تباينت ردود الفعل حول الأخبار التي تناولتها وسائل الإعلام المصرية، عن استبعاد نجل رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، من جهاز المخابرات العامة، وإلحاقه بمهمة عمل طويلة الأمد في روسيا، على خلفية المعلومات التي كشفها المقاول والفنان محمد علي، عن دور "محمود السيسي"، في إدارة المشهد المصري، خلال الفترة الماضية.
 
 
وبحسب خبراء تحدثوا لـ"عربي21"، فإن المعلومات التي راجت عن استبعاد نجل السيسي، يجب أن يتم التعامل معها بنسبة 50 بالمئة إلى 50 بالمئة، مؤكدين في الوقت نفسه، أن الخبر في حد ذاته، وبصرف النظر عن صحته، يؤكد وجود صراع نفوذ بين الأجهزة التي تتحكم في المشهد السياسي والأمني بمصر.
 
 
وكان موقع "مدى مصر"، نقل عن مصدرين منفصلين بجهاز المخابرات العامة المصرية، أن السيسي استجاب لنصيحة ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، خلال زيارته الأخيرة المفاجئة للإمارات، باستبعاد محمود السيسي، من المشهد خلال الفترة المقبلة لتهدئة الأوضاع السياسية، التي أعقبت فيديوهات محمد علي عن الفساد في الجيش، وسيطرة السيسي الابن على القرار السياسي.

وكشفت المصادر عن نصائح أخرى تلقاها السيسي في هذا الإطار، ما دفعته في النهاية لإيفاد نجله لرحلة عمل طويلة، كملحق عسكري في العاصمة موسكو، دون تأكيد الحكومة المصرية لهذه الملعومات.


وأرجعت المصادر، أن السيسي اتخذ هذه الخطوة، بعد فشل الخطط التي وضعها نجله للسيطرة على الوضع الداخلي، منذ تعديلات الدستور التي أجريت منتصف العام الجاري، وقبلها إدارة ملف الانتخابات الرئاسية، التي أثارت الجدل حول غياب أي منافسين لرئيس نظام الانقلاب، بالإضافة للإخفاقات على الصعيد الداخلي، ما أدخل النظام في أزمة مظاهرات في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي.


الاستعانة بالمشير


ويؤكد عضو مجلس الشوري المصري السابق طارق مرسي، لـ"عربي21"، أن مصادر مختلفة تحدثت عن وجود أزمة داخل المؤسسة العسكرية، بعد أحداث 20 أيلول/ سبتمبر الماضي، وأن هناك حالة متزايدة من عدم الرضا عن أداء السيسي والمقربين منه.


ويوضح مرسي، أن السيسي استعان مؤخرا بالمشير حسين طنطاوي، لتهدئة الأوضاع، وتخفيف حدة الغضب بين القيادات العسكرية الحالية والسابقة، التي كان لها تحفظات على إدارة السيسي، وتدخلات نجله في شؤون الحكم، وكذلك أسلوب إدارة رئيس المخابرات عباس كامل، للمشهد السياسي والأمني.

ووفق مرسي فإن طنطاوي عقد اجتماعين بين قيادات الجيش مؤخرا، منها اجتماع حضره رئيس الأركان المقال محمود حجازي، وقيادات أخرى زاملت السيسي خلال رئاسة طنطاوي للمجلس العسكري، وخلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي.
 
 
ويشير مرسي إلى أن استعانة السيسي بطنطاوي له أكثر من دلالة، مؤكدا أن الاحتقان موجود، وقد يكون إبعاد نجل السيسي، نتيجة لما جرى في هذه الاجتماعات لتهدئة مخاوف القيادات، واستمرار تقديم الدعم للسيسي، باعتباره ممثلا للمؤسسة العسكرية، ولأن سقوطه أو انهياره، سيكون كارثة على المؤسسة ككل، وليس على شخص السيسي فقط.
 
 
ديكتاتورية السيسي
 
 
وعلى عكس الرأي السابق، يستبعد الكاتب الصحفي سليم عزوز، صحة المعلومات الخاصة بإبعاد نجل السيسي، مؤكدا في حديثه لـ"عربي21"، أن سيطرة الأب على المؤسسة العسكرية، لا يعطي فرصة لأي شخص بالتدخل في مثل هذا الملف، خاصة أن ما تم نشره، لا يتناغم مع شخصية السيسي التي ظهر عليها مؤخرا، وإصراره على الخطوات التي يتخذها دون النظر لردود الفعل، وهو ما عبر عنه في إحدى مؤتمراته مؤخرا بقوله: "اللي مش عاجبه يتفلق".
 
 
ويشير عزوز إلى أن المعلومات الخاصة بمحمود السيسي، لم يتم تأكيدها أو نفيها من النظام المصري، وبالتالي فإن نسبة صحتها من عدمها متساوية، موضحا أن الصراعات داخل الأجهزة الأمنية في نظام الانقلاب موجودة، وتزيد من فترة لأخرى، ولكن الوضع في النهاية يؤكد أن السيسي لا يستجيب بسهولة لأي نصائح متعلقة بشكل أو طريقة إدارته لشؤون الحكم.
 
ويتساءل رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري عمرو عادل، قائلا: "هل فعلا ما حدث إبعاد لمحمود السيسي، أم إنه إعادة لتوزيع الأدوار ومراكز القوة داخل دائرة النظام المقربة، خاصة أن أي حديث بناء على افتراض خاطئ، يمكن أن يحرك المشهد السياسي، في مسارات خطيرة كما حدث مؤخرا".
 
 
ويؤكد عادل لـ"عربي21"، أن توازن القوى في مصر، لا يشير إلى إمكانية حدوث هذه الخطوة، حيث تتركز السلطة بشكل كبير داخل دائرة مصغرة، وإن كان هذا لا ينفي وجود صراعات داخل هذه الدائرة، ولكنها تظل صراعات مكتومة تحت السطح، ولا تصل في قوتها لإجبار رأس النظام على اتخاذ مثل هذا القرار، إلا في حالة واحدة وهي أن انهيار نظامه دخل مرحلة خطيرة، كما حدث مع مبارك في أيامه الأخيرة بالحكم.
 
 
ولا يستبعد رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، أن يكون نجل السيسي في مهمة عمل بروسيا بالفعل، ولكنها مهمة غامضة، ولها أسباب أخرى غير تلك التي يتم تداولها في الإعلام، للتخديم على مشروع السيسي الخاص بالهيمنة والسيطرة والمصالح الخاصة.