً أنّ هذا الموضوع يندرج ضمن صلاحيات البنك المركزي، وهو قادر على معالجته على مستوى التعاميم المُرسلة الى المصارف، لأنّه بحسب قانون النقد والتسليف لديه صلاحية اتخاذ الاجراءات التي تصلح العلاقة بين المودعين والمصارف، كما بإمكان مجلس الوزراء تنظيم هذه العلاقة بمراسيم، لكن هذا لا يلغي حق المجلس النيابي في إصدار قوانين، أو أن تصدر تعاميم عن أي جهات معنية، وبذلك يصبح القانون ملزماً حكماً.
تجدر الإشارة الى أنّ المادة المطروحة نالت أمس موافقة جميع الأعضاء الحاضرين، بمن فيهم ممثل وزارة المالية، على أن يتمّ التصويت الرسمي عليها نهار الثلاثاء المقبل في الجلسة الختامية.