خرق المسؤولون الصينيون الصمت الذي التزموا به منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية اللبنانية في 17 تشرين الأول الفائت. ففي حديث صحافي، ردّ المدير العام لإدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا في دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي تشينغ جيان وي على دعوة الأمين العام لـ"حزب الله"، السيد حسن نصرالله إلى التعاون مع الصين لتفادي الانهيار المالي، باعتبار أنّ الشركات الصينية "جاهزة لتأتي إلى لبنان وتستثمر بمليارات الدولارات، وتقوم بمشاريع انتاجية في لبنان، وتلتزم مشاريع مهمة في لبنان، وبأسعار مناسبة وهذا سيحرّك عجلة الانتاج والاقتصاد وسيؤمّن فرص عمل كبيرة".
وقال تشينغ: "سنكون دائماً أصدقاء وشركاء لدول الشرق الأوسط" ولكن "ليست لدينا النية أن نكون بديلاً من أميركا في لبنان، وليست لدينا القدرة على ذلك، لأن الصين ما زالت دولة نامية. وحتى لو أنها شهدت تطوراً أكبر، لن نسعى إلى ملء الفراغ". وأوضح المسؤول الصيني أنّ "الدعم الصيني سيزيد للدول النامية"، مقرّاً بأن التعاون مع الدول العربية يزعج البعض كالولايات المتحدة التي "تتخذ كل الاجراءات لاحتواء نفوذ الصين". وأضاف تشينغ أن "الولايات المتحدة هي أكبر دولة متقدمة في العالم، ولا نريد خوض حرب تجارية معها، ولكن إذا أصر الجانب الأميركي سنخوضها حتى نهاية المطاف".
لا يمكن فصل موقف بكين من كلام نصرالله عن حركة الوفود الصينية التي زارت بيروت ودمشق وبغداد مؤخراً بعدما تردد أنّها تسعى إلى اتخاذ لبنان منصة لإعادة إعمار سوريا. قبل أشهر قليلة، قرأنا عن نية الصين التي تعتبر لبنان "لؤلؤة متألقة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط" الاستثمار في لبنان وإنشاء سكك حديد تربطنا بسوريا وتطوير مطار القليعات وخلق 5 آلاف فرصة عمل وغيرها من الوعود البراقة- وذلك في إطار تعزيز مبادرة "الحزام والطريق".
وإذا كانت الصين قد ردّت بلسان تشينغ بصراحة على السيّد نصرالله، إلاّ أنّ تطورات المنطقة لم تغفل عنها، فقبل أيام، توجه المبعوث الصيني الخاص لشؤون الشرق الأوسط، تشاي جون، إلى إيران لبحث "التطورات الأساسية في المنطقة مع مسؤولين إيرانيين كبار"، وذلك في 21 تشرين الأول.
وفي حين وصف المسؤولون الإيرانيون العلاقات مع الصين بالاستراتيجية ودعوا بكين إلى لعب دور أكبر في الشرق الأوسط وسلطوا الضوء على إنجازات "محور المقاومة" على صعيد تغيير ميزان القوى في المنطقة، تحدّث جون عن أهمية "الاستقرار في المنطقة بالنسبة إلى الصين وعن ضرورة بناء علاقات سلمية بين إيران والسعودية"، بحسب تقرير نشره موقع "المونيتور" الأميركي. ورأى الموقع أنّ طهران وبكين تتشاركان مصالح استراتيجية على مستوى التأثير في النظام الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنّ ضغوط الولايات المتحدة الأميركية المتزامنة على البلدين وفّرت أرضية جديدة للتعاون، ومؤكداً أنّ إيران، المعارضة التقليدية لتدخل القوى الكبرى في المنطقة، تشجع الصين على الاضطلاع بنشاط أكبر في الإقليم.
على الرغم من الدور الصيني الكبير في دعم الرئيس السوري بشار الأسد، حيث نقضت الصين 7 قرارات أممية لصالح دمشق، وعلى الرغم من تحوّل الصين إلى شريك إيران التجاري الأول، ومصدرها الأول للتزود بالتكنولوجيا الحديثة وأكبر سوق لصادرات النفط الإيرانية، يتوخى الصينيون الحذر في أدائهم في المنطقة، خوفاً من تأثير أي تقدّم في علاقاتهم الإقليمية بعلاقاتهم الدولية البعيدة المدى.
فعن أهداف الصين، أكّد "المونيتور" أنّها تسعى إلى تعزيز علاقاتها ومصالحها الاقتصادية إلى أقصى الحدود في المنطقة، لافتاً إلى أنّها تحاول إبقاء علاقاتها مع السعودية وإسرائيل ومصر مستقرة. وعليه، قال الموقع إنّ الصين تتوخى الحذر على صعيد بناء علاقات وثيقة أكثر مع إيران.