كان سماحة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي(والذي أطلق عليه سماحة السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله لقب حسين العصر) قد تفضّل علينا قبل حوالي ثلاثة أسابيع، بجملة من الإرشادات والنصائح والتوجيهات، وهي مُوجّهة للمنتفضين "الثائرين" في كلٍّ من العراق ولبنان، فقد هالَ سماحة المرشد خطورة مكائد ودسائس أميركا والكيان الصهيوني وبعض الدول الغربية، لإثارة الفتنة والشغب، والتّسبُب باضطرابات أمنية في كلا البلدين الشقيقين "العربيّين"، والموضوعين تحت سيطرة وعناية وحماية النظام الإيراني، والذي يقوده المرشد الأعلى الخامنئي، وختمَ المرشد نصائحه "الغالية" بدعوة الناس إلى تحقيق مطالبهم ضمن "الأطر والهيكليات القانونية لبلدهم"، لأنّه متى انهارت هذه الهيكليات يستحيل القيام بأي عمل.
لم يأخذ "ثوار" لبنان والعراق بنصائح المرشد الأعلى، ولو كان زمام الأمور بيدهم، لتوجّهوا لسماحته بنصيحة غالية: وقفُ التدخلات في دول الجوار، في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزّة، وهذا يُوفّر على إيران المال والرجال والعتاد، فلا تضطرّ بعد ذلك إلى مدّ يدها إلى جيوب الفقراء، وهذا مطلب شعبي وضرورة وطنية إيرانية، ولعلّه أجدى وأخف لبَكة للجميع، فاليوم وبعد ثلاثة أسابيع من توجيه إرشادات المرشد، يُفاجأ سماحته باندلاع الانتفاضة الشعبية الإيرانيية في عُقر داره، ونُصب عينيه وتحت قدميه، تُرى، يا سماحة المرشد عندما كُنتَ تتوجّه لنا وتوصينا بالحذر والحرص من مكائد الامبريالية الأميركية-الصهيونية، كيف فاتكم ولم يلفت انتباهكم تسلُّل هذه المكائد إلى عرين الثورة الإسلامية، فينتفض الشعب الإيراني الصابر ويُضحّي بالغالي والنفيس ليُطالب بتصويب مسار الثورة والنظام، ويضع الإصبع على الجرح، والعلاج واحد وفي متناول اليد وهو عند المرشد: العودة للالتفات لمشاكل إيران الداخلية وترك الآخرين "يقلعوا أشواكهم بأيديهم"، وعندها تصُحُّ المأثرة العربية: مكانكِ تُحمدي أو تستريحي.