اشار البطريرك الماروني بشارة الراعي الى ان الشَّجاعة نفتقدها عند أصحاب القرار السّياسيّ عندنا في لبنان، غير القادرين على اتّخاذ القرار الشّجاع، لصالح لبنان وشعبه، لأنَّهم ما زالوا أسرى مصالحهم ومواقفهم المتحجِّرة وارتباطاتهم الخارجيَّة وحساباتهم. لكنَّنا والحمد لله نجد هذه الشَّجاعة عند شعبنا، بكباره وشبَّانه وصباباه، في انتفاضتهم السِّلميَّة والحضاريَّة منذ سبعةً وثلاثين يومًا. هؤلاء من كلّ المناطق اللّبنانيَّة والطَّوائف والمذاهب والأحزاب، من دون أن يعرفوا بعضهم بعضًا، التقوا أخذوا قرارهم الشُّجاع والحُرّ. فطالبوا بإجراء الاستشارات النّيابيَّة وفقًا للدُّستور، وتشكيل حكومةٍ جديدةٍ بأسرع ما يمكن، توحي بالثِّقة وتُباشر الإصلاح ومكافحة الفساد وإدانة الفاسدين، واستعادة المال العامّ المسلوب إلى خزينة الدَّولة، وإيقاف الهدر والسَّرقات. حكومةٌ تبدأ بالنُّهوض الاقتصاديّ بكلّ قطاعاته، من أجل خفض العجز، وتسديد الدَّين العامّ المتفاقم، ورفع الماليَّة العامَّة. قرارهم رفض أنصاف الحلول، والوعود الكلاميَّة، لأنَّهم شبعوا منها، وقد بلغت بالدَّولة إلى حدّ الإفلاس، وبالشَّعب إلى الفقر والجوع، وبالشَّباب والأجيال الطَّالعة إلى الهجرة بحثًا عن أوطانٍ بديلة. أمَّا اليوم فقرارهم هو البقاء على أرض الوطن ووضع حدٍّ للذين أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه اليوم
اضاف الراعي في عظة الاحد من بكركي، لقد حقَّق هؤلاء المنتفضون اليوم ما قاله المكرَّم البطريرك الياس الحويّك، رئيس البعثة اللُّبنانيَّة إلى مؤتمر الصُّلح في فرساي سنة 1919 ومهندس قيام دولة لبنان الكبير: "لا يوجد في لبنان طوائف، بل طائفةً واحدةً إسمها الطَّائفة اللُّبنانيَّة. لبنانيُّون نحن وسنبقى لبنانيِّين متَّحدين في وطنيَّةٍ واحدة. لذلك ما يهمُّنا، في الذي يدير شؤون وطننا، تعلُّقَه بالعدالة والرَّأفة، لا بمعتقداته الدِّينيَّة. فليبارك الله كلّ الذين يريدون خير لبنان، إلى أيَّة طائفةٍ انتموا".