الإصابة بسرطان الثدي كابوس يؤرق النساء، ورغم ضحايا ذلك المرض الخبيث خلال العقود الماضية، فإنه لم يعد ذلك الزائر القاتل، فالمواجهة باتت ممكنة، ولا سيما أن نسب الشفاء منه تتجاوز 95%، في مراحله الأولى، خاصة إذا تم الكشف مبكرا عن المرض، وعلاجه بالشكل الصحيح.
في حديثه للجزيرة نت، أكد مدير عام مركز الحسين لعلاج السرطان بالأردن الدكتور عاصم منصور، أن علاج سرطان الثدي في مراحله المبكرة قد يحتاج بين شهرين وستة أشهر للشفاء الكامل، حسب حالة المريضة، ومدى استجابة الجسم للعلاج.
وأضاف منصور أن مريضة سرطان الثدي قد لا تحتاج للعلاج الكيماوي والإشعاعي بعد استئصال الكتلة المصابة من الثدي، من خلال عملية بسيطة تستمر ساعتين تقريبا، يجرى بعضها عن طريق المنظار دون الحاجة لعملية جراحية.
الأكثر شيوعا وشفاء
رغم أن سرطان الثدي هو السرطان الأكثر شيوعا بين السيدات الأردنيات، إذ يشكل حوالي 40% من مجموع السرطانات المنتشرة في الأردن، بحسب منصور، فإنه الأكثر شفاء.
وتابع منصور، أنه تم تشخيص ثمانية آلاف حالة إصابة بالسرطان بالمركز خلال العام. من هذه الإصابات شُخّص 1278 إصابة بسرطان الثدي، حيث سجلت 16 إصابة بسرطان الثدي للرجال.
مراحل الكشف المبكر
قد لا تتنبه بعض النساء إلى العمر الضروري للخضوع لإجراءات الكشف المبكر لسرطان الثدي، وينصح منصور بإجراء صورة الماموغرام سنويا في سن الأربعين، وفقا لتوصيات البرنامج الأردني لسرطان الثدي، وذلك لأن متوسط عمر السيدة الأردنية عند إصابتها بسرطان الثدي حوالي 50 عاما.
مع ضرورة قيام السيدة بالفحص الذاتي والسريري للثدي ابتداء من عمر الخامسة والعشرين، أما السيدات اللواتي لديهن تاريخ أسري في الإصابة بسرطان الثدي، وخاصة عند القريبات من الدرجة الأولى مثل الأم والأخوات، فينصح لهن بالبدء بالكشف المبكر بأعمار مبكرة.
وتابع منصور "هناك طرق طبية أخرى مساعدة نلجأ إليها مثل التصوير ثلاثي الأبعاد بالأمواج فوق الصوتية، وتصوير الثدي بواسطة الرنين المغناطيسي، وهاتان الطريقتان مفيدتان جدا للسيدات اللواتي تكون كثافة الثدي لديهن عالية، بحيث تؤثر على قدرة الماموغرام على كشف الأورام الصغيرة".
وأضاف "أما المرحلة الثانية فتكون بالتشخيص الطبي إذا ما كانت هناك شكوك بوجود سرطان، وذلك من خلال أخذ خزعة (عينة) من المنطقة المشتبه بها، وهذا إجراء بسيط ويجرى تحت التخدير الموضعي".
لكن في جميع الأحوال، هنالك طيف واسع من الأعراض التي تشير لوجود سرطان الثدي وتستدعي مراجعة الطبيب، فبحسب منصور، أهمها وأكثرها انتشارا وجود ورم صلب أو كتلة لم تكن موجودة من قبل، أو وجود انتفاخ في جزء من الثدي دون الآخر، أو تغير في الجلد من حيث الشكل أو اللون، أو تغير في شكل أو لون الحلمة، أو ملاحظة إفرازات من الحلمة، أو تضخم في أحد الثديين، أو ظهور تقشر في جلد الحلمة.
