وللهاشمي سجل ميليشياوي حافل، فقد كان قياديا بارزا في المجلس الإسلامي الأعلى ومنظمة بدر المتهمة بتصفية عدد كبير من ضباط الجيش العراقي السابق إثر إطاحة نظام صدام حسين في عام 2003.
ويقول وزراء في الحكومة العراقية إن الهاشمي هو رئيس السلطة التنفيذية الفعلي، وليس عبدالمهدي، وذلك بصفته الممثل الأعلى للمصالح الإيرانية في بغداد.
وليس واضحا حتى الآن، ما إذا كانت إيران ستوافق على إقصاء الهاشمي من المشهد حاليا، لامتصاص غضب الاحتجاج، لكن حجم مصالحها الكبير في العراق وضرورة الحفاظ عليها، قد يدفعانها إلى قرارات قاسية، ضد بعض رجالها في العراق، بحسب مراقبين.
لكن هذه الخطة أيضا، ربما لن تنتهي إلى تحقيق هدفها، وهو تفكيك حركة الاحتجاج، لأن المؤشرات القادمة من ساحة التحرير في بغداد تقول إن المتظاهرين ليسوا معنيين كثيرا بالإجراءات السياسية الحكومية، التي تتخذ تحت بند تنفيذ مطالب المحتجين.
ويبدو أن عبدالمهدي يستدعي حلفاءه إلى بغداد لإعلان دعمهم له للبقاء في منصبه. وفي هذا السياق، وصل رئيس إقليم كردستان نيجرفان البارزاني إلى العاصمة قادما من أربيل، حيث وجد في استقباله رئيس الوزراء.
وقالت مصادر إن هدف الزيارة هو تجديد الدعم الكردي للحكومة العراقية، التي يرى فيها إقليم كردستان ضامنا لمصالحه في العراق، ولاسيما استمراره في بيع نفطه والاستئثار بعائداته بعيدا عن بغداد.
ويقول الساسة الأكراد إن عبدالمهدي هو خير من يدافع عن مصالحهم في العراق، ومن ضمن ذلك حصة الإقليم من الموازنة العامة، التي يحصل عليها كاملة، برغم امتناعه عن تسليم نفطه إلى بغداد.
ويعتقد مراقب سياسي عراقي أنه بالنسبة إلى المعادلة السياسية داخل العراق فإن عادل عبدالمهدي لا يمثل رقما صعبا، فلا حزب يقف وراءه ولا كتلة برلمانية تسنده وقد سبق للكتلتين اللتين وضعتاه في منصبه وهما “سائرون” و”النصر” أن تخلتا عنه.
وقال المراقب في تصريح لـ”العرب” إن خشية إسقاط عادل عبدالمهدي تعود إلى ما يمكن أن يلي تلك الخطوة من تنازلات قد تؤدي إلى خلخلة البنية الداخلية للنظام، وهو الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه المحتجون وصولا إلى طي صفحة النظام الطائفي. لذلك تبدو إيران غاضبة من أتباعها لأن كل واحد منهم صار يفكر بالنأي بنفسه عن الحكومة وأخطائها في هذه اللحظة الحرجة التي صارت فيها المصالح الإيرانية في العراق مهددة.
ويؤكد المراقب أنه إذا ما كان الحل الأمني قد أثبت فشله في الحد من التظاهرات وإعادة المحتجين إلى بيوتهم فإن الحل السياسي للأزمة لا يزال بعيدا، وهو ما صار المحتجون على دراية به.
وصار العجز الحكومي عن العثور على حل وسط قد يرضي المحتجين عنصر تشجيع لهم للحفاظ على سقف مطالبهم العالي والذي يؤدي الوصول إليه المزيد من التضحيات من غير الالتفات إلى وعود الإغراء، التي هي سوى محاولات لجس نبض الشارع وإحداث نوع من الصدع في صفوف المحتجين.
وفشلت الطبقة السياسية في هذا الأمر، وهي التي كانت تعول على المخطط الأمني الذي وضعته إيران على الطاولة باعتباره الوسيلة الوحيدة لإنهاء الاحتجاجات وفض الاعتصامات.
ويلفت المراقب إلى أنه لا يزال مبكرا الحديث عن إمكانية حدوث أزمة داخل الطبقة الحاكمة بسبب الإصرار الإيراني على خطة أمنية لا يمكن تنفيذها إلا عن طريق المجازفة بالصدام مع المجتمع الدولي وهو ما لا يمكن أن تتحمل حصوله الحكومة العراقية بوضعها الهش.
ويعول السياسيون العراقيون على أن تستبدل إيران خطتها الأمنية بخطة سياسية قد ترضي المحتجين بغض النظر عن الخسائر التي يمكن أن تنطوي عليها، وهو أمر غير مستبعد أن توافق إيران عليه بعد تشددها فالخسائر المؤقتة أفضل من الهزيمة الدائمة.