وقال بري بعد اجتماعه مع عون: «الجلسة مع الرئيس كانت أكثر من جيدة وممتازة، وتناولت كل المواضيع التي ندور في فلكها الآن، لاسيما الوضع المالي والنقدي والموازنة».
وأضاف: «كان هناك اتفاق على أنه اذا تأخّرت الحلول عن الأسبوع المقبل في موضوع الموازنة، فسندعو الى انعقاد لجنة الطوارئ التي تقررت في اجتماع بعبدا في 2 ايلول الماضي». وأكّد أنّ «جلسة 17 تشرين الاول لمناقشة رسالة الرئيس عون حول تفسير المادة 95 من الدستور، قائمة».
وقالت مصادر تابعت أجواء اللقاء لـ«الجمهورية» انّ البحث «تناول سلّة من القضايا أبرزها الوضع الإقتصادي والإجتماعي والنقدي وما هو متّصِل بالحاجة الى البَت بموازنة 2020، بالإضافة الى جلسة 17 الجاري المخصّصة للبحث في مضمون رسالة رئيس الجمهورية الخاص بطلب تفسير المادة 95 من الدستور، وما يمكن ان يقود إليه البحث فيها في مثل الظروف التي تمر فيها البلاد.
وفي المعلومات أنّ التفاهم تم على البَت بالموازنة ضمن المهلة الدستورية، وفي حال العكس يمكن العودة الى مضمون التفاهم الذي انتهى اليه لقاء بعبدا الاقتصادي في 2 أيلول الماضي، ودعوة هيئة الطوارىء المشكّلة برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيسَي مجلس النواب والحكومة والوزراء ورؤساء الكتل النيابية، الذين شكّلوا لقاء القيادات الـ 13 في بعبدا مع الوزراء والخبراء المعنيين بالملف الاقتصادي والاجتماعي للبحث في الموضوع.
ووجّهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء أمس الدعوة الى جلسة تعقد الاثنين المقبل لاستكمال البحث في الموازنة، وتقديم الوزراء تقارير في شأن جدوى مؤسسات وجمعيات تابعة لوزاراتهم مطروحة للدمج او الإلغاء لعدم الحاجة إليها.
جلسة الرسالة الرئاسية
وفي شأن الجلسة النيابية المقررة في 17 الجاري المخصصة لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية وطلبه من مجلس النواب تفسير المادة 95 من الدستور، تمّ البحث في عدد من السيناريوهات المحتلمة للجلسة وما يمكن أن تقود اليه المناقشات في شأن مضمونها.
وعلمت «الجمهورية» انه من بين هذه السيناريوهات المطروحة ان تُتلى الرسالة وفق ما ينصّ الدستور، وتبدأ المناقشات في مضمونها حصراً، فإذا دارت في الجو التشريعي لتفسيرها كان به، وإن تَفلّتَت الى قضايا أخرى خارج مضمون الرسالة يمكن اللجوء الى مخارج عدة، منها مبادرة رئيس المجلس الى وقف النقاش وتشكيل لجنة تضمّ نواباً من اللجان النيابية المعنية، والتي يمكنها الإستعانة بمَن تراه مناسباً من الخبراء الدستوريين لمناقشة ما هو مطروح في أجواء هادئة ومتخصّصة، توصّلاً الى ما هدفت اليه الرسالة.
مجلس الوزراء
على أنّ جلسة «فهِمتو شي» التي عقدها مجلس الوزراء أمس، كان يفترض ان ينتهي في خلالها من مناقشة الموازنة العامة لرفعها الى الإقرار النهائي في جلسة تُعقد في قصر بعبدا، لكنّ تداخل الملفات والمواضيع والشروط والشروط المضادة حَوّلها جلسة عصف فكري دفعت عدد من الوزراء الى سؤال الصحافيين مُمازحين عمّا اذا كانوا فِهموا شي ؟؟؟ ليَصلوا الى النتيجة انّ «هذا هو المطلوب».
وفي معلومات «الجمهورية» انّ رئيس الحكومة سعد الحريري قال في بداية الجلسة، انّ لجنة الإصلاحات تدرس سلّة من الإجراءات يجب ان تقرّ بالتوازي مع مشروع الموازنة، وتوضَع في نص الفَذلكة، كالتزام من الحكومة لتطبيقها خلال ٣ أشهر.
