وقللت الباحثة في شؤون الشرق الأوسط في معهد كارنيغي ماريانا بيلينكايا من احتمال تأثير قمة ترامب – أردوغان سلبا في العلاقات الروسية التركية.
وقالت بيلينكايا في اتصال بـ”العرب” إن “حوارا مكثّفا يتواصل بين موسكو وأنقرة”، مشيرة إلى أنه “قبل توجهه إلى واشنطن تحدث أردوغان مع بوتين هاتفيا، وهناك حديث عن إمكانية عقد قمة جديدة بينهما، أو اتصال بعد اللقاء مع ترامب”.
ومع إشارتها إلى أن روسيا “قلقة من محاولات واشنطن جذب أنقرة إلى جانبها على حساب موسكو”، قالت بيلينكايا إن “روسيا تدرك تماما أن مهمة ترامب لن تكون سهلة خصوصا في ظل موقف الكونغرس تجاه تركيا، وسعي أردوغان المتواصل إلى اللعب على حبليْ موسكو وواشنطن”.
وأوضحت أن “سوريا باتت مقسمة إلى مناطق نفوذ بعد العملية العسكرية التركية وقرار واشنطن إبقاء قوات أميركية قرب منابع النفط”. لكنها أكدت أن “الاستراتيجية الروسية لم تتغيّر وهي عودة كل المناطق إلى سيطرة النظام السوري”. وخلصت بيلينكايا إلى أن “اللعبة في شمال سوريا معقّدة وصعبة، وتعتمد على علاقة تركيا مع كل من الولايات المتحدة وروسيا… واضح أن لا مؤشرات إلى شقاق في تحالف أنقرة وموسكو”.
ورغم إشارته إلى أن “تركيا تظل أهم شريك للولايات المتحدة في الحلف الأطلسي وفيها قاعدة إنجرليك المهمة في ظروف الصراع مع إيران”، رأى الخبير البارز في مركز “جي.أس.أ” تيودور كاراسيك أن “واشنطن تعلم تماما أن قدرة موسكو على السيطرة على أنقرة أو التلاعب بها كبيرة جدا… لذا فإن كلمات أردوغان لا يمكن أن تكون إلا صدى لكلمات الكرملين”.
وأطلقت تركيا عملية عسكرية في شمال سوريا في 9 أكتوبر الماضي عقب قرار واشنطن سحب عدد من قواتها، لكن الضغوط على ترامب دفعته إلى التلويح بـ”تدمير الاقتصاد التركي”، وأوفد نائبه مايك بنس ووزير خارجيته مايك بومبيو إلى تركيا للتوصل إلى اتفاق لوقف العملية، مفاده انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) من الحدود الجنوبية وتسليم أسلحتها الثقيلة.
ولاحقا أبرم أردوغان اتفاقا مع بوتين في سوتشي لتثبيت وجود القوات التركية في سوريا بعمق 30 كيلومترا بين مدينتيْ رأس العين وتل أبيض، لكن أردوغان استبق قمة واشنطن بتوجيه اتهامات للطرفين بعدم الإيفاء بالتزاماتهما.
اعتبر الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد) رياض درار في اتصال مع ”العرب” أن ما تشهده مناطق شمال سوريا هو “لعبة مصالح، تتضمّن نوعا من الصراع والتنافس بين روسيا والولايات المتحدة في إطار محاولة كل منهما كسب ودّ تركيا”، معربا عن أسفه لأن “كل ما يجري من مقايضات، يأتي على حساب السوريين وأراضيهم”. وحذّر من “نتائج سلبية للقاء أردوغان ترامب لأنه يشجع تركيا على المضيّ في عملياتها العدوانية على شمال سوريا وشرقها”.
ونفى درار حصول الأكراد على ضمانات أميركية واضحة، وأضاف “طالبنا في كل اللقاءات مع الجانب الأميركي ببعض من حقوقنا المشروعة، وتدابير لحماية أبناء المنطقة من التغيير الديموغرافي الذي يسعى إليه أردوغان، ومعاقبة تركيا على عدوانها”.
وسخر من تكرار التصريحات الروسية المحذّرة من أن واشنطن تسعى إلى تأسيس كيان انفصالي شرقي الفرات. ومع تأكيده أن الأكراد لم يطرحوا فكرة الانفصال، قال المسؤول الكردي “لو كانت الولايات المتحدة ترغب في إنشاء كيان انفصالي لما تخلّت عن هذه المنطقة وواصلت دعمها”. وخلص إلى أن “واشنطن تخلّت عن شركائها وحلفائها في محاربة الإرهاب وتجدّد الالتباس بإعلانها أنها ستبقى لمحاربة الإرهاب وحماية منابع النفط”.
وحول توقّعاته لنتائج زيارة أردوغان لواشنطن قال عضو مجلس الرئاسة في مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) سيهانوك ديبو “لا الوضع الداخلي لتركيا ولا علاقاتها مع دول المنطقة تساهم في أن تكون في موقف حسن رغم الوشائج التي تبدو صلبة بين أنقرة وواشنطن”. وقلل ديبو من إمكانية أن يفلح أردوغان في مواصلة اللعب على التناقضات بين موسكو وواشنطن، وقال إنهما “أظهرتا حالة متقدمة من التنسيق والاتفاق على الخطوط العريضة في سوريا لكنهما مختلفتان على بعض التفاصيل”.