والظاهر أن تأجيل عون للاستشارات النيابية حتى 16 من الشهر الجاري يهدف إلى إيجاد صيغة جديدة قد تكون متأثرة بالاجتماع الدولي الذي سيعقد في باريس من أجل مساعدة لبنان. وفيما لم يتسرّب عن أوساط الحريري موقفه من مسألة تكليفه مجددا بتشكيل الحكومة، لم يصدر بالمقابل عن حزب الله والتيار الوطني الحر ما يفيد بأي تراجع عن المطالبة بتأليف حكومة تكنوسياسية.
وفيما شهد محيط “بيت الوسط” (مقر الحريري) تجمّعا شعبيا منددا بعودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، رأى محللون أن أمر عودته ما زال افتراضيا، وأنه، وحتى إشعار آخر، ما زال متمسكا بتشكيل حكومة اختصاصيين خالية من التمثيل السياسي، ولم ترشح معطيات جديدة تؤكد ما أشيع عن احتمال قبوله بتمثيل سياسي غير مستفز قد لا يكون باسيل جزءا منه.
وأكدت بعض المعلومات أن التواصل ما زال مستمرا بين حزب الله والحريري، وأن الثنائي الشيعي ما زال يكرر تفضيله الحريري للرئاسة الثالثة. ولم يستبعد مراقبون إعادة تعويم اسم الدكتور نواف سلام، والذي سبق لحزب الله رفضه، بصفته شخصية تحظى بقبول من قبل الحراك الشعبي، كما يتمتع بعلاقات دولية تجعل منه واجهة مقبولة للداخل والخارج.
وتقول مصادر متابعة إنه من المستبعد الوصول إلى أي توافق سياسي طالما أن المواقف متعارضة حول مسألة أساسية تتعلق بالخيار بين حكومة تكنوقراط وحكومة سياسية. وتضيف المصادر أن الأجواء الخارجية المتعلقة بالملف الإيراني ما زالت غير ناضجة لكي تتداعى إيجابيا على الحالة اللبنانية.
وترجح المصادر أن تطول الأزمة وأن تستمر حكومة الحريري بتصريف الأعمال، مع التعويل على مساعدات مالية عاجلة تأتي من الخارج لتجنّب انهيار البلد.
وترى المصادر أن غياب قرار الحسم العسكري لدى حزب الله يبعد فرضية الانهيار الأمني، خصوصا أن لإيران مصلحة في الإمساك بالورقة اللبنانية وأن هذه الورقة تفقد قيمتها في حال دخل البلد في مرحلة الفوضى. كما أن ابتعاد حزب الله عن فرضية تشكيل حكومة من لون واحد مردّه إدراك الحزب عما سيخلفه هذا الخيار من عزلة كاملة للبنان تحمّله مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي الذي قد ينجم عن مخاطرة من هذا النوع.