اعلن رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أن "الموقف الذي اتخذه رؤساء الحكومة السابقين بإعادة ترشيح سعد الحريري ناتج عن ادراكهم الكامل للمصاعب الخطيرة التي يمر بها لبنان وعلى أكثر من صعيد وطني وسياسي داخلي وخارجي، وكذلك أيضا على أكثر من صعيد اقتصادي ومالي".
وتمنى أن يبادر رئيس الجمهورية "وبعد هذا التأخير الذي امتد لأكثر من 15 يوما ان يقوم بالاستشارات النيابية الملزمة في اجرائها ونتائجها".
وفي تصريح لإذاعة "صوت العرب" المصرية، أوضح أن رؤساء الحكومة السابقين بنوا هذه القناعة "استنادا الى ما يتمتع به الحريري من كفاءة ومن رمزية وطنية ومن خبرة عملية في أمور الحكم وقدرة أيضا على التواصل مع أولئك الشابات والشبان في الحراك الشعبي من جهة أولى. وكذلك أيضا من قدرة على ان يجمع فريق عمل من الوزراء في الحكومة الجديدة من غير السياسيين أي من الاختصاصيين المميزين بخبرتهم وكفاءتهم واستقامتهم وبما يتجاوب مع مطالب المتظاهرين من جهة ثانية"، قائلاً: "أولئك المتظاهرون يعبرون عن حالة نهضوية حقيقية في لبنان، وبالتالي فإننا وكرؤساء حكومة سابقين نعتقد ان هذا هو الحل الأمثل في التجاوب مع ذلك الحراك الوطني والنهضوي".
واكد ان "الحريري هو الاقدر على ان يتولى هذه المهمة في هذا الظرف بالذات، لكن هذا الامر يتطلب كذلك توفر العناصر الضرورية التي تساعد على تحقيق الهدف المنشود"، موضحاً أن "الحريري يقول انه لا يستطيع ان يؤلف حكومة إذا لم يكن جميع عناصرها من المستقلين، لأنه قد فاض بالحريري وعلى مدى الفترة الماضية من التأخير المتعمد ومن التضييع للوقت من خلال مجادلات عقيمة، وبالتالي فقد أصبح الوضع الآن أكثر إلحاحا مما كان في الماضي. وهناك حاجة من اجل السير وبشكل استثنائي على مسار هذا الشكل من الحكومات برئاسة الحريري أي من أعضاء غير منتمين لأحزاب سياسية ومستقلين وغير منحازين لكي تستطيع الحكومة أن تتجاوب مع مطالب المنتفضين والنهضويين من الشباب والشابات. وكذلك مطالب باقي المكونات اللبنانية لتأليف حكومة قوية متضامنة تستطيع ان تتجاوب مع ما يتوقعه منها اللبنانيون لمعالجة المشكلات الوطنية والسياسية والاقتصادية والمالية وتحظى بثقة المجتمعين العربي والدولي، وان تقدم الحكومة العتيدة من خلال عملها وإنجازاتها نموذجا جيدا من الحكم الرشيد، وأن تتمتع بحوكمة عالية من اجل وقف الفساد والإفساد والقيام بمحاكمة الفاسدين والمتعدين على المال العام من خلال القضاء المستقل والنزيه".
ورأى أن "الوضع في لبنان لم يعد يحتمل ولم يعد لدى لبنان ترف الخوض في المجادلات العقيمة والمبارزات الطائفية والشعبوية غير الجدية"، معرباً عن اعتقاده أنه "كان للاقتراح الذي تقدم به الوزير جبران باسيل ردة فعل سلبية مباشرة من قبل الشارع اللبناني إذ عبر عن عدم قبوله بهذا الطرح"، مشيراً إلى أن "محمد الصفدي شخص جيد وهو وزير سابق، ولكن ربما هذا الامر ليس اوانه وربما قد لا يستطيع ان يلبي المتطلبات التي يقتضيها الظرف الحالي، ولذلك كان موقفنا نحن كرؤساء للحكومات اللبنانية السابقين بما اختزنَّاه من تجربة ومعرفة وخبرة، ان هذا الظرف الذي يمر به لبنان يحتاج الى شخصية مثل سعد الحريري".
وأوضح السنيورة أن "اختيار رئيس الحكومة المكلف هو بيد المجلس النيابي اللبناني، وهو الذي عليه ومن خلال الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية يتحدد اسم الرئيس العتيد للحكومة، وبالتالي يصار إلى تكليفه، ذلك لأن الاستشارات النيابية هي ملزمة لرئيس الجمهورية بإجرائها وبنتائجها"، مشيراً إلى أن :ما قمنا به هو إبداء موقف ورأي ولكن القرار يعود للنواب".
وأضاف: "قد يقترح النواب اسم شخص آخر، قد ينجح وقد لا ينجح في تأليف الحكومة ولأسباب متعددة، وبالتالي وفي حال عدم نجاح رئيس يكلف بذلك فإنه يعتذر وبعدها ينبغي على الرئيس البدء باستشارات جديدة للنواب من أجل التفتيش عن اسم آخر"، مشدداً على أن "الدستور اللبناني يجب ان يحترم بالكامل من قبل الجميع وفي مقدمهم رئيس الجمهورية. وعلينا أن ننتظر لنرى من سيرشحه النواب. وما يجري الآن هي مشاورات يتولاها الرئيس من خارج ما ينص عليه الدستور وبالتالي هي غير دستورية"، مشيراً إلى أن "الاستشارات النيابية الملزمة التي ينبغي على الرئيس القيام بها ينص عليها الدستور. اما ان تتم المشاورات من خارج هذا الإطار فكأنه تأليف قبل التكليف فهو أمر غير دستوري وفيه افتئات على صلاحيات الرئيس المكلف وعلى صلاحيات المجلس النيابي".
وأوضح أن "الحريري لم يستطع في السابق ان يحقق ما يريده للبنان بسبب كل العراقيل التي وضعت بوجهه. نحن الآن نقول بأن لنجاح الحريري هناك متطلبات يؤمنها بداية بشخصه. ولكن هذا لا يكفي. بل هناك عناصر أخرى يجب توفيرها له حتى ينجح، وبالتالي أكان ذلك الشخص الحريري او أي شخص آخر. فإذا لم تتوفر لأي منهم تلك العناصر التي تؤمن للمكلف النجاح فسينتهي به ذلك الى الفشل. وأعني بتلك العناصر الدعم الكامل من جميع القوى السياسية للرئيس العتيد للحكومة وعلى أكثر من صعيد، ومن ذلك التزام الجميع بداية من الرئيس ومن جميع القوى السياسية، بالعودة إلى الالتزام والاحترام الكامل لاتفاق الطائف والدستور اللبناني ولسلطة الدولة اللبنانية على جميع مرافقها ومناطقها واحترام استقلالية القضاء وإعادة الاعتبار للكفاءة والجدارة في تولي المسؤوليات في الدولة، وكذلك احترام قرارات الشرعيتين العربية والدولية".