الحركة الإسلامية تجدد دعوة أنصارها للتصويت بقوة لصالح قيس سعيد.
تعطي النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التونسية مؤشرا عن صعوبات متوقعة في تكوين الحكومة المقبلة في ظل الأغلبية غير المريحة لحزب الأغلبية حركة النهضة الإسلامية وصراعه مع حزب قلب تونس، الذي حل في المرتبة الثانية، حيث تعهد كل حزب بعدم التحالف مع الآخر.
وأثار إطلاق سراح رئيس حزب قلب تونس والمرشح للدور الثاني للانتخابات الرئاسية نبيل القروي الذي يتهم النهضة بالوقوف وراء سجنه تكهنات بإمكانية طي الحزبين لصفحة الخلافات والدخول في تحالف شبيه بذلك الذي عقدته النهضة مع حزب نداء تونس في انتخابات 2014.
وكان القضاء التونسي أطلق، الأربعاء، سراح نبيل القروي (56 عاما) بعد توقيفه لـ48 يوما، بتهمة تبييض الأموال والتهرب الضريبي.
وينظر إلى إطلاق سراح القروي قبيل يومين من الصمت الانتخابي، كبادرة حسن نية لنسيان التشنج الذي طبع الحملات الانتخابية الرئاسية والتشريعية وتبادل الاتهامات بين الطرفين، تمهيدا لتحالف مرتقب.
وألمح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى “فساد نبيل القروي”، في حين ذكّر نبيل القروي “بشبهة الإرهاب” المحيطة بالنهضة.
واتهمت عائلة القروي في أكثر من مناسبة حركة النهضة وحليفها رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالوقوف خلف اعتقال القروي لمنعه من خوض السباق الانتخابي.
لكن مراقبين يستبعدون فرضية استنساخ النهضة لتحالفها مع نداء تونس، أي أن النهضة ليست مستعدة هذه المرة للتنازل من أجل وصول خصم لها إلى الرئاسة (القروي) وهو ما يؤكده تجديدها، الخميس، دعوة أنصارها للتصويت لمنافسه قيس سعيد.
وذكر بيان للنهضة أن “الحركة تؤكد ثبات موقفها الداعم للمرشح الرئاسي للدور الثاني الأستاذ قيس سعيد ودعوتها أنصارها للتصويت القوي له”، وهو ما يعكس استمرار رهانها على سعيد.
ونال القروي في الدورة الرئاسية الأولى 15.4 في المئة بينما حل منافسه أستاذ القانون الدستوري المتقاعد قيس سعيّد أولا بحصوله على 18.4 في المئة من الأصوات.
ويرى المراقبون أن النهضة لا تريد تكرار تجربة 2014 عندما سمحت بشكل غير مباشر لوصول الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي إلى الرئاسة بعدما تخلت عن دعم حليفها في الحكم المنصف المرزوقي، مشددين على أن النهضة تريد شخصية هشة تسهل السيطرة عليها وهو ما يتوفر في قيس سعيد على عكس القروي الذي قد يسبب وصوله متاعب كثيرة للحركة.
ورشحت حركة النهضة لأول مرة أحد أبرز قياداتها عبدالفتاح مورو للانتخابات الرئاسية وحل في المرتبة الثالثة بعد سعيد والقروي.
ومن المزمع أن يجرى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الأحد المقبل.
ورفض القضاء مرارا مطالب الإفراج عنه ليتمكن من القيام بحملته الانتخابية التي تولتها زوجته بالوكالة.
وعزز إطلاق سراح القروي المفاجئ الاتهامات بتأثير حركة النهضة على القضاء وعمق الشكوك بوجود صفقة بين الطرفين.
لكن القروي، الذي تم توقيفه بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي قال للصحافيين، الخميس، “أمس أخرجني القضاء ولم أقم بأي توافق مع أي طرف لا النهضة ولا الحكومة”. وبدورها أكدت حركة النهضة أن “إطلاق سراح نبيل القروي، تماما مثل إيقافه، شأن قضائي خالص لا دخل للحركة فيه”.
وأعلنت، مساء الأربعاء، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي جرت الأحد الماضي.
وحازت حركة النهضة على 52 مقعدا من بين 217 مقعدا فيما حصل حزب قلب تونس الليبرالي الثاني على 38 مقعدا.
وجاء حزب التيار الديمقراطي في المركز الثالث بـ22 مقعدا بينما حصل ائتلاف الكرامة اليميني المحافظ على 21 مقعدا والحزب الدستوري الحر على 17 مقعدا.
ويضع هذا التشتت النهضة أمام مأزق قد تعجز عن الخروج منه وهو ما دفعها للإعلان على لسان بعض قيادييها، عن استعدادها للتفاوض مع حزب قلب تونس”.
وقال عبدالفتاح مورو الذي يوصف بالرجل الثاني في الحزب بعد راشد الغنوشي، في تصريحات إعلامية، مساء الأربعاء، إن “كل شيء ممكن من أجل مصلحة الوطن، بما في ذلك التحالف مع حزب قلب تونس”، قبل أن يستدرك كلامه بالقول إنه يتحدث عن “تفاوض مع القروي وليس تحالفا”.
واعتبر أن الإفراج عن القروي عنصر إيجابي يرد النضارة للانتخابات الرئاسية ويعطيها زخما أكبر، مشيرا إلى أن الإفراج المؤقت عنه بررته المحكمة بأن قرار الإيقاف جاء مخالفا للطعن الذي تقدم به القروي.
وشدد مورو على أن الطريق إلى تشكيل الحكومة ليس سهلا ولا يأتي إلا بعقد تحالفات بين الأحزاب، غير أن الإشكالية تكمن في التشتت.
وتحتاج حركة النهضة إلى تشكيلين سياسيين آخرين بالإضافة إلى قلب تونس من أجل الوصول إلى أغلبية 109. وأعلنت حركة الشعب التي حلت في المرتبة السادسة بـ16 مقعدا والحزب الدستوري الحر رفضهما التحالف مع الحركة في حين اشترط حزب التيار الديمقراطي حصوله على ثلاث وزارات: الداخلية والعدل وإصلاح الإدارة مقابل الدخول في التحالف مع حركة النهضة.