وكل هذه الأعراض ليست بالضرورة ناجمة عن ورم خبيث، لكنها تستدعي العرض على الطبيب وإجراء بعض الإجراءات التشخيصية للتأكد، وفي مراحله المبكرة لا يكون لسرطان الثدي أية أعراض أو آلام، لكن مع تطور المرض في حال لم يكشف عنه مبكرا يبدأ بتكوين أعراض أخرى.
هل يصيب سرطان الثدي الصغيرات؟
أشار منصور إلى أن سرطان الثدي غير مرتبط بعمر محدد، ففي الأردن 50% من المصابات بسرطان الثدي، أعمارهن تحت الخمسين عاما، مضيفا، "كلما تعرض الثدي لهرمونات أقل، تراجعت نسب الإصابة بسرطان الثدي، فالمرأة التي أنجبت عدة مرات، والمرضعة طبيعيا، أقل إصابة بسرطان الثدي المرتبط بالنشاط الهرموني في الجسم، فكلما قل تعرض السيدة للنشاطات الهرمونية، تراجعت حينها نسبة الإصابة بسرطان الثدي".
ليس هناك سبب مباشر وقطعي لسرطان الثدي، فهنالك من 10 إلى 15% بسبب جين وراثي، لذلك وجود أي شخص مصاب في العائلة بقرابة من الدرجة الأولى سواء الأم أو الأخت، أو من الدرجة الثانية الخالة أو ابنة الخالة، فيفضل أن تجري المرأة الفحص المبكر للثدي.
عمليات التجميل وسرطان الثدي
أوضح منصور أن الدراسات العلمية لم تشر إلى وجود علاقة بين الإصابة بسرطان الثدي وعمليات التجميل، ولكن كل الالتهابات المتكررة على مدى سنوات وفي المنطقة ذاتها قد تؤدي للإصابة بالسرطان، وعندما تجري المرأة عمليات تجميل فإن الجروح تسبب خللا بالأنسجة الموجودة، وتعيق عمل الخلايا المناعية المقاومة وتضعفها مما يؤثر على إصابة محتملة.
مراحل الإصابة
يقول منصور، "هناك خمس مراحل للإصابة يتنقل فيها سرطان الثدي، أخفها المرحلة الصفرية، وتعرف بمرحلة ما قبل تحول الخلايا إلى خلايا شرسة، وتهدف حملات الكشف المبكر عن سرطان الثدي، الكشف عنها في هذه المرحلة".
ونسبة الشفاء من سرطان الثدي بهذه المرحلة تقارب الـ100% من المصابات المكتشفات، ثم هناك أربع مراحل من 1 إلى 4، المرحلة الأولى تكون فيها الخلايا أقل شراسة، نسب الشفاء فيها تتجاوز الـ95%، وفي المرحلة الثانية تقل إلى 90%، وكلما زادت المرحلة كان الورم أكبر وأكثر شراسة تراجعت فيها نسب الشفاء إلى 70-80%.
وهناك دول طبقت مبكرا برنامجا وطنيا للكشف المبكر، وأصبح معظم الحالات تشخص في المراحل المبكرة، بينما عندنا في الأردن 13% من الحالات تشخص في المرحلة الرابعة.
وفي هذه المرحلة خطورة عالية بحيث يكون المرض قد انتشر في الدم أو الجهاز الليمفاوي، وتصبح الحالة صعبة، ونسبة الوفيات بسرطان الثدي بين المصابات 10% وفقا لإحصائيات السجل الوطني للسرطان.
مراحل العلاج
أشار منصور إلى أنه في المراحل المبكرة من السرطان عادة ما تكون الجراحة لاستئصال الورم هي الحل الأمثل، وتكون جراحة محدودة تحافظ على الثدي، وقد يصاحبها علاج بالأشعة أو الهرمونات.
أما عن المراحل المتقدمة في الإصابة خصوصا المرحلتين الثالثة والرابعة فإن العلاج الرئيس هو العلاج الكيماوي، وعادة ما يستغرق وقتا طويلا يصل إلى عدة أشهر، وهناك طرق جديدة بالعلاج البيولوجي الموجه والعلاج المناعي.