كانت حكومتي الرئيس سعد الحريري منذ بداية عهد الرئيس عون في العام ٢٠١٦، وحتى أواخر السابع عشر من تشرين الأول الفائت، تاريخ الانتفاضة الشعبية في لبنان، قد قامتا بما لا يحصى من الإنجازات العظيمة، كتأمين الكهرباء ٢٤/٢٤، وإزالة النفايات ومكافحة الفساد، وتنظيف الأنهار ووضع اليد على الأملاك البحرية والنهرية، وضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية، وإصلاح الطرقات وتأمين الطبابة والتعليم، وإصلاح الإدارة العامة بالقضاء على الرشاوى وصرف النفوذ، وكان الوزير جبران باسيل، قبل انطلاق الانتفاضة الشعبية بأيّامٍ أربعة، عاقداً العزم على زيارة دمشق لمحاولة ترحيل مئات الآلاف من النازحين السوريين إلى بلادهم، ويستعدّ لاستلام زمام الرئاسة الأولى من عمّه الرئيس عون الذي بلغ من العمر عتيّا، وذلك بفضل سماحة السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، وصاحب الحلّ والربط في البلد، وبعد السّعي لتهدئة روع المنافس الرئاسي سليمان فرنجية.
هكذا كانت شؤون البلد تسير بانتظام، وعلى خير ما يُرام، لولا خروج هذه الانتفاضة الشعبية، حاملةً الهموم المعيشية القاسية والمصيرية لجموع الشعب اللبناني الصابر، وقبل أن تُتّهم ب"لوثة" السفارات واستهداف سلاح المقاومة، والتآمر على المصالح الوطنية المعادية للعدو الصهيوني، حتى استقال الحريري تحت ضغط الشارع، وأدخل البلاد بفضل الانتفاضة "المشبوهة " في متاهة تأليف الحكومات: التكليف وموجباته، التأليف ومصاعبه، توزيع الحصص وتناتُش الحقائب، استبعاد نافذين "مشبوهين" ببعض مُتسلّقي الانتفاضة "نظيفي الكفّ"، وبعد خمسين يومٍ من اللّف والدوران تبيّن أنّ الحلّ الناجع والصائب لاستمرار هذا العهد"القوي" والمبارك، ودوام عزّ الصهر المدلّل، هو الالتفاف حول مطالب الثورة الشعبية ببيع البلد ومؤسساته لبعض الشركات القابضة، وفي مقدمتها شركة خطيب وعلمي، التي سيُعيّن صاحبها السيد سمير الخطيب رئيساً للحكومة العتيدة، في حال سارت أمور التأليف والتكليف وفق حسابات المُتحاصصين، ورعاية الشركات القابضة واسم السيد علاء الخواجة في المقدمة، أمّا إذا استمرت الانتفاضة على زخمها وعنفوانها، والثوار على "عنادهم واستكبارهم"، فلربما تكون التجارب الإيرانية والعراقية، وقبلهما السورية في قمع الانتفاضات، قابلة للتطبيق في لبنان، وبدل أن يذهب اللبنانيون للانتحار فُرادى، يُساقون للانتحار الجماعي، لا سمح الله