نحن الشعب اللبناني الجائع والموجوع والمديون خائف من الانهيار الاقتصادي وتدهور الليرة... وهم السياسيون اللبنانيون والناهبون والمطنِّشون والغائبون عن الوعي خائفون أيضاً من نفس الانهيار الذي يقضي على سمسراتهم وسرقاتهم وحصصهم في الصغيرة والكبيرة.
وبما أننا نتشارك نفس الهواجس، دعونا نلعب لعبة عادلة بيننا وبينكم، لعبة في أسوأ حالاتها قادرة أن تنقذ البلد وتنتشله من هذه الهاوية التي تَعاونّا في إيصال البلد إليها... أليس نحن من انتخبكم وهَلّل لكم ولَمّع صوَركم الملطّخة بدماء الشهداء وبعرق جبين الأحياء؟ أوليس أنتم من تماديتم في حكمكم حتى تفوّق فسادكم على صمتنا؟
اللعبة بسيطة للغاية وقواعدها واضحة، نقبل أن تفرضوا علينا رسوم الواتساب الجديدة التي تبلغ قيمتها حوالى 9000 ليرة شهرياً، والتي يمكن أن تدرّ أكثر من 250 مليون دولار إلى خزينة الدولة سنوياً، لكن بشرط أن تستغنوا عن حصصكم المليشيوية من شركتي الخلوي، وتسمحوا بدخول شركات منافسة إلى السوق، لا أن تفصّلوا شركات لكم، حتى تخفّ التعرفة التي تمّ تصنيفها من بين الأغلى في العالم.
افرضوا ضرائب على المحروقات بكلّ أنواعها واستمتعوا بإدخال المزيد من الأموال إلى خزينة الدولة حتى يخفّ العجز، ولكن قبلها تنازلوا عن عمولتكم التي تتعدّى 300 مليون دولار سنوياً من شراء الفيول.
إرفعوا التعرفة على كهرباء الدولة، وضاعفوها إذا شئتم... ولكن لا نريد أن نسمع بعدها صوتَ مولّد اشتراكٍ واحد في أي منطقة من لبنان، ولا نريد أن نلمح باخرة توليد كهرباء راسية في أي مرفأ على شواطئنا، وتعهّدوا ببناء معامل كهرباء عصرية بمساعدة الدول التي سبق وأن عرضت عليكم تقديم كل ما يلزم لتأمين الكهرباء 24 ساعة في اليوم بكلفة أقلّ... فنكون قد تعاونّا لإنعاش قطاع الكهرباء الذي يشكّل أكبر عبء على الدين العام، فتخفّ فواتيرنا الشهرية وتزيد مداخيل خزينتكم.
إرفعوا الـTVA إلى 15 و16 و17 في المئة، خذوا ما شئتم من ضريبة الدخل، وافعلوا كل ما يلزم لزيادة مداخيل الدولة، ولكن بشرط أن تتنازلوا عن مخصّصات النواب والوزراء، وتلغوا قانون رواتبهم مدى الحياة، ولا تكبّدوا خزينة الدولة مصاريف مواكبهم ومرافقيهم وسفراتهم، ولا ضرورة أن تتمتّع سياراتكم ومشترياتكم من خلف البحار بالإعفاء الجمركي، فأنتم مجرّد معاقين ولستم من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وإذا نسيتم، نذكّركم أنه يمكنكم فرض ضرائب على الخبز والمواد الأولية واحتياجاتنا اليومية، وحتى نكون عادلين ومتناصفين، إفرضوا ضرائب تصاعدية ومرتفعة على الأغنياء وعلى مشترياتهم الفاخرة.
أمّنوا للشعب اللبناني ضمان الشيخوخة والتعليم المجاني والطبابة المجانية، أصلحوا طرقاته وأنيروها وحافظوا على سلامته، وفّروا له أقلّ متطلبات الحياة والنظافة، كنّسوا طرقاته من النفايات وامسحوا التلوّث من هوائه وخذوا ما شئتم من الضرائب ولن تسمعوا صوتاً يعلو فوق صوت القانون.
لا يمكن أن تستمر اللعبة بقواعدها الحالية وعلى مقاساتكم، ولا تصدّقوا أنّ الشعب سيسكت بعد اليوم على تجاوزاتكم، فقد طفح الكيل وشبعنا من سرقاتكم. افرضوا ضرائبكم بشروط متمدّنة وليس عبر شركات طرف ثالث تأخذ من جيوبنا وتضع في جيوبكم، كما فعلتم بمرسوم التخابر الدولي والكهرباء والبنزين والاتصالات وغيرها... افرضوا مرسوم الواتساب الجديد ولكن ليس عبر خزعبلات قانونية تُنشئون من خلالها شركات وهيئات تتنصّت علينا وتسلبنا ما تبقّى في جيوبنا حتى تطول سفراتكم وتكبر مواكبكم وتنتفخ كروشكم، ويغرق بعدها لبنان أكثر.
إلعبوا بقواعد نظيفة وسنتعاون جميعنا لإنقاذ ما تبقّى من لبنان الذي أوصلناه جميعنا إلى هنا... إستمروا بعهركم، وستجدون الناس تأكل بروجكم العاجية وتتقيأ فتات منابركم الطائفي.