أكّد البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الرّاعي، في عظة الأحد، أن "الإنتفاضة الشَّبابيَّة عندنا، مع كبارٍ وفتيان، ونساءٍ وفتيات، من جميع الطَّوائف والمذاهب والمناطق، هي في جوهرها، منذ ستَّةٍ وأربعين يومًا، "إعتراضُ الضَّمير"، وحجبُ الثّقة عن الجماعة السّياسيَّة بكلّ تراتبيَّتها. إنّها "انتفاضةٌ لبنانيَّةٌ بهيَّة" محرَّرةٌ من كلّ التَّبعيَّات إلى الخارج، أو إلى هذه أو تلك من الدُّوَل. بل "إنَّها تفكّ الارتباط بأزمات المنطقة لأنَّها إنتفاضة شعبٍ حُرٍّ غير مرتهن".
ولفت الى أن "الكنيسة تُعلِّم أنَّ السُّلطة السّياسيَّة لا تأخذ شرعيَّتها من ذاتها، وليس لها أن تتصرَّف تصرُّفًا ظالمًا ومستبدًا. بل عليها أن تسعى في سبيل الخير العامّ. فلا تُمارَس ممارسةً شرعيَّةً إلاّ إذا سعت إلى تأمين خير الجماعة. وإذا حدَثَ أن اتَّخذ المسؤولون تدابير تُنافي الخير العامّ والنّظام الأخلاقيّ، فالجماعة ليست ملزمةً ضميريًّا بهذه التَّدابير بسبب الاستبداد. ويتكلَّم القدّيس بطرس الرَّسول، في هذا الإطار، عن "إعتراض الضَّمير".
وشدد البطريرك الراعي على "أننا نؤمن إيمانًا ثابتًا أن ولادة لبنان الجديد ستكون ثمرة هذه الانتفاضة"، موضحًا أنه "هنا تكمن عقدة الأزمة السّياسيَّة في لبنان، أزمة تشكيل حكومة "تكون حكومة إنقاذ مصغَّرة بوجوهٍ ذات تراثٍ وطنيّ وغنيَّةٍ بخبراتٍ ومنيعةٍ بتجارب". لكنَّ قرار تشكيل مثل هذه الحكومة يقتضي وجود "رجال دولة" على قدر المستوى، يضعون خير البلاد وشعبها وكيانها فوق كلّ اعتبار. غير أنَّنا نستبعد بكلّ أسف أن يتَّخذ مثل هذا القرار القابضون اليوم على السُّلطة السّياسيَّة. فلو قدروا لما أوصلوا الدَّولة إلى السُّقوط الاقتصاديّ وإلى حافَّة الإفلاس الماليّ، وإلى إفقار الشَّعب، وإقفال العديد من المؤسَّسات الصِّناعيَّة والتِّجاريَّة، وإضعاف المدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسَّسات الاجتماعيَّة من خلال إضعاف قدرة الشَّعب".
وكشف عن أنه "آن الأوان، كما قال قداسة البابا فرنسيس، ليجلس القابضون على السُّلطة السّياسيَّة على طاولة حوارٍ وجدانيّ لإنقاذ الدَّولة من الموت في مناسبة يوبيل مئويَّتها الأولى، خالعين عنهم ثياب مواقفهم المتحجِّرة ومصالحهم الرَّخيصة وحساباتهم البخيسة، ويقول كلُّ واحدٍ منهم في قرارة نفسه "خطيئتي عظيمة"، معتبرًا أن "الانتفاضة الشَّعبيَّة تواصل تحريك ضمائر المسؤولين السّياسيّين وإيقاظها من سُباتها. ونحن من جهتنا نواصل الصَّلاة إلى الله كي يُنير عقولهم ويَهديهم إلى الحلّ المنقذ".