وترى بعض المراجع أن الثنائية الشيعية تقف وراء وقف اندفاع قصر بعبدا نحو البحث عن بدائل للحريري والتلويح بأسماء المرشحين، وأن حزب الله وحركة أمل ما زالا يعتبران أن المخرج الأمثل يكمن في التوافق على صيغة حكومية تأخذ جديا بالاعتبار التطور الدراماتيكي الذي حصل في البلاد منذ 17 أكتوبر الماضي، تاريخ اندلاع الحراك المدني، لكنها لا تنقلب على التوازنات السياسية التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة.
ويستبعد مراقبون سهولة قبول الرئيس عون والتيار العوني بالتخلي عن شرط مشاركة باسيل في الحكومة العتيدة، وأن تلبية طلب كهذا سيعتبر هزيمة للعهد وللتيار الوطني الحر.
وتروج أنباء تتحدث عن إمكانية أن يتولى الحريري نفسه إقناع عون، خصوصا وأن حزب الله يحاول أن لا يخسر الغطاء السياسي المسيحي الذي وفرته العونية السياسية له منذ التوقيع على ورقة التفاهم الشهيرة بين عون وأمين عام حزب الله حسن نصرالله عام 2006.
ويقول مراقبون أن صيغة حكومة تكنوسياسية ليست الصيغة التي يريدها الحريري. فقد تمسك بأن تكون الحكومة من الخبراء والاختصاصيين وخالية من السياسيين، وسربت أوساطه أن هذا الشرط مضاف إلى شروط منحها الصلاحيات الاستثنائية والذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة بعد سن قانون جديد للانتخاب، بقيت شروط الحريري للموافقة على دعم شخصية سنية أخرى لتشكيل الحكومة المقبلة.
ويضيف المراقبون أن الحريري ظل متمسكا بشروطه حتى بعد أن حاول تحالف الثنائية الشيعية والتيار الوطني الحر وأذرع مشبوهة تحريك الشارع والتهويل بالحرب الأهلية.
ويخلص المراقبون إلى أن أي مرونة في موقف الحريري بهذا الصدد قد ينهل مبرراته من الحرص على السلم الأهلي والتخوف من انفلات الأمور، لكنه يستوحي مسبباته من مزاج دولي ضاغط لم يعد يسمح للفرقاء المحليين بهامش مناورة رحب في هذا الصدد.
وتتخوف العواصم الأوروبية مما قد تسببه الفوضى من تداعيات على استقرار أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري في لبنان، وما يمكن أن يسببه الأمر من تسونامي هجرة باتجاه أوروبا.
كما أن بعض العواصم، ولاسيما باريس وواشنطن وموسكو وروما، معنية مباشرة بأسواق الطاقة الواعدة في المياه اللبنانية، خصوصا وأن الولايات المتحدة تتولى، من خلال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، رعاية مفاوضات لبنانية إسرائيلية لتسوية النزاع الحدودي، البري والبحري، بين البلدين.
وتدعو باريس ولندن إلى عدم مواجهة حزب الله من خلال حكومة تكنوقراط، خصوصا وأن حزب الله وضع حكومة تكنوسياسية كسقف لا يمكنه التراجع عنه لأن ذلك سيعتبر هزيمة أمام الرأي العام في لبنان.
ويقول مقربون من الحزب، إن تمسك حزب الله بالحريري رئيسا للحكومة يعود، إضافة إلى ما يمتلكه من اتصالات عربية ودولية كما لدى المؤسسات المالية الكبرى، إلى تعهده السابق والحالي على عدم إثارة موضوع “سلاح المقاومة”، وتجنب الخوض في المسائل الإشكالية المتعلقة بالمشهدين، الإقليمي والدولي.