لأنك في ذاكرتي أكثر من كريمٍ لنا، ولكثيرٍ من أهل العلم والدين والجهاد، والحوزات والمؤسسات الدينية والإجتماعية، سأفتح من خصائص صمتك نافذةً على الحياة، التي لا يعرفها إلا من أتى الله بقلبٍ سليم، ولأنك كنت أقرب المسافات من القلب إلى قلوب المحتاجين.. في حياتك كما في مماتك، سرُّ العطاء الذي عايشته وعشناه بحثاً عنك في داخلي كل وافدٍ ومحتاج، لنرى ما لا تراه عدسة العين، ولنُبصرَ أكثر من رؤية القلب، فكنت أيها الرحل في هذا الوطن العزاءَ الباقي لنا عن كلِّ ذاهب وخادع، والنجم الباقي المتلألئ الذي نتنوَّره في كل معضلةٍ ومشكلةٍ من مشاكل الحياة، في سماء الدنيا المظلمة والمدلهمة الظالمة والمقفرة من كل كوكبٍ ونجمٍ وقمر، وكنت بستاناً أخضراً يلوذ بك كل محتاجٍ ويتفيء تحت ثماره وأشجاره من لفحات الحرِّ والفقر، نعزي خلفكم ـ محمد ـ الأمل الواعد في بلدٍ يصطاد فيه الأقربون بعضهم بعضاً، وإن ثُلِمَ بموت الكريم ثُلمةً في حياة الإنسانية،يبقى الأمل في كيان لبنان الواحد... عصام: أنت أشبه بريشة موسيقارٍ ضرب على أوتار قلوب الكثيرين من المحتاجين في زمن كؤود... أيها الراحل المودع: طبت حياً وميتاً، وخدمت وطنك وأمتك في حياتك ومماتك، ملأت حياتك ما نمت بك تلك العاطفة الإنسانية والوطنية في نفوس محبيك..رحم الله عصام بودرويش الذي قرَّر السفر بعد عناءٍ طويلٍ وصراعٍ مريرٍ مع ما ابتلي به، لأنَّ الله إذا أحبَّ عبده ابتلاه، فهي الرحمة له، لأنَّه كريمٌ وفد على ربٍ كريمٍ وغفورٍ ، طمعاً برحمته وغفرانه، وغادر دنيا النفاق والسمسرة، التي تغرُّ وتمرُّ وتفرُّ، عزاؤنا لخلفه وعائلته ولكل المحبين والصادقين... أخوكم الشيخ عباس حايك