«هدوء وترطيب للأجواء»... هكذا وصف النوّاب الحاضرون أجواء اللجنة التي حضرها وزير الاتصالات محمّد شقير، بعد أكثر من شهر على قراره بوضع «فيتو» على مشاركته في اجتماعاتها. النار المشتعلة بينه وبين النائب اللواء جميل السيّد في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي خَمَدت بعد نقاشٍ مطوّل بين الرجلين، اللذين شدّدا على عدم وجود أي خلاف شخصيّ بينهما. ولفت السيّد إلى أنّ «الفساد يمتدّ إلى كلّ القطاعات وليس في وزارة الاتصالات فحسب، وهو ضدّ استثناء بعض وزراء الاتصالات من هذه القضيّة».
في المحصّلة، انتهت «جلسة غسل القلوب» بتراجع شقير عن إصراره على عدم الموافقة على حضور موظفي شركتَي «تاتش» و»ألفا» اجتماعات اللجنة، ليتم الاتفاق على اجتماعٍ يُعقد الإثنين المقبل للاستماع إلى موظفي «تاتش»، على أن يتم الاستماع إلى موظفي «ألفا» يوم الإثنين الذي يليه، ويكون الاجتماع الثالث مُخصَّصاً للاستماع إلى موظّفي هيئة «أوجيرو».
في حين اشترط شقير أن يكون توجيه الأسئلة لموظفي الشركتَين محصوراً بعهود الوزراء الذين سبقوه، من دون التطرّق إلى ما حصل في عهده إلّا في حضوره.
إذاً، كلّ «الفيتوات» التي أعلنها شقيرعلى مرّ الأسابيع الماضية، ذهبت أدراج الرياح. لم يكن يريد الحضور، فحضر... لم يوافق على حضور موظفي شركتَي الاتصالات... وسيحضرون... فماذا حصل؟
لا يعرف الكثير من النوّاب الذين حضروا اجتماع اللجنة ما يحصل خلف الكواليس، ولكنهم يدركون جيّداً أنّ الجو لا يوحي بأن يكون هدوء ما قبل العاصفة، إلا إذا تراجع شقير من جديد عن وعوده وقرّر الإثنين المقبل الهَمس في آذان موظّفي «تاتش» بألّا يحضروا الاجتماع.
يُحاول هؤلاء البحث عن تفسيرات لما يجري تحت الطاولة، ليشيروا إلى أنّ هناك تسوية أو تفاهماً ضمنياً بين الأفرقاء السياسيين، وخصوصاً بين «حزب الله» و«تيّار المستقبل» لـ«ضَبضَبة» الفضائح التي توصّلت إليها اللجنة، تمهيداً لـ«كَسر رجل» اللجنة قبل وصولها إلى مبتغاها في تشكيل لجنة تحقيق نيابيّة تتابع الملف، علماً أنّ اللجنة بعد هذه الاجتماعات الثلاثة تكون قد استكملت مُعطيات هذا الملف لترفع تقريراً بنتيجة أعمالها إلى رئيس مجلس النواب الذي يقرّر طرح مشروع تشكيل لجنة تحقيق نيابيّة على التصويت في الهيئة العامّة.
لا يعرف هؤلاء النوّاب ماذا سلّف «المستقبل» «حزب الله» إذا صحّ كلامهم بوجود تسوية؟ ولكن ما يزيد قناعتهم بإمكانيّة تَمييع أعمال اللجنة هو كلام شقير أمس بسؤاله عن «عمر اللجنة، لينتهي هذا النقاش ونُقفل الملف وتنتهي أعمال اللجنة». وهذا أيضاً ما تتحدّث عنه النائب بولا يعقوبيان التي تؤكّد أنّ «الخِفّة في التّعامل لا تدلّ على أنّنا مسؤولون».
في المقابل، ينفي نوّاب آخرون أن يُصار إلى «لَفلفة» القضيّة، معتبرين أنّه لا يُمكن قراءة هذا المؤشّر إلّا في حال عدم انعقاد جلسة طرح مشروع تشكيل لجنة التحقيق على التصويت.
ويلفت هؤلاء إلى أنّه عكس ما أُشيع، فإنّ الهدوء الذي خيّم على الاجتماع لم ينسحب إلى خارج الغرفة، إذ تحدّث البعض عن غضب شقير من المؤتمر الصحافي الذي عقده السيّد في مجلس النواب، والذي أشار إلى أنّ «تكاليف شراء مبنى «تاتش» وصلت إلى 105 ملايين دولار، في وقت أنّ شقير يروّج أنّه كَلّف 68 مليوناً ونصف المليون دولار».
وقد طرح السيّد هذا الأمر خلال الجلسة، مُفَصّلاً المبلغ الذي دفعه شقير، والذي وصل إلى 105 ملايين دولار. والمفارقة أنّ شقير لم يوضح موقفه بعد كلام السيّد، بل التزم الصمت!
كما تطرّقت يعقوبيان إلى ما أشيع عن أنّ أحد أعضاء اللجنة وقّع عقداً استشارياً مع شركتَي الخلوي، وأصرّت أن يكتب رئيس اللجنة النائب حسين الحاج حسن بياناً بهذا الموضوع، لأنّه «فضيحة بكلّ ما للكلمة من معنى، ويطالنا جميعاً». وفيما أكّد الحاج حسن، خلال الجلسة، أنّ هذا الأمر غير صحيح، رَدّ أحد أعضاء اللجنة أنّ الأمر لم يبتّ بعد، وهناك نيّة لدى أحد الأعضاء بتوقيع العقد.
ومن المنتظر أن يعقد الحاج حسن مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم في مجلس النواب، للحديث عمّا حصل في الجلسة.