بالوقائع والمستندات فضيحة جديدة في العهد القوي وبرسم رئيس الجمهورية
تحدث رئيس الجمهورية ميشال عون عن القضاء في أكثر من مناسبة ليؤكد على استقلالية القضاء ويدعو القضاة
الى الابتعاد عن أي تصرف قد يسهّل ضرب سمعتهم، لان "سمعة القضاء هي من سمعة القضاء.
وفي خطاب القسم تحدث الرئيس عن إصلاحات قضائية وأنه على عاتقه سيجري تحرير القضاء من الفساد والمحسوبيات .
واليوم ظهرت إلى العلن فضيحة من العيار الثقيل لتؤكد أن الرئيس لم يعد مؤتمنا، وأن مواقفه تلك هي مجرد شعارات مخادعة وكاذبة كتلك الشعارات التي استخدمت زورا في توصيف العهد بـ "القوي" تارة وبعهد "الإنجازات" تارة أخرى.
هذه الفضيحة على مستوى الاكاذيب والتضليل الذي يسوقه الأزلام والحواشي لسيد العهد وهم أنفسهم أبطالها.
خيانة الأمانة والدستور والصلاحيات بدت واضحة في هذه الفضيحة لتكتمل مشاهد الإنهيار في هذا البلد على كل المستويات وليكتمل مشهد الإنقضاض على الدستور وخطاب القسم وليزداد مشهد الفساد مشهدا جديدا .
العفو الرئاسي أو العفو الخاص
صلاحية يمارسها رئيس الجمهورية منفرداً لا ينازعه عليها أحد ولا يشاركه فيها أحد عملاً بنصّ الفقرة التاسعة من المادة 53 من الدستور، وبطبيعة الحال فإنّ الممارسة المنفردة للصلاحية تستتبع حكماً مسؤولية منفردة عن تبعات هذه الممارسة بعيداً عن أي تذرع بمسألة انتزاع الصلاحيات وتكبيل الرئاسة الأولى وفساد من يشتركون في السلطة ومواقع القرار.
استخدم رئيس الجمهورية هذه الصلاحية متجاوزا القانون والدستور وصلاحيات القضاء بتسوية مشينة وغريبة قام بها كل من صهر العهد ووزير الوزير جبران باسيل والوزير سليم جريصاتي بصفته وزيرا للعدل .
عن الفضيحة الأولى، وبعد أن أصدرت محكمة الجنايات في العام 2018 حكمها بتجريم رنا بروس معوض بجناية تسهيل ترويج مادة الكوكايين وتعاطي المخدرات وهو حكم قضائي مبني على اعترافها بارتكاب هذا الجرم، وبعد أن حكمت المحكمة عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة ثم منحتها الأسباب التخفيفية وحكمت عليها بالأشغال الشاقة الموقتة لمدة 15 عاماً، أقدم وكيلها المحامي زياد و. على تمييز هذا الحكم غير أنّ محكمة التمييز ردت التمييز وأبرمت حكم محكمة الجنايات. وأمام بلوغ الحكم بحقها أقصى درجات التقاضي، وباتت مسألة إطلاقها تحتاج إلى "تخريجة" ما، تم استبعاد محاميها واستُقدم خصيصاً لتحقيق هذه الغاية المحامي ماجد البويز، المعروف بأنه الوكيل القانوني للوزير جبران باسيل والمفوّض من قبله بتنسيق التشكيلات القضائية، فتولى بويز تقديم طلب عفو خاص إلى رئيس الجمهورية بواسطة وزير العدل ألبير سرحان الذي قام باستطلاع رأي لجنة العفو الخاص حيال الملف، فاستطلعت اللجنة رأي النيابة العامة التمييزية التي رأت "رد طلب العفو الخاص في الأساس"، كما قررت لجنة العفو بدورها رد طلب العفو أيضاً "لعدم وجود ما يبرره" (علماً أنّ أعضاء هذه اللجنة هم أيضاً أعضاء في مجلس القضاء الأعلى الذي لطالما كان يطالب فخامة الرئيس منحه أوسع الصلاحيات وعدم التدخل السياسي بعمله)، إلا أنه وعلى الرغم من رأي مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الرافض، وقرار لجنة العفو الرافض لمنح العفو الخاص، بدا صوت وكيل باسيل المحامي بويز أقوى وأعلى من صوت القضاء والقانون إذ وفي سابقة لم يشهدها التاريخ لا في لبنان ولا حتى في كولومبيا معقل "كارتيلات المخدرات"، أصدر رئيس الجمهورية مرسوماً يمنح فيه العفو الخاص عن المحكومة بجناية ترويج مخدرات.
أما عن الفضيحة الثانية، فبعد أن أصدرت محكمة المطبوعات في العام 2010 حكمها بتجريم روجيه عقل بجرم الذم والمس بكرامة الملك السعودي عندما وصفه بـ"عاهل التيوقراطية الإسلامية الفاشية" وقضى بتغريمه بمبلغ خمسين مليون ليرة، تقدّم المحكوم عليه بطلب تمييز هذا الحكم فردته محكمة التمييز وأبرمت الحكم. وكما في الفضيحة الأولى، كان لا بد من "تخريجة" ما ولكن هذه المرة لم يتولَّها وكيل باسيل بل محام آخر من مكتب وزير الرئاسة الأولى حالياً سليم جريصاتي وهو المحامي ناجي لحود (علماً أنّ طلب العفو كان قد قدم وقتها إلى جريصاتي نفسه الذي كان حينذاك وزيراً للعدل وتلقى الطلب من لحود المحامي في مكتبه!). وأيضاً على شاكلة مجريات قضية مروجة المخدرات، اقترحت النيابة العامة التمييزية رد طلب العفو، ورفضت لجنة العفو هذا الطلب، لكن وكما صوت وكيل باسيل، كان هذه المرة صوت المحامي في مكتب جريصاتي، أقوى من القضاء والقانون ومن الراوبط التاريخية التي تربط لبنان بمحيطه العربي وأقوى من العلاقة الاستثنائية التي تربط لبنان ومصالح اللبنانيين بالمملكة العربية السعودية، وإذ بفخامة الرئيس وفي سابقة أيضاً لم يشهدها تاريخ التعامل بين الدول الشقيقة يصدر مرسوماً يمنح فيه العفو الخاص عن محكوم بجرم المس بكرامة العاهل السعودي ليخفّض بموجبه العقوبة من خمسين مليوناً إلى عشرة ملايين ليرة.
هذه الوقائع مثبتة بالوثائق والدليل وهي وصمة عار جديدة لهذا العهد المتفلت من كل القوانين والأنظمة والذي تجاوز بفساده كل العهود السابقة التي مرت بتاريخ لبنان.