ربما انتهى حزب الله كتجربة حيّة للقوى المستضعفة التي جاءت من واقع الفقر الذي أحاط مؤسسي التجربة والمحيطين بها والعاملين فيها من الذين ولدوا وعاشوا في بيوتات أقرب ما تكون الى الأكواخ وفي بيئات متدنية اجتماعياً بحيث دفعهم عوزهم وفقرهم وقلّة حيلتهم الى البحث عن ما يسد حاجاتهم الإجتماعية التي فاق من أزماتها نظام الطائفة الحاكمة فكانت خطواتهم المباشرة الإنتشار في ثورتي المحرومين والمستضعفين على قاعدتي رفع الحرمان عن المستضعفين ومقاتلة عدويّ الداخل والخارج وقد ثبتوا في طرق المواجهة المتعددة وخاصة مع العدو الذي أصابوا منه مقتلة .
بدأت حالة الحرمان تختفي من وسطي قيادتي المحرومين والمستضعفين بعد دخول الدولة واستلام السلطة فانتفت عنهم صفة الحرمان وغابت وحلقت بعيداً عنهم صفة الإستضعاف بعد أن تحول بئراً من النفط الإيراني الى جيوب الحزب وهذا ما أوجد طبقة قيادية ميسورة وفوق سماء الأغنياء في ظل أوضاع عادية لباقي المنتسبين وزادت من ثراء قيادتي المحرومين والمستضعفين تجارات لا حصر لها من الجمعيات الى الاستثمارات المتعددة الوجوه .
بعد حرب تموز طافت قيادات الحزب على موجات من الدماء وتحت رايات الإنتصارات جرت سيول من السيولة النقدية بحيث أن إمكانيات قيادات الحزب المالية قد أصبحت الأقوى ما بين حيتان المال في لبنان وهذا ما كرّس نزعة برجوازية داخل صفوف الحزب حيث تصرف ميسورو النعمة تصرف المسرفين الملعونين في القرآن الكريم وهذا ما ينطبق أيضاً على الفرقة المحرومة والتي جنحت نحو ترف لا مثيل له بين المترفين الحقيقيين .
هذا التحول الكبير في الوضع المادي داخل حزب المحرومين والمستضعفين قد خلق طبقة من أقوى أثرياء الطوائف في لبنان ولا تهز من أوضاعها المالية ولا عاصفة مالية مهما كانت هوجاء لذا لم تتضرر من الأزمة الحالية وهي لم تعد تعرف أي معنى من معاني الفقر لذا لم تكترث للناس وما عادت تهزها كلمة حرمان أو استضعاف لأنها انتقمت منها بغنى لا مثيل له في تجربة الثورات العربية وخاصة تلك التي تحولت الى ثروات .
لقد فاجأ كلام السيد نصرالله بعض المغمضين في وقوف الحزب الى جانب السلطة الفاسدة وفي واستخدام قوته للنيل من المتظاهرين لحفظ عهد قوامه مجموعة من أثرياء البلد ممن اتهمهم هو أكثر من مرة بسرقة البلاد والعباد وهدّد بفتح قجة الحزب ليطيح بأسماء ورؤوس كبيرة نهبت المال العام .
من الطبيعي جداً أن يقف نصرالله الى جانب المتخمين والأثرياء بعد أن دخل الحزب طبقة أثرى الأثرياء في لبنان وباتت قيادته من المستكبرين الذين ينعمون بنعم لا حصر لها من ملذات لم يعرفها أصحاب النعم القديمة .