ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية لائحة الاتهام التي قُدّمت يوم الخميس ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي من المرجح أن تخلق وضعا فريدا من نوعه في تاريخ البلاد، وتؤدي إلى اتخاذ قرارات قضائية غير مسبوقة.
وفي تقريرها، قالت الصحيفة إنه خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، سيتعين على النظام السياسي الإسرائيلي أن يتكيف مع الوضع الجديد، حيث يسعى نتنياهو للحصول على حصانة من لائحة الاتهام. وتعدّ هذه القضية خطيرة، حيث سيتعين على المشرعين الإسرائيليين معالجتها، ربما عن طريق التشريعات. وفي الواقع، فإن رئيس مجلس الدولة متهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في كل من القضية 4000 والقضية 1000 و2000.
هل سيحصل نتنياهو تلقائيا على حصانة من المقاضاة بسبب مكانته كعضو في الكنيست؟
تقول الصحيفة إن أمام نتنياهو 30 يوما للمطالبة بأن تمنحه الجلسة المكتملة للكنيست حصانة؛ حتى يتجنب المحاكمة الجنائية. لكنه في حال لم يفعل ذلك خلال الفترة الزمنية المحددة، فستبدأ الإجراءات القانونية ضده.
وأوردت الصحيفة أنه منذ إجراء أول انتخابات في إسرائيل هذا العام في نيسان، لم تُعيّن لجنة جديدة لمجلس النواب. لذلك، لا يوجد حاليا هيئة مخولة باتخاذ هذا القرار. وطالما لم تعقد لجنة مجلس النواب مناقشة بشأن طلب رئيس الوزراء لمنحه الحصانة، فلا يمكن تقديم لائحة الاتهام ضده.
من ناحية أخرى، يمكن للكنيست أن يقرر تعيين لجنة خاصة في مجلس النواب لعقد جلسة بناء على طلب نتنياهو بالحصانة. لكن بأي حال من الأحوال، ينبغي تبرير طلب نتنياهو للحصانة وأي قرار يقضي بالموافقة عليها على أساس أسباب الحصانة كما هو منصوص عليه في القانون الإسرائيلي.
في حال قررت لجنة مجلس النواب والكنيست بكامل هيئتها منح نتنياهو الحصانة، فيمكن للمدعي العام أفيخاي ماندلبليت أو أي مواطن آخر أن يستأنف القرار أمام المحكمة العليا. وعلى نفس المنوال، يمكن لنتنياهو أن يستأنف أمام المحكمة العليا إذا رفض الكنيست طلبه بالحصانة.
متى تبدأ محاكمة نتنياهو؟
أفادت الصحيفة بأنه من المرجح أن تستغرق إجراءات الحصانة، التي تسبق المحاكمة، وقتا طويلا. بعبارة أخرى، بمجرد اتخاذ القرار يصبح تقديم الاستئناف مؤكدا، ومن ثم تناقشه المحكمة العليا، وتصدر حكمها في نهاية المطاف، وهي عملية يمكن أن تمتدّ من ستة أشهر إلى عامين. ومع ذلك، يمكن أيضا تأخير الإجراءات الجنائية في المحكمة عن طريق الطلبات القانونية؛ لاكتشاف المزيد من الأدلة.
على الساحة السياسية، يمكن أن تنتهي الانتخابات الثالثة قبل بدء محاكمة نتنياهو. وقد تمنحه النتائج دفعة قوية لتعزيز التشريعات، التي من شأنها أن تؤخر اضطراره للمثول أمام المحكمة. ومن بين الاحتمالات الرئيسية التي أثيرت بالفعل تمرير نسخة من "القانون الفرنسي"، الذي لا يمكن بموجبه محاكمة رئيس الوزراء الحالي إلى أن يترك منصبه.
هل يتعين على نتنياهو أن يستقيل في حال وجهت إليه اتهامات؟
وأوضحت الصحيفة أنه بموجب المادة 18 من القانون الأساسي: تنص الحكومة على حالتين يتوجب فيهما على رئيس الوزراء الاستقالة من منصبه في حالة ارتكاب تجاوزات، تتمثل الأولى في قرار صادر عن أغلبية الكنيست بعد إدانته من طرف محكمة ابتدائية بجريمة تنطوي على الفساد الأخلاقي. أما الحالة الثانية، فتتمثّل في إدانة مؤكدة على كل مستوى من مستويات الاستئناف. وطبقا للقانون الأساسي، في كلتا الحالتين، ستحدث استقالة رئيس الوزراء في أعقاب إدانته، وليس خلال مرحلة الاتهام.
من جهة أخرى، إن قرار المحكمة العليا لسنة 1993 قد يغير الأمور بالكامل. ويذكر أنه قبل ستة وعشرين عاما، حكمت المحكمة، فيما أصبح يُعرف باسم "سابقة ديري-بنشاسي"، بإقالة رئيس الوزراء حينها إسحاق رابين للوزير أرييه درعي ونائبه رافائيل بنشاسي؛ بسبب اتهام خطير ضدهما.
وفي الواقع، يمكن للمحكمة من خلال إثارة هذا الحكم أن تأمر نتنياهو بالاستقالة، على الرغم من الشروط التي يمليها القانون. وهناك حجة أخرى ينبغي طرحها، وهي أن قرار رئيس الوزراء بالبقاء في منصبه بمجرد اتهامه، وفي خضم الإجراءات القانونية، يؤثر بشكل خطير على قدرته على أداء وظيفته نيابة عن الشعب.
وأشارت الصحيفة إلى أن نص القانون يسمح لرئيس الوزراء بالبقاء في منصبه أثناء محاكمته إلى حين صدور حكم نهائي بعد تقديم الطعون. ومع ذلك، لا يمكن الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بما إذا كان يمكن لرئيس الوزراء العمل بموجب قرار اتهام، أو ما إذا كان يحق له تشكيل الحكومة المقبلة، إلا استنادا إلى تفسير قانوني للقانون.
وبناء على المحاكمات السابقة للمسؤولين المنتخبين، فإنه من المتوقع أن تمتدّ الإجراءات القانونية لنتنياهو على مدار سبع سنوات. فعلى سبيل المثال، قُدّمت لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت في سنة 2009، ثم أيدت المحكمة العليا الإدانة في سنة 2016.
ما هي العقوبة المحتملة التي قد تصدر عن الجرائم التي اتهم بها نتنياهو؟
ذكرت الصحيفة أن العقوبة القصوى على الرشوة هي 10 سنوات في السجن. ولكن من الناحية العملية، لم تفرض المحكمة قط العقوبة القصوى على المسؤولين المنتخبين الذين أدينوا بالرشوة.
ويُذكر أنه حكم على أولمرت بالسجن لمدة 19 شهرا بتهمة الرشوة. بشكل عام، الحد الأقصى للعقوبة على جرائم الاحتيال وخرق الأمانة هو السجن لمدة ثلاث سنوات.
ومن بين الفوائد التي سيحظى بها نتنياهو، في محاولة تأجيل الإجراءات القانونية، هي سنّه في وقت إصدار الحكم. فإذا كان نتنياهو يبلغ من العمر 77 سنة بحلول موعد انتهاء المحاكمة، فمن المرجح أن تأخذ المحكمة سن المدعى عليه بعين الاعتبار عند إصدار الحكم.