رأى الكاتب والمحلل السياسي جوزيف أبو فاضل أن "المشهد اللبناني كان متماسكا سياسيا وأمنيا، ولكن أصبح يشهد بعضا من الفوضى في البلاد بسبب الإنتفاضة لأن الأحزاب السياسية ركبت على مطالب الحراك وأصبح كل فريق متمسكا بمطالب خاصة له من السلطة، وبات الوضع السياسي في لبنان مشتتا وكل شخص يهمه أن يبقى في السلطة ولا يريد أن يخرج من جنة الحكم"، مبينا أن "لبنان الآن يشهد انقسام ثلاثي رباعي خماسي، والانقاسامات هذه المرة كثيرة وخاصة بعد المطالب المشروعة للحراك، وهي مطالبنا بالذات وخاصة استرداد المال المنهوب، ورفع الحصانة عن كل المسؤولين، واسترداد الأموال المنهوبة، كلها مطالب من كتل لبنانية قدمت للمجلس النيابي من قبل الانتفاضة".
وفي حديث لصحيفة "الدستور" المصرية، اعتبر أبو فاضل أن "النخبة الحاكمة تسعى لتحقيق مطالب المتظاهرين من خلال مفاوضات مع مختلف القوى، يديرها رئيس الجمهورية، مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، مع تكتل حزب الله. وهناك تحالف يشهد مباحثات حول تشكيل الحكومة الجديدة بين قوى 8 آذار وتضم قوى حركة أمل برئاسة نبيه بري، مع تكتل لبنان القوي، وتكتل الوفاء للمقاومة"، مشيرا الى أنه "يبقى الفريق الآخر المواجه الذي يضم ثلاثة قوى لبنانية هي "حزب القوات الللبنانية"، والحزب "التقدمي الاشتراكي"، و"حزب الكتائب"، فيما يظل بالمنتصف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي يلعب وحيدا في هذه الفترة".
واعتبر أن "تشكيل حكومة تكنوقراط هو أمر مستحيل، لأن هذه الحكومة في لبنان لن تقدم أو تؤخر، لأن لبنان بلد مسيس شعبا وسلطة، لا يوجد شخص في لبنان غير مسيس، وإذا كان لدى الحريري أشخاص ليسوا مسيسين فليعلن لنا عن 10 أسماء منهم"، لافتا الى أن "إستقالة الحريري لم تكن مدروسة، فهو في آخر اجتماع لمجلس الوزراء قبل استقالته قدم ورقة إصلاحية ممتازة تترجم مطالب الشارع اللبناني. لذلك الحريري إما بحاجة إلى مستشارين أكثر وعيا، وإما أنه تسرع في قراره، وفي كلا الحالتين هو أخطأ، وأرى أنه يتعنت في شرطه لرئاسة الحكومة وإصراره على أن تكون على مزاجه وذوقه الخاص، وهذا خطأ آخر، فلا يمكن أن يعيش الحريري وحده في البلاد".
وشدد أبو فاضل على أن "الحريري إنتحر سياسيا لأن استقالته لم تكن في صالح البلاد، ولم تقدم أو تؤخر في حياته السياسية والبرلمانية، ولكنني بالطبع أدعم عودته ولكن دون شروط، وأن تكون عودته وفق حكومة سياسية بامتياز"، موضحا أن "البدائل المطروحة في حال رفض الحريري النهائي العودة لتشكيل الحكومة، هو حكومة من لون واحد وهذا سيدخل البلاد في مشكلة طويلة جدًا، لذلك فإن فريقنا منفتح على تسوية سياسية مع الحريري إلا إذا هو أراد ألا يعود".
وأشار الى أن "الشارع اللبناني له مطالب مشروعة كانت ستقدم له، ولكنه يرفض كل شيء يقدم له في الوقت نفسه، مما يجعل مطالبه وطموحاته وأهدافه متناقضة، لذا فغضب الشارع اللبناني مبرر تجاه فساد المسؤولين، وسرقتهم للمال العام، لكن عليه أن يستمع للجهات الأخرى"، مضيفا: "لا يوجد نظام في لبنان، ولكن يوجد دولة ديمقراطية جدا مؤلفة من السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والحكومة. كما أن الدولة لم تماطل، ولم تنساق وراء الصدام مع الشارع، حتى مع وجود قطع للطرقات منذ أكثر من 35 يومًا، وهي جريمة يعاقب عليها القانون"، مبينا أن " الكثير من الطلبات تم تنفيذها، لكن المحتجين أصروا على استقالة الجميع، وإسقاط المؤسسات اللبنانية من رئاسة وحكومة ونواب، وهو أمر مرفوض، كما أن رئيس الجمهورية ميشال عون ناشد المتظاهرين كثيرًا للحوار ولم يستجب أحد لدعوته، لأن الحراك رأسه خارج لبنان وليس في لبنان".
وعن اتهام باسيل بأنه يسعى لتحقيق مكسب شخصي على حساب لبنان، قال: "هذا يعتبر تجنى عليه لأن باسيل يمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين وهو رئيس أكبر تكتل نيابي في لبنان، وإذا كان يسعى لجني مكاسب فهو مثل غيره من السياسيين، ولا أظن أن "الوطني الحر" يستحق هذه الاتهامات، فهو ليس من سرق الـ200 مليار دولار"، معتبرا أن "باسيل يتعرض لحملة تشويه منذ انتخاب الرئيس عون في عام 2016، وذلك لعلاقة القرابة بينهما، والجميع بدأ يتحدث عن محاولة باسيل لاستغلال قرابته مع عون -ولاسيما أنه صهره"، مشددا على أنه "يحق لأي شخص في لبنان أن يسعى إلى مصالحه السياسية الشخصية، لذلك فهذا الاتهام ليس دقيقًا، فباسيل لا يمكن أن يقدم نفسه على مصالح بلده خاصة أن له تيارًا وحزبًا كبيرًا ومجموعة نيابية يرأسها".