وإذ فتح باب النقاش في هذا الامر قال وزير الخارجية جبران باسيل «انّ الموازنة لا يجب ان تقرّ قبل الاتفاق على الإصلاحات وتنفيذ خطة الكهرباء»، مؤكداً «انّ التيار الوطني الحر لن يسير في الموازنة الّا مع هذه المطالب».
ولاقاه وزراء «القوات اللبنانية» لجهة «الارتباط العضوي» بين الموازنة والإصلاحات، فعلّق وزير «حزب الله» محمد فنيش رافضاً «أيّ ارتباط مُسبَق بالتزامات ومشاريع لم تصل بعد الى مجلس الوزراء للاطلاع عليها ومناقشتها، خصوصاً أن ليس هناك من تأثير مباشر لبعض هذه الإصلاحات على الموازنة».
وتطرّق البحث الى كلفة معاشات التقاعد، فرفض وزراء «حزب الله» اي حسم إضافي عليها، وقُدّمت دراسة أظهرت أنّ تأخير البَت بمعاشات التقاعد يفوّت على الدولة وَفراً مقداره 900 مليار ليرة.
ودار نقاش عابر حول خطة الكهرباء، إذ طلبت الوزيرة ندى البستاني تأخير البَت في الاعتماد المرصود للكهرباء داخل الموازنة الى حين اتخاذ قرار في شأن الخطة لمعرفة تأثير القرارات على العجز، اي زيادة التغذية او نقصانها ورفع التعرفة.
وفي حين اكّد فنيش، بعد الجلسة، انه تم الاتفاق على تحديد مبلغ 1800 مليار ليرة للكهرباء داخل الموازنة، نَفت بستاني هذا الامر نفياً قاطعاً، سائلة: مَن قدّر هذا المبلغ؟ وعلى أي أساس؟»
معبر البوكمال
ودار سجال آخر حصل داخل الجلسة يتعلق بمعبر البوكمال بين سوريا والعراق، وفي معلومات «الجمهورية» انّ فنيش فتح الموضوع وقال: «المعبر فتح وخَلّينا نلَحِّق حالنا من اجل تسهيل انتقال البضائع». فذهب باسيل الى الأبعد، مقترحاً تشكيل وفد والذهاب الى سوريا للحوار مع الحكومة السورية.
وهنا كشف وزير الزراعة حسن اللقيس انّ وزير الاقتصاد السوري اتصل به وأبلغ اليه أنهم يريدون من لبنان 80 الف طن من الموز.
وأشار الى وجود وزير الزراعة الأردني في لبنان تحضيراً لاتفاقات من اجل تبادل الإنتاج الزراعي، وهذا يفرض البحث في سبل انتقال البضائع في خط ترانزيت عبر الاراضي السورية، لأنّ هناك تكلفة يحددها طول المسافة التي ستقطعها البضائع».
وأضاف: «أضع هذه المعطيات أمامكم لكي تتخذوا القرار المناسب».
ولم يكد اللقيس يُنهي كلامه، حتى هَبّت عاصفة شرسة من «القوات اللبنانية» و»الحزب التقدمي الاشتراكي»، حيث رفضا أيّ تَعاط مباشر مع سوريا. وقالت الوزيرة مي شدياق: «نحن كنّا ننتظر منكم ان تفتحوا هذا الموضوع وانكم ذاهبون إليه، لكن ليس بهذه السرعة».
ولفت في هذا المجال كلام للحريري الذي حاول أن يُوازِن بين الطرفين، لكنه بدا أكثر مرونة، فقال: «نحن مع الإجماع العربي، ويجب ان تعلموا ان العرب يتجهون الى نسج علاقات جديدة مع سوريا، لكنّ هذا الامر لا اتفاق حوله في الحكومة». وهنا اقترح اللقيس تكليف وزراء معنيين رسمياً من الحكومة، وليس الذهاب بالمفَرّق والتستر. وطلب الحريري في نهاية النقاش عدم تسريبه الى الاعلام والالتزام بهذا الامر، على رغم من انه قال: «أعلم أنني سأقرأه غداً في الصحف».
