لقد ابتلي لبنان منذ ثلاثون عاماً بمجموعة من السياسيين الذين تراهم من شدَّة حكمتهم وإيمانهم وخوفهم من الله تعالى، وأبصرتهم لو دخلوا جنان الرحمن والخلد الأبدي،عاثوا فيها فساداً وسرقةً ونهباً وخراباً، واستخدموا ملائكة السماء على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وأحزابهم دروعاً أو بالحري وقوداً لتأجيج وميض النيران المدمرة، لكي يسود لهم هدفهم السياسي والسلطوي هنا، وهدفهم الديني وإرضاء الله من هناك، ويتنازعون من اجل رضوان الله تعالى.
ثلاثون عاماً والشعب اللبناني يدفع ثمن الصراع الديني والطائفي والمذهبي من أجل أن يبني وطناً يتساوى فيه الجميع أمام القانون والعدالة والمساواة، لقد حان لهذا الشعب ليله الطويل المدمر والمظلم، الذي سرق لهم أحلامهم وحياتهم ومستقبلهم، واستفاق من نومه على اختلاف أهوائهم وأحزابهم ومذاهبهم، على فجرٍ مضيءٍ وغدٍ مشرقٍ إن لم يكن لهم، فلأولادهم وأبنائهم من أجل فسحة أملٍ توفر لهم الحد الأدنى من حق الحلم بحياة كريمة وعزيزة، وبحياةٍ مستقرة وآمنة من الجوع والخوف والسرقة والنهب،وعيش المرتزقة على حساب الطيبين وأصحاب الكفاءات على أصحاب الأميين الدخلاء والمتطفليين والطفيليات التي تعتاش على حساب غيرهم وعلى جهد وتعب الناس الذين لا حول لهم ولا قوة، سوى أنَّ تلك اللصوصية التي تحكمت في حياتهم وحياة أبنائهم ومصيرهم ومستقبلهم، لقد استفاق هذا الشعب من سباته بعد أن خدَّرته أحزاب السلطة باسم الدين والطائفة ونهشته باسم الوطن والكرامة، من أن يكون وقوداً لهم ولأزلامهم وحواشيهم وغواشيهم، وأدركوا أنهم ليسوا قرابين لهم ولمشاريعهم السلطوية والدنيوية...
لم يعد العاقل اللبناني أن يرضى لنفسه أو لبيئته ولمحبيه أو لمجتمعه ولبيته ولجيرانه ولمواطنيه بعيداً عن طائفته وحزبه ودينه،أن ينطوي عليه النمط الخطابي من نظرية المؤامرة على الطائفة والدين والمذهب،وفي نفس الوقت ينهبون البلاد والعباد ويستولون على الماء والهواء، ويحسبون أنهم آلهة الأرض، ولكنهم من نطفة البشر، ومع أنهم يتصرفون كذلك، إلاَّ أنهم من نسيج هذا المجتمع المثقل بأثقال الحروب، فحان الوقت لهذا المجتمع أن يمسك بزمام يده، ليحاسبكم ويستعيد الوطن وماله المنهوب من سياساتكم المدمرة، ويسترد ما أضعتموه على مذابحكم السياسية والدينية..