ما زال إسم السيد سمير الخطيب المقترح لتولّي منصب رئاسة الحكومة العتيدة، يتأرجح بين القبول والرّفض، أو بين الاحتراق بلغة هذه الأيام أو النجاة، ذلك أنّه كان قد "احترق" قبله إسم السياسي المخضرم محمد الصفدي، ولعلّ هذا الاحتراق أو الإخفاق يعود إلى مُسارعة هذين الشخصين بالتفاوض مع فريق السلطة المُمسك بزمام التأليف قبل التكليف، فكم يا ترى ستحترق أسماء مُرشّحة لرئاسة الحكومة فور الإعلان عنها، في حين أنّ البلد بكامله يحترق، والمسؤولون لاهون وفي غيّهم سادرون.
في حمأة هذه المحنة التي أوشكت أن تُقارب الكارثة، آن الأوان للاعتراف بأصل وفصل هذه المشكلة المستعصية، والتي باتت مرضاً عُضالاً، لا مفرّ من إجراء عمليات جراحية دقيقة لاستئصال أورامه المنتشرة، وأصلها كما خبرها كثيرون وعارفون كانت قبل انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول الفائت، واستفحلت بعدها: التسوية الرئاسية..أمّ المصائب التي جاءت بالرئيس عون للرئاسة الأولى، والرئيس سعد الحريري للرئاسة الثالثة، أمّا وقد استقال الحريري تحت ضغط الانتفاضة الشعبية، فبقيت التسوية عرجاء، ويبدو أن لا أمل بإصلاحها أو ترميمها بشخصية بديلة عن الرئيس سعد الحريري، فهي إمّا أن تُجدّد بمندرجات جديدة تتوافق مع مطالب الشعب المنتفض، أو أن تذهب إلى غير رجعة، فالعرَج من ساقين لا يعني سيراً مُستقيماً، لذا بات من الواجب أن يبادر رئيس الجمهورية بالدعوة لاستشارات نيابية سريعة وتكليف رئيس حكومة جديد، أو يتقدّم باستقالته الرسمية وتكليف حكومة عسكرية إنقاذية إنتقالية، تتصدّى للمشاكل الإقتصادية والمالية ومحاربة الفساد ونهب المال العام وتنظيم انتخابات نيابية مبكرة، علّها تُجدّد شباب وحيوية الطاقم السياسي المفترض به أن يعيد تثبيت مؤسسات الدولة ويُصلح أحوالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويستعيد للبلد سيادته واستقلاله وحفظ نظامه الأساسي وكيانه التاريخي.