شدد رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع على "تشكيل حكومة مستقلّين، من دون حزبيّين يرتدون قبّعة الاختصاصيّين، لافتًا الى "أننا عندما نتكلّم عن تشكيل حكومة مستقلين، نعني بذلك أن هناك مواصفات معينة يجب التقيّد بها وعلى من يوقّع على مرسوم التشكيل أن يلتزم هذا الأمر والا يستعمل توقيعه للذهاب إلى مكان آخر وإلا نكون عندها امام مشكلة جديدة".
وأوضح جعجع، في حديث صحفي، أن "ما يطرحونه اليوم هو تشكيل حكومة اختصاصيين على أن يكون هؤلاء من فريقهم السياسي، وبالتالي نكون أمام مراوحة في المشكلة لأنهم سيبقون ممسكين بالقرار، ممّا لن يعطي أي نتيجة وفق ما أثبتته التجربة، فوضع البلد يحتاج إلى تحرّك سريع وعمليّة انقاذ سريعة".
واعتبر أن "مخططاتهم واضحة بالعودة المقنّعة، لأنّ إتيانهم بالاختصاصيّين يعني بقاءً مقنّعاً لهم، فقرار هؤلاء الاختصاصيّين سيكون لدى الجهات الحاكمة اليوم، ولو أنّ توزيرهم سيحلّ المشكلة لا مانع لدينا، ولكنّ التجربة أثبتت أنّ استمراريّة القرار في يد الأشخاص أنفسهم سيوصل البلد الى الانهيار".
وردًا على السؤال: "من أين ستحصل الحكومة على الثقة في حال لم تكن الكتل الأساسيّة ممثّلة فيها؟، أشار جعجع الى "أنني أفترض أنّ أصحاب الأكثريّة النيابيّة يملكون وعياً شبيهاً بما نملكه حيال الوضع الحالي، وعليهم إدراك ضرورة التوجّه الى هذا الحلّ. فهل يعقل ألا يعطوا الثقة الا الى أنفسهم في حال وجدوا أنّ البلد يتّجه نحو الهواية؟ يظهر، من خلال ردودهم، أنّهم غير واعين، ولذلك أملك خشية كبيرة حيال ما ستؤول اليه الأوضاع اقتصاديّاً وماليّاً واجتماعيّاً".
وعمّا إذا كان ما حصل في الأسابيع الثلاثة الأخيرة عجّل بالانهيار الذي كان يتمّ التحذير منه منذ أشهر، قال جعجع: "مع هذه الانتفاضة أو من دونها كنّا نتوقّع حصول هذا الانهيار، وهذا ما كان يجمع عليه الكثير من الخبراء، من دون القدرة، بالتأكيد، على تحديد موعدٍ له".
وكشف جعجع عن عدم مشاركة حزب القوات اللبنانيّة في حال تمّ تشكيل حكومة تكنو سياسيّة ليس لأنّنا لا نريد المشاركة في عمليّة الإنقاذ، بل لأنّنا على قناعة بأنّ هذا الخيار لن ينقذ البلد، ومثل هذه الحكومة ستكون أسهل "وصفة" لتسريع الانهيار، فالحلّ هو فقط بحكومة مستقلين".
وعن احتمال اللجوء الى الشارع في حال تمّ تشكيل مثل هذه الحكومة، لفت جعجع الى أنّ "اللجوء الى الشارع ليس خيارنا بل هو خيار الناس، ونحن نشارك معهم ليس كحزب بل كمواطنين، ولسنا أصحاب القرار بهذا الشأن".
وبيّن جعجع أن "هناك وجودًا لتواصل دائم مع رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، وتسمية الحريري في الاستشارات هي مدار بحث وسيعلن موقف "القوات" بهذا الشأن في حينه".
وعن محاولة تحويل ما يحصل الى مواجهة بين التيّار الوطني الحر والقوات اللبنانيّة، رأى جعجع أنّ "سبب ذلك هو رغبة البعض بعدم الاعتراف بأنّ الناس هم من انقلبوا عليهم وبأنّ الوضع أصبح سيئاً جدّاً، وكأنّ "القوات" هي التي تحرّك الناس في النبطيّة أو بعلبك أو طرابلس أو غيرها من المناطق. فالحقيقة هي مختلفة جدّاً، ولكن المشكلة هي أنّ البعض لا يريد أن يراها أو لا يريد الاعتراف بها".
وردّاً على الشكاوى التي ترتفع عن مساهمة الحراك الشعبي في إفلاس مؤسسات وتردّي الوضع الاقتصادي، أجاب: "ما كنّا نشهده منذ أشهر هو مسار طبيعي نحو الانهيار تسبّبت به الغالبيّة الحاكمة، في حين أنّ ما يحصل اليوم هو محاولة للإنقاذ".
وعن شبه الصمت لدى المجتمع الدولي في ملاقاة الشارع اللبناني بمواقف بارزة، قال جعجع: "هذا الأمر جيّد لأنّه يؤكد أنّ هذه الحركة لبنانيّة وصنعت في لبنان، وهي عفويّة وتنسجم مع الواقع المعيشي للناس".
وعن كلام إعلام التيّار الوطني الحر عن أنّ الحراك هدفه التركيز على الوزير جبران باسيل سعياً لاغتياله سياسيّاً، سأل جعجع: "هل الناس الذين يتحرّكون على كامل مساحة الوطن يفعلون ذلك لاغتيال الوزير جبران باسيل سياسيّاً أم أنّ ما يحرّكهم هو واقع معيّن يتمّ التعامي عنه ويحاول البعض أن يتجاوزه وألا يعترف به؟". ويتابع: "هناك واقع معيّن يجب أن يروه كما هو بدل الذهاب الى الكلام عن مؤامرات لا صلة لها بالواقع. إنّ لبّ المشكلة هو ما يعانيه الناس، وهذا ما دفعهم الى التحرّك نحو الشارع".
ختاماً، سئل جعجع: كم جمّعت "القوات" من أموال الخوّات في الأسابيع الأخيرة، فأجاب بسخرية: "يجب أن تسأل المصارف التي يفترض أن نجمع فيها المال. هذه كلّها اتهامات للتعمية على الواقع الشعبي المأزوم".