اقتصادياً، ما ان تَخبو أزمة حتى تطلّ أخرى، وكأنّ البلد قد دخل في مدار الأزمات والمطبّات المتتالية. ويبدو جليّاً انّ ما يشهده اليوم من أزمات طحين ودواء ومحروقات، هي مجرد إفرازات للأزمة الكبرى المتمثّلة في الكارثة المالية والاقتصادية التي تقترب أكثر فأكثر.
وفيما نجح رئيس الحكومة سعد الحريري في تجميد أزمة الرغيف في الأفران لمدة 48 ساعة، برزت أمس أزمة صحية على مستوى عمل المستشفيات، إذ أعلنت الشركات المستوردة للاجهزة والمستلزمات الطبية انها قد تضطرّ لوقف الاستيراد، بسبب عدم قدرتها على تأمين الدولار من المصارف ممّا سيؤدي الى تَخلّفها عن دفع مستحقاتها للشركات العالمية المصنّعة في الخارج، ما يؤدي إلى توقفها عن تسليمنا البضائع المطلوبة لتأمين احتياجات المستشفيات والمرضى، وعلى سبيل المثال لا الحصر: طاولات العمليات، أجهزة التنفس الاصطناعي، الادوات والخيوط الجراحية، الإبَر وأجهزة المختبر، الأشعة وأجهزة علاج السرطان، ماكينات التعقيم، راسور وبطارية القلب والصمام، ماكينات غسيل الكلى، مسامير جراحة العظام والمفاصل وكثير غيرها، بالاضافة الى كامل مستهلكاتها وقطع الغيار، علماً انّ لبنان يستورد 100 في المئة من هذه البضائع، ولا يوجد أي بديل محلي».
وفي السياق، حذّر نقيب اصحاب المستشفيات سليمان هارون من وضع دقيق تواجهه المستشفيات، بسبب عجزها عن دفع مستحقات مورّدي الادوية والمستلزمات الطبية. وقد يؤدي الأمر الى توقّف الشركات عن تسليم هذه المواد الحيوية الى المستشفيات.
وقال هارون لـ«الجمهورية»: «انّ الأزمة في القطاع الصحي أصعب بكثير من أزمة المحروقات وأزمة الطحين والخبز وأكثر تعقيداً، لأننا نتحدث عن متأخرات مستحقات المستشفيات، والتي تجاوزت 2000 مليار ليرة، وهي الى ازدياد لأنّ وتيرة الدفع بطيئة جداً وهي أقل بكثير من وتيرة الفَوترة».
وأضاف: «تبلّغتُ من مستوردي الاجهزة الطبية توجّههم للتوَقّف التحذيري ليوم واحد عن تسليم المعدات والاجهزة الطبية، على ان يتخذوا خطوات تصعيدية تباعاً. وقد أبلغتهم ان ليس في مقدورنا الدفع، اذا لم تدفع لنا الدولة المستحقات المتوجبة عليها».