بعد ان اختلفت وجهات النظر بين اعضاء الهيئات الاقتصادية حول اعلان الاضراب العام في اجتماع سابق لها، وافق الاعضاء امس بالاجماع على هذا القرار، بعد ان اصبحت مقولة «اذا سَكَّرْنا مْنِربَح ما مْنِخسَر» تنطبق على وضع القطاع الخاص والمؤسسات والشركات.
ورغم ان الهيئات الاقتصادية تنفي ان تكون قد اتخذت قرار الاضراب خدمة للقطاع المصرفي الذي تتزايد الضغوط عليه يوماً بعد يوم، إلا ان المصارف التي تبحث عن أي عذر للاقفال، ستقفل أبوابها من جديد للمرة الثالثة في غضون شهر ونصف، مما سيزيد من نقمة المواطنين والمودعين، ويثير من جديد حالة هلع وتهافت على المصارف اليوم وغداً.
شماس
في هذا الاطار، اوضح رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس لـ«الجمهورية» انّ الهيئات الاقتصادية تتصرّف بتأنٍّ لأنها حريصة على اقتصاد البلد، وكانت تواكب الاحداث وتعطي المسؤولين في السلطة فرصاً متتالية «نظراً لأن الاجواء كانت توحي بأن الحلّ في متناول اليد. لكنّ اليأس والغضب العارم ينتاب الهيئات الاقتصادية اليوم بعد مرور 40 يوماً على الاحتجاجات والشلل الحكومي».
واكد انّ هناك إجماعاً ضمن الاعضاء كافة على الاضراب والاقفال لأنّ المنحى أصبح انحدارياً «وهناك خطورة مطلقة لأننا خرجنا من الأزمة العابرة ومن الأزمة الهيكلية وأصبحنا في الأزمة الوجودية».
وأشار شماس «الى انّ 50 في المئة من المؤسسات والشركات لا يمكن ان تستمرّ وتصمد 6 أشهر. وستقوم غالبية المؤسسات بصرف العمال اواخر الشهر الحالي وخفض رواتب موظفيها أو عدم دفعها بالكامل. وبالتالي لا يمكن للهيئات الاقتصادية ان تبقى صامتة تجاه هذا الواقع».
واكد «اننا دخلنا اليوم المرحلة القاتلة، حيث باتت الضرورات تبيح كل المحظورات. مشدداً على انه مع تراجع اعمال الشركات بنسبة 80 في المئة، «لم يعد امامها سوى المفاضلة بين دفع الضرائب للدولة او للموردين او تسديد الفوائد المصرفية أو دفع رواتب موظفيها. وهي بالتأكيد ستعطي الاولوية لرواتب موظفيها الذين تعتبرهم «خطاً أحمر».
وقال: «الخسارة مفتوحة إذا اقفلت المؤسسات ابوابها أو فتحتها. لكن اقفال مؤسسات القطاع الخاص يشكل ضغطاً معنوياً على الطبقة السياسية المُطَالَبة بالوقوف وقفة تأمّل وضمير».
أضاف: «نستصرخ ضمائر المسؤولين لأننا اليوم «على آخر رمق»، ولن نتوقف عن التصعيد لأننا لا نملك ما نخسره. واذا لم تتشكّل الحكومة سنتوجّه نحو التصعيد في الاسابيع المقبلة».
وشدّد شماس على «انّ الهيئات الاقتصادية تعيد رمي كرة النار في ملعب السياسيين المسؤولين عن حملها. أما دور الهيئات فهو المحافظة على ديمومة العمل والاقتصاد اللبناني الذي لم يمرّ منذ ايام العثمانيين في ظروف خطرة كالتي يمرّ بها اليوم».
وفيما لفت الى انّ المشكلة هي مالية تحوّلت الى نقدية ومصرفية، فاقتصادية، أشار الى انّ انقطاع السيولة عن القطاع الخاص، قطع عنه الاوكسيجين. محمّلاً السلطة السياسية مسؤولية ما آلت اليه الامور، ومطالباً بتشكيل حكومة تعطي الثقة للمجتمع المدني ومجتمع الاعمال والمجتمع الدولي.
ونظراً لتسارع الأحداث في البلاد، ولخطورة التحديات التى يواجهها القطاع التجاري، يعقد شماس اجتماعاً طارئاً اليوم لوضع أعضاء الجمعية في أجواء التحرّكات التي تقوم بها جمعية تجار بيروت لحماية القطاع التجاري، وللتداول بالقرارات المصيرية التي ينبغي على القطاع التجاري أن يتّخذها مجتمعاً لإنقاذ نفسه، وتفادياً للوقوع في المحظور.
الهيئات الاقتصادية
وكانت الهيئات الاقتصادية اللبنانية قد عقدت في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيسها الوزير محمد شقير ومشاركة أعضاء الهيئات، تمت خلاله متابعة مختلف التطورات الحاصلة في البلاد، لاسيما عدم تشكيل حكومة جديدة وتفاقم الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
بعد جولة مناقشات مطولة، أصدر المجتمعون البيان الآتي:
بعد مرور 40 يوماً على الحراك في الشارع، و30 يوماً على استقالة الحكومة، وبعد تفاقم الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية الى مستويات غير مسبوقة تهدد بسقوط الهيكل، وبعدما باتت آلاف المؤسسات مهددة بالاقفال وعشرات آلاف الموظفين والعمال مهددين بفقدان وظائفهم، وبعدما بات واضحاً عدم تحمل القوى السياسية مسؤولياتها الوطنية وعدم إظهارها الجدية اللازمة لإنتاج حلول للأزمة الراهنة، ومن أجل الحفاظ على ما تبقى من قدرات، ووقف تآكلها بفعل إطالة أمد الأزمة، ومن أجل الضغط لتشكيل حكومة تستجيب لتطلعات الشعب وتكون قادرة على مواجهة التحديات الهائلة ومعالجة الأزمات، وتعيد الثقة بلبنان في الداخل ولدى المجتمع الدولي.
قررت الهيئات الاقتصادية وبالاجماع الدعوة الى تنفيذ الاضراب العام والاقفال التام لكل المؤسسات الخاصة على مساحة الوطن ايام الخميس والجمعة والسبت الواقعين في 28 و29 و30 تشرين الثاني الجاري.
وأكدت الهيئات انّ تحركها التصعيدي لن يهدأ حتى تشكيل الحكومة المطلوبة، وهي ستعلن تباعاً الخطوات التصعيدية التي ستنفذها خلال الفترة المقبلة.