أجمل الأمهات كنّ يوم أمس الخط الفاصل بين الحرب والسلام وسينتصرن فلا لعودة الملاجيء ولا لعودة خطوط التماس ولا لعودة الفرز الطائفي إنه لبنان المحبة والوعي والسلام.
رفضا لمنطق الحرب الأهلية، ورفضا للعبة الطائفية التي ذهب إليها البعض خلال اليومين الماضيين، خرجن أمس بصوت واحد وقبضة واحدة ليعدن الأمل بلبناننا الجميل الذي نريده دائما خارج الطوائف والمذاهب لبنان الوطن والدولة والهوية والإنتماء.
أمهات لبنان يوم أمس قدّمن أروع الصور وأجمل اللحظات في التعبير عن رفض ذلك الليل الأسود، فبدأ النهار معهم أكثر بياضا وإشراقا ومحبة، قطعن دابر الفتنة، تحدّين إرادة الحرب بإرادة السلام، بإرادة المحبة وبإرادة الورد، رسمن أجمل اللوحات عن لبنان الواحد، لبنان الذي نريده جميعا.
أمهات لبنان النموذج الأروع في تحدي التهديد بعودة الحرب الأهلية، النموذج الأروع عن الوعي والمسؤولية، وقد كنّ أكثر وعيا ومسؤولية من غواغائية الأحزاب والسياسيين الذين أرادوا دائما أن يكون هذا البلد بلد الطوائف المتناحرة وبلد العصبيات المذهبية والطائفية، لكن هؤلاء الأمهات قطعن دابر الفتنة وكل المحاولات باستعادة الحرب الأهلية.
مع الأمهات في بيروت، ومن عين الرمانة إلى الشياح تحولت "خطوط التماس" إلى خطوط المحبة والسلام، لتمتد حركة الوعي إلى طرابلس عروس الثورة فخرجت تلك الأمهات لترسم ملامح جديدة في عاصمة الشمال ضد الطائفية التي أراد البعض جرّ البلاد إليها لتحسين شروطه السياسية في بلد لم تبق منه الطائفية والمذهبية شيء.
انتفاضة الأمهات يوم أمس أعطت المزيد من الأمل بولادة لبنان جديد وأكدت من جديد أن هذا الشعب كل الشعب لم يرد يوما سوى بناء الدولة والمؤسسات، ولم يرد يوما سوى دولة القانون، ولم يرد لبنان إلا مساحة للتلاقي والمحبة، وقد كسرت الإنتفاضة المستمرة منذ أكثر من أربعين يوما كل أصنام الطائفية والمذهبية ليكون اللبنانيون جميعهم أمة واحدة وشعبا واحدا ضد الطائفية السياسية والحزبية.
لبنان بعد 17 تشرين الأول ليس كما قبله ولن يكون، هذه حقيقة تتأكد كل يوم جديد من يوميات الثورة، وهؤلاء اللبنانيون الذين خرجوا وما زالوا في الساحات لن يعودوا بلا وطن، لن يعودوا بلا نظيف خال من الفساد والطائفية، ولن يعودوا إلى محاور الإنقسام السياسي والطائفي هذا حلمهم وسيتحقق بالمزيد من الوعي والمزيد من الإصرار والمزيد من التحدي.
أجمل الأمهات كنّ يوم أمس الخط الفاصل بين الحرب والسلام وسينتصرن فلا لعودة الملاجيء ولا لعودة خطوط التماس ولا لعودة الفرز الطائفي إنه لبنان المحبة والوعي والسلام.