ولم يقتصر الرد على هذا التحرك، بل أخضع نشطاء صورا بثها مكتب عبدالمهدي للقائه بشيوخ العشائر إلى التحليل، واستخرجوا منها وجوه زعماء قبائل يجلسون في مكتب رئيس الوزراء، ونشروها في وسائل التواصل الاجتماعي، مع وسم “خونة”.
وبعدما انتشرت صور “الشيوخ الخونة” كالنار في الهشيم، مع تفاعل سلبي كبير ضدها، اضطر بعض زعماء القبائل إلى إصدار توضيحات تشير إلى أنهم لم يداهنوا عبدالمهدي، بل طالبوا بدماء ضحايا ثورة أكتوبر.
وخلقت هذه التعليقات موجة رفض عامة سرعان ما وصلت أصداؤها إلى مجالس شيوخ عشائر آخرين تبين أنهم رفضوا دعوة عبدالمهدي.
وقال متظاهرون إنهم أجروا اتصالات بنحو عشرين زعيم قبيلة وشيخ عشيرة في وسط وجنوب العراق أكدوا كلهم أنهم رفضوا دعوة للقاء مع عبدالمهدي.
ونقل المتظاهرون عن زعماء القبائل الذين أوردوا أسماءهم الكاملة وعنوانين مضايفهم، القول إنهم تلقوا اتصالات ملحة من مكتب عبدالمهدي، لكنهم رفضوا دعوته، مؤكدين أنهم أبلغوا رئيس الوزراء العراقي وقوفهم إلى جانب المتظاهرين، فيما حذروا من استغلال أسمائهم أو ظهور ممثلين عنهم في أي لقاء مع سلطات حكومية متورطة في قمع التظاهرات.
وطالب زعماء القبائل الذين رفضوا تلبية دعوة عبدالمهدي عناصر القوات الأمنية الذين ينحدرون من عشائرهم بعدم تنفيذ الأوامر الحكومية بقتل المتظاهرين.
وقال مراقبون إن لجوء الحكومة العراقية إلى هذا النوع من الإجراءات، يعكس درجة الانهيار التي بلغتها، وهي تواجه احتجاجات غير مسبوقة على مستوى الحجم ونوعية المطالب، معتبرين أن هذه التحركات الحكومية تصب في صالح حركة الاحتجاج لأنها تكشف تشبث عبدالمهدي بالسلطة وتزيد من زخم الغضب الشعبي ضد الأطراف الداعمة له.
ويوضح استدعاء شيوخ العشائر أن الطبقة السياسية في العراق، وعلى رأسها عبدالمهدي، قد شعرت باليأس من الدور الذي يمكن أن تلعبه المرجعية الدينية وهي سلاحها التقليدي في تهدئة الشارع، ولم تجد أمامها سوى اللجوء إلى أسلوب آخر للضغط على المحتجين.
وأكد مراقب سياسي عراقي لـ”العرب” أن هذا الالتجاء إلى العشائر لن يكون مؤثرا إلا في المناطق غير الحضرية، وهي مناطق لن يؤثر الوضع فيها على التظاهرات التي تشهدها مراكز المدن الرئيسية وفي مقدمتها العاصمة بغداد.
واستبعد المراقب أن يكون لهذا الأسلوب تأثير يُذكر بل قد ينعكس سلبا على الأوضاع الشخصية لكل من حضر ذلك الاجتماع الذي أطلق عليه المحتجون تسمية “اجتماع العار”، لافتا إلى أنه من المحتمل أن يفقد أولئك الأشخاص مكانتهم المعنوية داخل عشائرهم وتكون تلك مناسبة لكي يعلن المحتجون عن الانتهاء من طي صفحة العشائر وتمتين تمسكهم بالمجتمع المدني.