طهران تدفع باتجاه السماح للميليشيات العراقية الموالية لإيران بتولي مسؤولية تأمين مصالح رموز النظام السياسي، من خلال الترويع والرعب.
فتحت الحكومة العراقية الباب أمام الميليشيات الموالية لإيران، لتنفيذ عمليات خاصة بهدف إجهاض التظاهرات، بعد فشل إجراءاتها التقليدية في احتواء حركة الاحتجاج الواسعة.
وشجعت إيران الحكومة العراقية على قمع الاحتجاج، فتورطت في قتل نحو 250 محتجا، وجرح نحو 12 ألفا آخرين. لكن هذا القمع الحكومي الواسع لم يسفر عن نتائج، بل ربما جاء بنتائج عكسية، إذ ازداد عدد المتظاهرين في بغداد والمحافظات.
ويقول مراقبون إن الحكومة المصرة على مواجهة هذه الاحتجاجات بالعنف، لم يعد أمامها إلا السماح للميليشيات العراقية الموالية لإيران ضمن الحشد الشعبي، بتولي مسؤولية تأمين مصالح رموز النظام السياسي، من خلال الترويع والرعب.
وقالت مصادر أمنية لـ”العرب” إن “حالات التغييب القسري للنشطاء المساهمين في دعم حركة الاحتجاج، ازدادت منذ مطلع الشهر الجاري”.
ووفقا لمراقبين فإن ميليشيات عراقية موالية لإيران أطلقت حملة في بغداد لملاحقة النشطاء واعتقالهم وتصفيتهم في بعض الحالات، مستغلة انشغال الرأي العام والإعلام بأخبار ما يحدث في ساحات التظاهرات.
وقالت المصادر إن العشرات من العوائل سجلت أبناءها مفقودين في مراكز الشرطة شرق العاصمة بغداد خلال الأيام الثلاثة الماضية، فيما قال نشطاء إن زملاء يشاركونهم خيم الاعتصام في ساحة التحرير لم يحضروا منذ أيام.
وذكرت المصادر أن أجهزة الأمن العراقية تلقت بلاغا من منطقة شارع فلسطين شرق بغداد، عن حركة مشبوهة في أحد المنازل التي يعتقد أنها مملوكة لقيادي في حركة عصائب أهل الحق التابعة لإيران، ولدى متابعة المنزل ومداهمته، اكتشف المحققون وجود عدد من الجثث.
وأوضحت المصادر أن اعترافات شخص ألقي القبض عليه ساعة دهم المنزل، أكدت أن الجثث تعود لنشطاء جرى اختطافهم وقتلهم بعد متابعة تحركاتهم من وإلى ساحة التحرير.
وصباح الأحد، أبلغ نشطاء وسائل الإعلام بأن مسلحين ملثمين اختطفوا مسعفة خلال طريق عودتها من ساحة التحرير إلى منزل عائلتها في منطقة البياع، جنوب غرب بغداد.
وذكر الصحافي هيوا عثمان أن مجموعة مسلحة اختطفت “الناشطة المدنية والمسعفة صبا المهداوي خلال عودتها من ساحة التحرير إلى منزلها في البياع”، مشيرا إلى أن “المعلومات تفيد بأن الخاطفين اتجهوا بها إلى منطقة زيونة” شرق بغداد.
وانطلقت الاحتجاجات العراقية في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب ذات الأغلبية الشيعية مطلع أكتوبر الماضي، لكنها بلغت ذروتها في الخامس والعشرين منه. وقدر نشطاء عدد المشاركين في هذه الاحتجاجات، التي وصفت بأنها الأوسع في تاريخ البلاد، بنحو تسعة ملايين عراقي، وهو ما يزيد على عدد المشاركين في آخر عملية اقتراع شهدتها البلاد العام الماضي.
واتفق المتظاهرون في مختلف المناطق العراقية على أن احتجاجاتهم هذه ليست “ثورة جياع” كما تود السلطة أن تسميها، وليست للمطالبة بفرص العمل والخدمات، كما تحاول الأحزاب السياسية أن تروج، إنما هي تستهدف إسقاط النظام السياسي القائم على موالاة إيران.