بعض الجموع اعتلى «الجسر الجديد» مستعيداً شعاراته التي أطلقها منذ تسعة ايام، المطالبة بإستقالة الحكومة، فيما استحدث البعض الآخر شعارات جديدة عبّر فيها عن سخطه وخيبته «بعد معاودة نصرالله تهديد الشعب بإصبعه»، وفق قول الأستاذ واكيم حاتم لـ«الجمهورية».
أما «المعلم اسكندر»، القاطن في بصاليم، فقال انّه كان يقصد جل الديب ساعتين من كل مساء، لكنه قرّر البقاء حتى طلوع الفجر بعدما سمع كلمة نصرالله أمس. فيما تساءلت شقيقته حسناء متعجبة كيف يصنّف الرؤساء والزعماء أنفسهم بالأذكياء؟ كاشفة لـ«الجمهورية» عن سبب حماسها للنزول الى ساحات الاعتصام ثلاث مرات خلال 9 ايام، وقالت: «نزلت بعد خطاب الحريري وكلمة الرئيس عون وسارعت الى النزول اليوم بعد سماعي كلمة نصرالله». موجّهة نداءً الى أولئك بمراجعة خطابهم والتحلّي بالحكمة خلال اطلاقهم المواقف، كي يتمكنوا من امتصاص نقمة شعبهم، لأنّ تلك الخطابات حسب تعبيرها «هي التي تحفّز المواطنين وتبقيهم في الشوارع». كثيرون مثل حسناء ممن توافدوا مساء امس واعتلوا جسر جل الديب ليطلقوا نداءهم والاعلان عن استمرارهم في التظاهر حتى تمتلئ الساحات.
اما ميرنا التي لم تبارح الساحة منذ اكثر من 9 ايام فقالت لـ«الجمهورية»: «لا «عاصفة الطبيعة» ستوقفنا عن التظاهر ولا «عاصفة السلطة» ستمنعنا من الاستمرار في التظاهر». وحين سألناها اذا كانت تعتبر انّ التظاهرات «معطلة البلد» اجابت: «فليتعطل شهر احسن من ان يتعطل العمر كلو».
الاعلام يتضامن
كذلك شهدت ساحة جل الديب الكثير من الحركات الاحتجاجية مساء امس، إعتراضاً على قمع الحرّيات وخصوصاً قمع الاعلاميين والاعلاميات ومحطات التلفزة والمراسلين، الذين كانوا في اليومين الماضيين في مرمى التصويب، فتعرّض الكثير منهم الى السباب والتهجّم اللفظي والاتهامات الجائرة، في وقت كان هؤلاء يمارسون واجباتهم المهنية بتجرّد. ولهذه الأسباب تجمّع البعض منهم في ساحة جل الديب في وقفة تضامنية عبّرت عن رفضهم لتلك الممارسات.
كذلك لبّى العديد من الشخصيات الاجتماعية والاعلامية نداء الاعلاميين، الذين حضروا الى ساحة جل الديب متضامنين رفضاً للاعتداء على كافة الوسائل الاعلامية، فيما حضرت مجموعة من الاعلاميين المستقلين الى ساحة جل الديب وبدأت توزيع المأكولات على المتظاهرين في لفتة مسالمة وتضامنية.
ومن المشاهدات الاجمل في ساحة جل الديب كل صباح، استمرار توافد الجمعيات المؤيّدة للانتفاضة ومنها «جمعية الأخوية للسيدات» التي تواظب يومياً على المجيء الى كنيسة مار عبدا لتأدية الصلاة وتلاوة المسبحة على نيّة الحراك.
أما «الماما»، وهي صورة السيدة العالقة في الأذهان، التي قَدمت سيراً متأبطة إبريق قهوة كبير الحجم وسلّة طعام من منزلها، تقدّمهما الى عائلتها والى المتظاهرين. وحين تسألها عن اسمها تقول لك «أنا الماما»، ليتبيّن بعدها انها تعمد كل يوم منذ بدء الحراك الى احضار الساندويشات واباريق القهوة من منزلها القريب من ساحة جل الديب سيراً على الأقدام. وحين تسألها عن «التمويل» تجيب ضاحكة: «إسألوا السيّد».