تأجيل عون للاستشارات النيابية حتى 16 من الشهر الجاري يهدف إلى إيجاد صيغة جديدة قد تكون متأثرة بالاجتماع الدولي الذي سيعقد في باريس من أجل مساعدة لبنان.
 
قالت مصادر سياسية لبنانية إن انسحاب رجل الأعمال سمير الخطيب من دائرة الأسماء المرشحة لتأليف الحكومة الجديدة، أعاد الارتباك إلى كل الطبقة السياسية، وكشف عن عجزها على التوافق لإنتاج صيغة حكومية تتلاءم مع الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان.
 
واعتبرت المصادر أن اعتذار الخطيب كان متوقعا بعد سلسلة من المؤشرات التي ظهرت خلال الأيام الماضية. لكن المفاجأة، هي أن إعلان الأمر من دار الإفتاء وبعد اجتماعه بالمفتي الشيخ عبداللطيف دريان، أضاف بعدا جديدا وضع فيتو على أي اسم لاحق لا ينال تغطية من مراجع الطائفة السنية في البلد.
 
واعتبرت المصادر أن انسحاب الخطيب حدث دون أي خارطة طريق بديلة، وأنه جرى دون أي تنسيق مسبق مع الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، والتيار الوطني الحر بزعامة وزير الخارجية جبران باسيل، كما أنه فاجأ رئيس الجمهورية ميشال عون.
 
ورأى هؤلاء أن الحدث اعتبر نسفا لتفاهمات جرت قبل ذلك بأيام أوحت بأن جميع القوى السياسية، بما في ذلك رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، اتفقت عليها. وخلصت المصادر إلى أن تطورات متعاقبة ساهمت في تفريغ مقترح حكومة الخطيب وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء بحثا عن صيغ جديدة تكون مقبولة.
 
وفي حين أخذ البعض على دار الإفتاء التدخّل لصالح الحريري وتحويل الأمر إلى مطلب مذهبي، قالت بعض المصادر إنه لم يعد مقبولا أن تهدد الأزمة وجود الممثل الأول للسنة في موقعه فيما لا تطال الأزمة موقع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، مضيفة أن دار الإفتاء اضطرت إلى أن تدلي بدلوها لاستيعاب الغضب داخل الطائفة السنية من ممارسات رئيس الجمهورية في فرض الحكومة ورئيسها على نحو يذكر بهيمنة الرئاسة على الحكم قبل اتفاق الطائف.

والظاهر أن تأجيل عون للاستشارات النيابية حتى 16 من الشهر الجاري يهدف إلى إيجاد صيغة جديدة قد تكون متأثرة بالاجتماع الدولي الذي سيعقد في باريس من أجل مساعدة لبنان. وفيما لم يتسرّب عن أوساط الحريري موقفه من مسألة تكليفه مجددا بتشكيل الحكومة، لم يصدر بالمقابل عن حزب الله والتيار الوطني الحر ما يفيد بأي تراجع عن المطالبة بتأليف حكومة تكنوسياسية.

وفيما شهد محيط “بيت الوسط” (مقر الحريري) تجمّعا شعبيا منددا بعودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، رأى محللون أن أمر عودته ما زال افتراضيا، وأنه، وحتى إشعار آخر، ما زال متمسكا بتشكيل حكومة اختصاصيين خالية من التمثيل السياسي، ولم ترشح معطيات جديدة تؤكد ما أشيع عن احتمال قبوله بتمثيل سياسي غير مستفز قد لا يكون باسيل جزءا منه.

وأكدت بعض المعلومات أن التواصل ما زال مستمرا بين حزب الله والحريري، وأن الثنائي الشيعي ما زال يكرر تفضيله الحريري للرئاسة الثالثة. ولم يستبعد مراقبون إعادة تعويم اسم الدكتور نواف سلام، والذي سبق لحزب الله رفضه، بصفته شخصية تحظى بقبول من قبل الحراك الشعبي، كما يتمتع بعلاقات دولية تجعل منه واجهة مقبولة للداخل والخارج.

وتقول مصادر متابعة إنه من المستبعد الوصول إلى أي توافق سياسي طالما أن المواقف متعارضة حول مسألة أساسية تتعلق بالخيار بين حكومة تكنوقراط وحكومة سياسية. وتضيف المصادر أن الأجواء الخارجية المتعلقة بالملف الإيراني ما زالت غير ناضجة لكي تتداعى إيجابيا على الحالة اللبنانية.

وترجح المصادر أن تطول الأزمة وأن تستمر حكومة الحريري بتصريف الأعمال، مع التعويل على مساعدات مالية عاجلة تأتي من الخارج لتجنّب انهيار البلد.

وترى المصادر أن غياب قرار الحسم العسكري لدى حزب الله يبعد فرضية الانهيار الأمني، خصوصا أن لإيران مصلحة في الإمساك بالورقة اللبنانية وأن هذه الورقة تفقد قيمتها في حال دخل البلد في مرحلة الفوضى. كما أن ابتعاد حزب الله عن فرضية تشكيل حكومة من لون واحد مردّه إدراك الحزب عما سيخلفه هذا الخيار من عزلة كاملة للبنان تحمّله مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي الذي قد ينجم عن مخاطرة من هذا النوع.