«ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين» جملة رددها وكتبها كبيرهم حسن البنا في بيان التبرئة لتخفيف حدة الضغط على «الإخوان»، وللهروب من دماء كثيرة؛ بدءاً من اغتيال القاضي الخازندار ومذبحة «كوبري عباس» واغتيال النقراشي باشا، رئيس وزراء مصر الذي اغتالته أيدي جماعة «الإخوان المسلمين». كما كانت هذه الجملة عنواناً لرسالة حسن البنا لتهدئة القصر ودفع التهمة عن جماعة «الإخوان» التي كانت وراء اغتيال النقراشي، لتثبت زيف مزاعم البنا.
القاتل الرئيسي عبد المجيد أحمد حسن اعترف بأن النقراشي أصدر قراراً بحل جماعة «الإخوان»، كما تبين من التحقيقات، وليس لاتهام النقراشي بالخيانة في تسليح الجيش في فلسطين، كما تزعم جماعة الإخوان، لتبرير مقتل النقراشي الذي أصدر قراراً بحل جماعة الإخوان قُتل بمجرد أن لمّح حسن البنا لجماعته بالقول: «أليس هناك مَن يخلّصنا منه»، الأمر الذي عدّه عبد الرحمن السندي مؤسس ورئيس الجهاز والتنظيم السري بمثابة الموافقة على عملية الاغتيال التي تنكّر لها حسن البنا ولكنه قُتل بسببها، فكان رأس البنّا برأس رئيس الوزراء النقراشي، أيْ «رَجُل برَجُل، والبادئ أظلم».
تنظيم جماعة الإخوان يحمل شعارُه السيوف والمسدسات، ولا يتم قَسَم الولاء والبيعة للأعضاء الجدد إلا على المسدس والسيف، ولذلك تعد ظاهرة اللجوء إلى العنف ليست جديدة عليه، فهي ظاهرة متجددة ومتجذرة في التنظيم، بل تكاد هي السمة الأغلب، فالتنظيم الذي اعتاد التَّقوت معنوياً على شماعة وأكذوبة المظلومية والاضطهاد وملاحقة الحكومات والاستخبارات لعناصره، كان يمارس العنفَ بشتى أنواعه، فقد مارس الاغتيال والتصفية لخصومه وحتى للتخلص من عناصره الذين أصبحوا حملاً ثقيلاً أو منافسين لزعامات نافذة في التنظيم.
التنظيم عرف العنف حتى قبل المرحلة القطبية، التي تتسم بالأعنف بعد أن شرعن سيد قطب العنف المتوحش، حيث قسَّم المجتمعات إلى مجتمعات جاهلية، مبيحاً بذلك الدماء التي حرّم الله، عبْر تفسيراته الضالة والخاطئة التي ألبس بعضها التأويل وطوَّعها لفهمه الخاطئ، بعد أن تشبّع بأفكار الصحافي أبو العلا المودودي صاحب فكر تكفير المجتمعات بحكم الجاهلية.
جماعة الإخوان التي تنهج منهج الماسونية في التراتبية والسرّية و«الأستاذية».. تنظيم ضال دينياً ومفلس سياسياً بإجماع علماء أهل السنة والجماعة، فالتحزب الديني ليس من الإسلام ولا من أصوله، بل هو خروج عنه ومحاولة بناء كيان ثيوقراطي بمفهوم الجماعة لا بصحيح الدين، وليس لهم مشروع دولة ناضج، باستثناء المفهوم المطلق عند حسن البنا في رسائله، والذي لا يخرج عن عباءة الجماعة المفلسة.
مشاهد العنف كثيرة ومتكررة، فها هو محمد البلتاجي، القيادي في جماعة الإخوان، الذي قال: «إن ما يحدث في سيناء (العمليات الإرهابية) لن يتوقف إلا بعودة الرئيس محمد مرسي للحكم».
وشاهد ودليل آخر شهد به شاهد من أهلها، هو القيادي في الجماعة ونيس مبروك الفسي عضو جماعة الإخوان الفرع الليبي، الذي قال في حديث متلفز وموثق لا يستطيع إنكاره، كعادة جماعته، بعد تحرير الجيش الليبي آخر جيب لـ«داعش» و«الإخوان» في بنغازي: «أعلم ناساً بايعت على الموت، وستكون قنابل موقوتة في أي لحظة». وبتحليل كلامِه نجد أنه بدأه بأنه «يعلم»، أي أنه مطّلع ويعرفهم، وبالتالي هو شريك في الجرم ولو بالتستر.
محاولات الجماعة الضالة بالهروب إلى الأمام وإلصاق التُّهم بالتنظيم الخاص أو السرّي بأنه نشأ من دون علم التنظيم أو بالتجاوز أو بالانشقاق أو بالخروج عن طاعة المرشد، كلام زائف واستخفاف بالعقول، فما وجود التنظيم الخاص أو السرّي إلا بعلم المرشد ومكتب الإرشاد، وهو يعد الذراع الضاربة للتنظيم، أو دُرّة الردع كما كان يسميها سيد قطب صاحب منهج التكفير بتهمة الجاهلية والرِّدة للمجتمعات والتي كان لا يخفيها في كتبه «معالم في الطريق»، وتفسيره المنحرف للقرآن تحت مسمى «في ظلال القرآن».
تنظيم جماعة الإخوان ضال منحرف عن أصول الدين، فلا هو جاء بصحيح الإسلام واتّبعه ولا هو تمسك بمبادئ السياسة وبقي حزباً سياسياً، وبذلك فقد التنظيم الضال الهوية، وبقي يتأرجح بين العنف والفجور في الخصومة.