الخريطة الأولية تشير الى تصميم "القوات اللبنانية" على رفض زيادة الضرائب، إذا لم تتضمّن إصلاحات جذرية، في القطاع العام والمرفأ والمطار والتهرّب الضريبي والمعابر غير الشرعية، وغيرها من الملفات الكبرى. وقد ارتأى "التيار الوطني الحر" أن يقترب من موقف "القوات اللبنانية"، في هذه النقطة. ولهذا، فإنّ موقف الرئيس الحريري داخل الحكومة أو في مجلس النواب سيكون موضع تَساؤل، خصوصاً إذا أُقرّت الضرائب، وتَنصّلت منها الكتل النيابية الممثّلة في الحكومة.
وتقول مصادر "التيار الوطني الحر" انّ العلاقة مع الرئيس سعد الحريري يشوبها الكثير من المشكلات، فهو ما زال يشتبك مع "التيار" في ملفات عدة، أبرزها ملف التعيينات، وملف التوقيفات، خصوصاً توقيف الشيخ كنعان ناجي، وبعض المشايخ الذين في حقهم ملفات أمنية. كما أنّ الحريري ما زال يرفض إدلاء الوزيرين جمال الجرّاح ومحمد شقير بإفادتيهما أمام المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، وكذلك فإنّ الحريري اضطر للقبول بزيارة الوزير جبران باسيل لدمشق باعتبارها صارت أمراً واقعاً لا يحقّ لأحد الاعتراض عليه، ما دام التفرّد في السياسة الخارجية قائماً، فما هو مسموح لرئيس الحكومة لا يمكن أن يكون ممنوعاً على "التيار"، وعلى رئيس الجمهورية.
وتقول مصادر "التيار" انّ على الحريري في كل هذه الملفات أن يُبدي مرونة أكثر، فالتعيينات في "الميدل إيست" ومرفأ بيروت لا يمكن أن تمر على الطريقة القديمة، أي على طريقة السيطرة على المواقع المسيحية، أما بالنسبة لقضية الجرّاح وشقير، فيُصرّ الرئيس ميشال عون على رفع "الفيتو" عن إدلائهما بإفادتيهما أمام القضاء، كما يصرّ على أن تُجرى التحقيقات في الاتهامات الموجّهة الى بعض الشخصيات التي حمل وزير الدفاع أسماء منها الى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، علماً أنّ الحريري يرفض كل هذا المسار، وهو الذي أوعَز الى مفتي الشمال بأن يعترض على توقيف الشيخ كنعان ناجي.
في المحصّلة هل أزال "حزب الله" "الفيتو" أمام قرار رفع الضرائب، بوساطة من الرئيس نبيه بري، ثم عاد وانقلب عليها؟ وماذا حصل فعلاً في الحكومة؟.
باستثناء عدم التوافق على رفع تعرفة الكهرباء وإقرار الهيئات الناظمة، وقد صار مشكوكاً بأنّ الحريري بعد انفلات الشارع قادر على التوجّه الى الدوَل المانحة لتفعيل آليّات مؤتمر "سيدر"، لكن في المقابل، لا يمكن التَكهّن منذ الآن بما سيحصل في مجلس النواب، في ظل الاعتراض الذي تُبديه كتل نيابية مشارِكة في الحكومة.
من جهة أخرى، يبدو انّ "حزب الله" تبنّى ورقة أعدّها الوزير السابق شربل نحاس، تطالِب المصارف بوضع 7 مليارات دولار من الأموال التي جَنتها نتيجة الهندسات المالية، في الخزينة بفائدة صفر بالمئة لمدة 3 سنوات، وهذا الاقتراح لم يُطوَ بعد، وسيعتمده "حزب الله" كورقة عمل لمناقشتها في الحكومة.
بالتوازي، كان "حزب الله" يعمل على ترتيب المرحلة الجديدة، أي مرحلة الخروج الاميركي من سوريا، واستتباب الأمر لنظام الاسد، وترجمة ما يراه انتصارات في المنطقة، بواقعٍ جديد في لبنان. ولهذا، طلب الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله من الوزير باسيل ورئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية أن يتصالحا، لأنّ مقتضيات المرحلة تُملي هذه المصالحة، وتمهّد لحقبة جديدة في لبنان، من زاوية تكريس اختلال ميزان القوى لمصلحة الحزب وحلفائه.