يمكن للوظيفة الصيفية أن تكون مرحلة تحضيرية للحياة المهنية المستقبلية. يبدأ اكتساب الخبرات لدى المراهقين مع البحث والاستفسار عن العمل حتى لو لم ينتهِ بهم المطاف بالحصول على الوظيفة المنشودة. ومن ثمّ يأتي تعلُّم كيفية إكمال الطلبات وتقديمها، وكيفية إنشاء السيرة الذاتية، والبحث عن مراجع للتوظيف والقدرة على التعامل بنجاح مع المقابلة وتقديم أنفُسهم للآخرين بطريقة لائقة. ويمكن أيضاً للمراهقين التعلُّم من زملائهم في العمل خلال ممارسة الوظيفة ومواصلة تطوير التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات.
 
كما أنّ المنافسة تفرض عليهم بذل مزيد من الجهد والمثابرة من أجل التفوّق. ومع ذلك يكون اكتساب مهارات مفيدة جدّاً عندما يحين الوقت لدخولهم القوى العاملة البالغة.
 
ومع كلّ هذه الخبرات، يزيد لدى المراهقين احتمال إيجاد وظيفة في السنة اللاحقة بنسبة 86 في المائة، وذلك حسب تقرير عن العمالة الصيفية أصدره عام 2015 مصرف (جي. بي. مورغان) الأميركي.
 
مهارة التعاطف مع الآخرين
أشار ريتشارد فايسبورد، المحاضر والباحث في كلّية هارفارد للتعليم العالي، أنّ «العمل الصيفي يعطي المراهقين دروساً اجتماعية مهمّة في كيفية التعامل مع الناس، حيث يرى المراهق كيف يعمل الناس بجد، وكيف يمكن أن يتعامل الناس معه بفظاظة وعدم اكتراث أحياناً».
 
ويشكّل العمل فرصة لهم للقاء والاختلاط مع الآخرين خارج محيطهم العائلي والمدرسي، الأمر الذي يعلّمهم التعاطف مع الآخرين.
 
وبما أنّ الأطفال الأكثر تميّزاً يعيشون في مجتمعات نخبوية، فإنّ تعرّضهم لطبقات مختلفة يمكن أن يكون أفضل لهم، وأنّ فرصة الوظيفة الصيفية تؤمّن لهم هذا التعرّض الذي يساعدهم في معرفة أنّ الآخرين لديهم المشاعر والاحتياجات نفسها.
 
يسهّل الدخول إلى الجامعات
لن يتعلّم المراهقون أهميّة العمل الشاق، والموثوقية وإدارة الوقت من خلال العمل الصيفي فقط، وإنّما أيضاً يكتسبون الخبرة في العمل التي ستكون محط تقدير من الجامعات وأرباب العمل في المستقبل. أمّا بالنسبة إلى القبول في الجامعات، فقد أصبحت الخبرة العملية من الأُمور المهمّة التي تحبّ الجامعات أن ترصدها في طلبات الدخول التي تتلقاها.
 
وقالت مستشارة الكلّية المستقلة في مدينة نيويورك، سوزان وارنر: «إنّ الكلّيات تجد الخبرة العملية الميزة الأكثر جاذبية في مقدرات الطلاب».
 
دروس مالية
إدارة المال هي المهارة الأكثر وضوحاً التي يتعلّمها الشاب في سن المراهقة. وفي مجتمع لم يعد فيه حمل النقود ضرورياً، بل تمّ استبدال بطاقة بلاستيكية به لشراء ما نريده، تبدو الحاجة إلى معرفة إدارة المال أكثر إلحاحاً.
 
إنّ الحصول على راتب مادّي يعطي شعوراً بالإنجاز، كما يسمح للشباب بالحصول على بعض الاستقلالية المادّية عن الأُسرة، الأمر الذي يمكن أن يساعدهم في تمهيد الطريق الناجح إلى مرحلة البلوغ.
 
ومع الدخل المكتسب تأتي مسؤولية وضع الميزانية والخطّة المالية. إنّ تحديد ما يريد الأطفال إنفاقه من المال وما يحتاجون إليه من أجل الحفظ والإدخار هو ممارسة جيِّدة، وعلى الأهل هنا اتّخاذ هذا الدخل الخارجي الذي يجنيه أولادهم فرصة لإعطائهم دروساً حقيقية عن المال وكيفية إدارته.
 
إنّ الوظيفة الصيفية هي من أهم الأُمور التي يمكن أن يقوم بها المراهق. فعليه النهوض في الصباح خلال وقت معين، وإدارة وقته وماله، والالتزام بجدول زمني لم يضعه لا هو ولا أهله.
 
ولا ننسى فائدة إضافية أُخرى، وهي أنّه عليهم وضع هواتفهم الخليوية جانباً.