في حين أنّ كثرة الأكل أمر طبيعي جداً، إلّا أنها تسبب الشعور بعدم الارتياح الجسدي وتحفّز الإحساس بالندم والذنب. وعلّقت اختصاصية التغذية، مالينا ملكاني، من نيويورك قائلة: «لا يوجد شيء واحد يسبب الإفراط في تناول الطعام عند الجميع، إنما الدوافع تكون خاصة بكل شخص».
ولكسر هذه الدورة، يجب على كل شخص تحديد المحفّزات الخاصة به، وأفضل طريقة للقيام بذلك تكمن من خلال تخصيص مذكّرات غذائية. وأكدت ملكاني أنّ «اليوميات الغذائية عبارة عن أداة ضخمة ثبُت علمياً أنها تساعد الأشخاص على إدراك وإعادة ضبط إشارات الجوع والشبع الجسدية».
واستناداً إلى «Harvard Health Publishing»، يجب أنّ تتضمّن المذكرة الغذائية كل شيء يتمّ استهلاكه، بما فيه السناكات والمشروبات. يجب تدوين ما تأكلونه، والكمية المتناولة وتوقيتها، بالإضافة إلى المكان الذي تجسلون فيه عند الأكل، ومَن يتواجد معكم، وماذا تفعلون أثناء الأكل، وكيف تشعرون قبل الأكل وخلاله وبعده.
كذلك أوصَت ملكاني بـ«تحديد حجم الجوع على مقياس من 1 حتى 10 قبل أي وجبة غذائية أو سناك، والقيام بذلك لأسبوع على الأقل قبل مراجعته. إنّ العديد من الأشخاص يجدون أنهم يأكلون أكثر مما يعتقدون، وانّ بعض الحالات، أو المأكولات، أو الناس، أو المشاعر تندرج ضمن المحفزات».
وعرضت في ما يلي أبرز 5 أسباب وراء الإفراط في تناول الطعام:
الأكل بِلا وعي
يبالغ العديد من الأشخاص في الأكل بسبب تشتّت أذهانهم، عادةً بالهواتف أو الشاشات الأخرى. غير أنّ الحرص ببساطة على التحلّي بيقظة أكثر قد يكون كافياً لردع عادة كثرة الأكل. كلما زاد التركيز على المذاق، والرائحة، والتركيبة، وكيف يبدو الطعام، كانت التجربة أكثر إرضاءً وأصبح الشخص أقل ميلاً للمبالغة في تناول الطعام.
الأكل العاطفي
من الشائع الإفراط في الأكل بسبب الحزن، أو العصبية، أو حتى السعادة. يصبح هذا الأمر مشكلة عندما يكون الاستراتيجية الوحيدة للتعامل مع الحالة. في الواقع، لا يوجد إطلاقاً أي طعام كاف لتخفيف الشعور بالوحدة، أو الحزن لأنه لا يتمّ حلّ المشكلة، إنما ببساطة مجرّد الأكل. بدلاً من ذلك، لا بدّ من الاستعانة بمجموعة من الأدوات غير الغذائية، مثل الاتصال بصديق، أو المشي، أو الرياضة، أو التأمل، أو تدوين مذكّرة، أو تمضية بعض الوقت في الطبيعة.
الأكل بسبب التوتر
وفق إحصاء عن التوتر في أميركا أجرته «American Psychological Association» عام 2014، فإنّ 38 في المئة من البالغين يفرطون في الأكل أو يستهلكون أطعمة غير صحّية بسبب التوتر. إنّ مستويات هورمون الكورتيزول ترتفع عند الشعور بالتوتر، ونتيجة ذلك تزداد أيضاً الشهيّة. فضلاً عن أنها تجعل الإنسان أكثر ميلاً لطلب المأكولات السكرية أو الدهنية. قد يكون لا مفرّ من التوتر، لكنّ تخفيف آثاره أساسي للصحّة على المدى الطويل.
وتشمل التقنيات الجيدة الخافضة للتوتر الرياضة المنتظمة، والتأمل، وتلقّي الدعم من العائلة والأصدقاء.
حذف الوجبات
إنّ تقييد الغذاء قد يُلحق الضرر بمعدل السكر في الدم، ما يجعل الشخص أكثر ميلاً للمبالغة في الانغماس الغذائي. من المهمّ جداً تطوير روتين الوجبات وتركيبة السناكات. وكلما اعتاد الجسم على تناول الطعام في أوقات مستقرّة نسبياً على مدار اليوم، انخفض احتمال الشعور بجوع مُبالغ وبالتالي التعويض بكثرة الأكل. في حال الشهيّة على طعام معيّن، يمكن الحصول على كمية صغيرة ثمّ التوقف عن ذلك. أظهرت الأبحاث العلمية أنه عندما تتمّ المبالغة في التقييد، يشعر الإنسان بمزيد من الحرمان يدفعه لاحقاً إلى الإفراط في الطعام.
الأطعمة المصنّعة والمشروبات
إنّ المأكولات المصنّعة تُهضم سريعاً، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل السكر في الدم، يليه انخفاض يولّد الشعور بالجوع. ناهيك عن أنّ العلماء يعتقدون أنّ السكريات تملك التأثير ذاته على مستقبلات الدوبامين في الدماغ، والشركات الغذائية تنفق الملايين لِحثّ الشخص على طلب المزيد، بحسب دراسة نُشرت عام 2012 في «Current Topics in Behavioral Neurosciences».
الحلّ يكمن بالانتقال إلى البدائل الأخرى التي تكون قيمتها الغذائية عالية بحيث إنها تجمع بين البروتينات، والدهون الصحّية، والألياف. إنها تزوّد الجسم بطاقة أكثر ثباتاً وأطول أمداً. ومن جهة أخرى، لا بدّ من الحذر من الكحول بما أنها تستطيع خفض الموانع والتسبّب بالمبالغة في المأكولات غير الصحّية.