المحتجون العراقيون يعتبرون قرار إعفاء قائد عمليات بغداد التابعة للجيش العراقي على خلفية مجزرة ارتكبتها ميليشيات تغاضيا عن مسؤولية الحشد.
 
يتزايد ارتباك السلطات العراقية التي تقودها أحزاب وميليشيات مقرّبة من إيران، بمواجهة موجة الاحتجاجات العارمة التي لم يزدها القمع الدموي للمحتجّين سوى قوّة وعنفوانا.
 
وتقرّر الأحد إعفاء قائد عمليات بغداد التابعة للجيش العراقي في إجراء مرتبط بمجزرة ارتكبتها ميليشيات الحشد الشعبي آخر الأسبوع الماضي في ساحة رئيسية من ساحات التظاهر بالعاصمة، ونُسبت إلى “مسلّحين مجهولين” ما اعتُبر من قبل المحتجّين أنفسهم تغاضيا عن مسؤولية الحشد.
 
ورغم أنّ القوات العراقية تشارك بالفعل في قمع المحتجّين، لكنّها تظل بحسب مصادر عراقية طرفا منفّذا للأوامر والقرارات التي يشارك قادة الميليشيات النافذون والمرتبطون بالحرس الثوري الإيراني في صنعها نظرا لمكانتهم وسطوتهم على القرارات الحكومية.
 
وإذ لم يبرئ نشطاء عراقيون قوات الأمن من التواطؤ مع المهاجمين وإفساح المجال أمامهم للدخول والتجول بحرية في الساحة التي شهدت المجزرة، إلا أنهم يطالبون بأن تشمل العقوبات المنفّذ الأصلي للمذبحة وعدم الاقتصار على الطرف المتواطئ.
 
ووصفت منظمة العفو الدولية مجزرة جسر السنك وساحة الخلاني التي نفّذها ليل الجمعة مسلحون ملثمون يستقلون سيارات مدنية رباعية الدفع اقتحموا الساحة وأطلقوا الرصاص الحي بصورة عشوائية على المتظاهرين هناك ما أسفر عن مقتل 25 شخصا وإصابة 120 آخرين بجروح، بأنها “الأكثر دموية”.
 
ونُسبت المجزرة لمجهولين، لكنّ مصادر متعدّدة أجمعت على أنّ مطلقي النار ليسوا سوى عناصر من ميليشيات الحشد الشعبي الذين يمتلكون سلطة تفوق سلطة القوات الأمنية وقادرون على التحرّك وسط بغداد بأرتال من السيارات المظلّلة وغير الحاملة لأرقام دون أن يجرؤ أحد على اعتراضهم.
 
وفي محاولة لتطويق القضية الآخذة في التوسّع على شكل فضيحة مدويّة، اتجهت السلطات إلى معاقبة الجيش على المجزرة التي ارتكبتها الميليشيات.
 
وأعلنت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، الأحد، إعفاء قائد عمليات بغداد من منصبه، في خطوة أرجعها مصدر عسكري إلى الرغبة في امتصاص غضب المتظاهرين والحد من الانتقادات الدولية للحكومة بعد مجزرة ساحة الخلاني.
 
 
وذكرت الوكالة الرسمية، في نبأ مقتضب، أنه تم إعفاء قائد عمليات بغداد قيس المحمداوي من منصبه وتكليف اللواء عبدالحسين التميمي بدلا منه.
 
ولم توضح الوكالة سبب اتخاذ هذا القرار إلا أن ضابطا برتبة نقيب في وزارة الدفاع قال، لوكالة لأناضول، طالبا عدم نشر اسمه كونه غير مخول بالتصريح للإعلام، إن خطوة إعفاء المحمداوي من منصبه تأتي على خلفية الأحداث التي وقعت آخر الأسبوع الماضي في ساحة الخلاني وسط بغداد.
 
وأضاف أن الهدف من القرار امتصاص غضب المحتجين والسعي للحد من وطأة الانتقادات الدولية الواسعة للحكومة بعد أحداث ساحة الخلاني.
 
ولا تبدو مختلف الإجراءات التي تتخذها السلطات العراقية ذات جدوى في تهدئة غضب الشارع والحدّ من زخم الاحتجاجات. حيث تواصلت، الأحد، التظاهرات في بغداد ومدن جنوب العراق رغم موجة القمع التي أسفرت عن سقوط أكثر من 480 قتيلا منذ  بداية أكتوبر الماضي.
 
وأفاد ناشطون ومحتجون ، الأحد، باستمرار الاعتصامات في ساحات التظاهر بست محافظات، بالإضافة إلى تعطيل الدوام في عدة دوائر وجامعات، حدادا على أرواح ضحايا ساحة الخلاني.
 
وقال ناشط مدني وأحد المتظاهرين بمحافظة كربلاء لوكالة الأناضول إنّ “المتظاهرين في المحافظة قطعوا صباح الأحد، الطريق أمام موظفي محطة كهرباء الخيرات في مدينة كربلاء مركز المحافظة، ومنعوهم من الدخول أو الخروج، إضافة إلى غلقهم أبواب جامعة كربلاء”.
 
وتابع أن “المتظاهرين مستمرون في الاعتصام في منطقة فلكة التربية بالمدينة حدادا على أرواح ضحايا مجزرة الخلاني”.
 
من جانبه، أشار الناشط مؤيد محمود إلى أن “محافظة النجف شهدت توافد متظاهرين إلى ساحة الصدرين مع إغلاق دوائر التربية والبلدية والماء، والصرف الصحي ومبنى المحافظة”.
 
كما شهدت محافظة ذي قار استمرار توافد المتظاهرين إلى ساحة الحبوبي بمدينة الناصرية مركز المحافظة، بالتزامن مع تعطيل الدوام الرسمي في دوائر المحافظة. وقال المتظاهر علي رحيم لوكالة فرنس برس، وهو طالب جامعي، في وسط ساحة الاحتجاجات في الناصرية جنوبا “سنبقى نتظاهر حتى إسقاط النظام”.