العديد من المتظاهرين يقيّمون الحزب ضمن الطبقة الحاكمة التي يلومونها على تدمير الاقتصاد والفساد وسوء الإدارة.
تجمّع الشباب وهم يهتفون “الشعب يريد إسقاط النظام!” خارج مكتب محمد رعد، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الله. أمسك أحد المتظاهرين بعصا وتوجه ناحية لافتة كتب عليها اسم رعد وانهال عليها ضربا حتى أوقعها، بينما كان آخرون يهتفون مشجّعين له.
كان هذا المشهد نادرا في مدينة النبطية الجنوبية، معقل حزب الله. لقد وحدت الاحتجاجات التي تجتاح لبنان الكثيرين عبر الخطوط الطائفية، حيث استهدف البعض القادة من طوائفهم، مما يدل على تحد جديد وغير مألوف للحزب الذي ظل لسنوات طويلة يحتكر دور حامي الشيعة في لبنان.
بنى حزب الله، المدعوم من إيران، سمعة بين المؤيدين كبطل للفقراء، ومدافع عن لبنان ضد جيش إسرائيل الأكثر قوة. وتمتع الحزب وحليفه الشيعي، حركة أمل، بدعم كبير بين الشيعة في لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية (1975-1990)، مما جعله قوة سياسية هيمنت على الحكومات الأخيرة.
لكن الآن يقيّم العديد من المتظاهرين حزب الله ضمن الطبقة الحاكمة التي ثاروا ضدها، ويلومونها على تدمير الاقتصاد والفساد وسوء الإدارة. يريد المحتجون أن تخرج النخبة السياسية بأكملها. وحتى زعيم حزب الله، حسن نصرالله، ورئيس حركة أمل، نبيه بري، لم يسلما من هذه المطالبات.
وهتف المتظاهرون في بعض مسيرات بيروت “جميعهم جميعهم، ونصرالله واحد منهم”. انتشرت المظاهرات التي اندلعت في 17 أكتوبر في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق التقليدية لحزب الله في الجنوب ووادي البقاع الشرقي.
وقال هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، “لقد شكلت المشاركة المكثفة للشيعة تحديا رئيسيا. هناك عدد كبير من الطائفة لا يقبل الوضع الحالي. لهذا السبب كان هناك قرار سريع وحاسم لمحاولة القضاء على هذه الانتفاضة في مهدها”.
وفي العديد من الحالات، قام رجال يُشتبه في أنهم من أنصار حزب الله بضرب المتظاهرين ودمّروا خيامهم. وظهر بعض الذين انتقدوا نصرالله وبرّي على وسائل التواصل الاجتماعي في فيديوهات، بعد تعرّضهم للضرب، للاعتذار عمّا فعلوه.
وقال هايكو ويمين، من مجموعة الأزمات الدولية، “حزب الله يتعرض الآن للهجوم من قبل الدائرة الانتخابية التي يمثلها. ومن الواضح أنها تجربة مثيرة للقلق بالنسبة للقيادة في الحزب”.
وقال حسن، متظاهر من مدينة صور الجنوبية، إنه يدعم “مقاومة” حزب الله ضد إسرائيل، واصفا إياها بأنها “خط أحمر” يجب عدم تقويضها. لكن سياساته الأخرى قصة مختلفة. وأضاف موضحا أن “صمت الحزب عن رموز الفساد من منطلق أننا لا نريد حربا أهلية، لكن هذه السياسات أضرت بالجنوب”.
وقال جو ماكرون، الباحث بالمركز العربي بواشنطن العاصمة، إن المؤيدين الأساسيين لحزب الله سيلتزمون بتأييدهم للحزب، لكن هذا الأخير يخاطر “بفقدان التمثيل الشيعي المطلق على الأرجح”.