بمقتل إبراهيم عواد السامرائي الملقب بالبغدادي زعيم تنظيم «داعش»، في عملية نفذتها قوات خاصة أميركية بسوريا، تلاها مقتل بوق البغدادي وزير إعلام «داعش» أبو الحسن المهاجر، أصبح أتباع البغدادي مجرد أيتام يبحثون عن ملاجئ ومخابئ، وسيتحول التنظيم من ظاهرة «دولة» كما زعم البغدادي تصكُّ العملة، ولها حدود وديوان حسبة ومظالم ووزراء، إلى مجموعات تائهة طريدة وهاربة.
فبمقتل البغدادي تكون صفحة مهمة مؤلمة ومليئة بالجراح قد طويت، في تاريخ الشرق الأوسط، فهذا التنظيم الإرهابي الوحشي عديم الرحمة كان يحصد الناس حصداً مسلمين وغير مسلمين، ليبيح بذلك دماءهم ونساءهم وأموالهم، ليتقاسمها ثلة من السفهاء غنائمَ وسبايا.
مقتل البغدادي كان ضمن عملية سرية، تابعها الرئيس الأميركي مباشرة، أظهرت الرعب والفزع لدرجة البكاء لدى البغدادي، حيث قال الرئيس ترمب: «مات وهو يبكي ويصرخ». البغدادي الذي كان يذبح ويسحل ويحرق ويغرق ويفجر الأسرى بلا رحمة ولا شفقة، بل يصور ضحاياه بسادية مفرطة، ويستمتع بمشاهد إذلال ضحاياه، مما يؤكد حالة السادية التي كان يعاني منها، وأنه مجرد جبان رعديد في ثوب جلاد، طارده كلب وأخافه لدرجة البكاء، الكلب الذي أثنى عليه الرئيس ترمب بعد إصابته بجروح في المعركة، حيث كان ضمن قوة النخبة الأميركية المهاجمة.
وعن جثة البغدادي قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي إن «بقايا البغدادي تم نقلها إلى منشأة آمنة للتأكد من هويته عن طريق فحص الحمض النووي الخاص به، وقد تم التخلص من رفاته، وتم التعامل معه بشكل مناسب».
نهاية البغدادي كانت حتمية ومتوقعة، وانتهى بلا قبر يضمه كبقية خلق الله، لكثرة ما أفرط وتغوَّل في سفك دماء المسلمين قبل غيرهم، فهو من ذبح المسلمين بحكم الردة، فكل من لا يبايع إبراهيم عواد المسمى البغدادي، كان يقتل بالذبح أو السحل أو الحرق.
مقتل البغدادي في محافظة إدلب، وهي معقل لتركيا وأنصارها، ولها فيها عدة نقاط تابعة للجيش التركي، وهي على مقربة من الحدود مع تركيا، يدفع نحو السؤال عن دور تركي في حماية وتوفير ملجأ آمن له؛ لأن موالين لتركيا يتحكمون في تلك المنطقة.
المهم أن نقول هنا بعد أن تخلص العلم من وحش «داعش» إنه كان متأثراً بمنهج العنف الإخواني القطبي، كسابقه الزرقاوي، الذي شرعن التوحش بعد أن قسَّم مشرعن العنف سيد قطب المجتمعات إلى مجتمعات جاهلية، مبيحاً بذلك الأنفس التي حرم الله قتلها، فوجد البغدادي في تفسيراته الضالة والخاطئة والتي ألبس بعضها التأويل وطوَّعها لفهمه السقيم، بعد أن تشبع بأفكار الشاعر قطب المنسوخة من أفكار الصحافي أبو الأعلى المودودي صاحب فكر تكفير المجتمعات بحكم الجاهلية. لذا فإن على العالم أن يعي هذا الأخطبوط ويضع حداً له.
صحيح أنه بموت البغدادي وبوق أعلامه المهاجر سُدّدتْ ضربة قاسمة للتنظيم، إلا أنَّ للتنظيم مقومات أخرى للبقاء، من مشارب وروافد ومستخدمين له، ستمكنه من البقاء قيد الطلب والاستخدام كبندقية مستأجرة، ولكن مختبئاً تحت الأرض، وليس فوقها كما كان.