الانتفاضة الشعبية العراقية تكبُر الانتفاضة الشعبية اللبنانية بستّة عشر يومٍ فقط، فقد اندلعت الانتفاضة العراقية في الأول من تشرين الأول عام ٢٠١٩، وانطلقت الانتفاضة اللبنانية في السابع عشر من تشرين الأول، وتكاد النسخة اللبنانية أن تكون طبق الأصل عن شقيقتها العراقية، والتي تتلخص باستقالة الحكومة الحالية، مكافحة الفساد ونهب المال العام، إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وإجراء الإصلاحات الديمقراطية الدستورية التي تصلح الإدارة العامة وتُصوّب الأوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية، إلاّ أنّ الانتفاضة العراقية، وللأسف الشديد، اصطبغت منذ اليوم الأول بالدّم والعنف، حتى تجاوز عدد الشهداء ٣٢٠ شهيداً، وفاق عدد الجرحى الخمسة عشر ألفاً، فضلاً عن مئات المحتجزين، وهذا العنف الدامي من قِبل ميليشيات خارجة على القانون(الحشد الشعبي ومجموعات تابعة لإيران) استدعى تدخُّل بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة للعراق، فدعت الحكومة للافراج عن المحتجزين، ووضع خريطة طريق لمعالجة الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية، وذلك بإجراءات جدّية لمكافحة الفساد وإصدار إصلاحات تشريعية على قانون الانتخابات، وهي من المطالب الأساسية للمنتفضين، ومن ثمّ الوفاء بتعهدات الرئيس برهم صالح بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
فيما يتعلق بالانتفاضة اللبنانية، وبحمد الله تعالى، ما زال الجيش اللبناني وقيادته، مع القوى الأمنية مُمسكاً بزمام الأمور، فارضاً عدم الانجرار إلى سفك دماء المتظاهرين، والحفاظ على سلمية الانتفاضة، وهذا يفترض من قواها اليوم أن تُبدي المزيد من الحيوية والواقعية والثّبات، والابتعاد ما أمكن عن مكامن الاحتكاك مع الجيش والقوى الأمنية، والعمل على إحباط كافة محاولات الالتفاف على شعارات الانتفاضة وأهدافها، كطرح إسم الوزير الصفدي مُرشّحاً لرئاسة الوزراء بديلاً للرئيس سعد الحريري، خاصةً أنّ الانتفاضة اللبنانية تبقى مُحاصرة ومُهدّدة من قِبل ذراع إيران الطويلة في لبنان:حزب الله.
في حين وقفَ اليوم السيد علي السيستاني(المرجع الشيعي الأعلى في العراق ) مع الانتفاضة العراقية، مُؤيّداً شعاراتها، داعياً لتحقيق أهدافها، ومحاسبة من ارتكبوا المجازر بحقّ أبنائها، خرج علينا الشيخ أحمد قبلان(المفتي الجعفري ونجل الشيخ عبدالامير قبلان)بموقفٍ مُناهضٍ للانتفاضة الشعبية، داعياً لقمعها والخلاص منها، وللمفارقة أنّ والده هو رئيس المجلس الشيعي الأعلى، ويتبع لمرجعية السيد السيستاني في العراق.
هلّا تتفضلون بتنسيق مواقفكم الشرعية يا سادة من الانتفاضتين العراقية واللبنانية، أم أنّ السيد السيستاني كان قد أنزل إرشاداته وفتاويه ب"وادٍ غير ذي زرع".
قال جرير:
فأنت أخي ما لم تكن لي حاجة
فإن عرضَتْ أيقنتُ أن لا أخا ليا.