والموضوع السوري جَرّ الوزير وائل ابو فاعور الى توجيه انتقاد حاد الى باسيل حول بيان وزارة الخارجية في شأن العملية العسكرية التركية في الشمال السوري، وقال: «أين النأي بالنفس الذي تلتزم به الحكومة؟». فأجابه باسيل: «هل يفسّر كلامك أنك تؤيّد هجوم دولة غير عربية على دولة عربية؟ واذا كنّا نلتزم الإجماع العربي أعتقد أنك قرأتَ الاستنكارات العربية حيال هذا الهجوم».
مرحلة الانكماش
على المستوى الاقتصادي والمالي، أعلن البنك الدولي، في تقرير حديث، تعديل توقعاته السابقة الصادرة في نيسان الماضي حول نمو اجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان من 0.9 في المئة الى -1.1 في المئة في 2019، ومن 1,3 في المئة الى -1 في المئة في 2020، ومن 1,5 في المئة الى -1.1 في 2021. وبالتالي، ووفقاً لهذا التقرير، يكون لبنان قد دخل مرحلة انكماش ستمتد حتى 2021.
وتوقّع تقرير البنك الدولي ان يبلغ نمو متوسّط نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان -0,7 في المئة في 2019، مقارنة مع -0.3 في المئة في 2018، ليصل الى -0.2 في المئة في 2020 و -0.1 في المئة في العام 2021.
ورأى انّ الوديعة الاماراتية، التي يمكن ان يحصل عليها لبنان وقيمتها 1,4 مليار دولار، لا تكفي لإحداث «الصدمة الايجابية» المطلوبة، لافتاً الى انّ مفاعيل الوديعة لن تكون بالأهمية التي قد يتصورها البعض، «لأننا نخسر شهرياً نحو المليار دولار. وبالتالي، أي أمل او تعويض ستؤمّنه هذه الوديعة؟»
لا رغيف الاثنين
من جهة ثانية، شهدت أزمة القمح والرغيف تصعيداً جديداً بإعلان اتحاد نقابات اصحاب الافران الاضراب يوم الاثنين، مع إبقاء الاجتماعات مفتوحة لاتخاذ القرارات المناسبة في ضوء التطورات.
وشرح رئيس الاتحاد كاظم ابراهيم لـ«الجمهورية» انّ الاضراب هو مبدئياً ليوم واحد، لكن «في حال تَبيّن يوم الاثنين ان لا جديد في هذه الازمة، فإنّ اجتماعاتنا ستبقى مفتوحة، وسنعلن تباعاً عن مزيد من الايام التي سنتوقف فيها عن العمل. خطواتنا لن تقتصر على يوم الاثنين، فنحن «مش عَم نمزَح ولا عَم نلعب».
في الموازاة، أعلن تجمع المطاحن في لبنان انّ «المخزون الموجود لدى المطاحن، وفقاً لقرار وزارة الاقتصاد والتجارة الذي فرضَ مخزوناً استراتيجياً لمدة 4 أشهر، ثمنه ما زال عالقاً مع المصارف التي تطالب بتسديده بالدولار الاميركي، وإمكانية التحويل من الليرة اللبنانية الى الدولار الاميركي غير متوافرة».
إضراب لساعة واحدة
في غضون ذلك، نفذ القطاع الخاص أمس اضراباً رمزياً لساعة، وتوقّف العمل في المحال والمؤسسات، وأقيم احتفال مركزي أمام غرفة التجارة والصناعة في بيروت، ألقى خلاله رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس كلمة دعا فيها الى البقاء على أهبة الاستعداد للتحرّك لاحقاً.
وحذّر من انه «اذا استمر الوضع على حاله فإننا ذاهبون الى مشكلة اجتماعية، ويمكن ان تتحول فوضى واهتزازاً في الأمن الاجتماعي والاقتصادي. انّ تحركنا اليوم محطة أولى، وغداً (اليوم) ستجتمع الهيئات الاقتصادية للبحث في الأمور كافة، والتاريخ لن يرحم أحداً. إنتظروا الخطوات المقبلة وكونوا على استعداد للتحرك».
وقد استجاب للدعوة الى التوقف عن العمل القسم الاكبر من المؤسسات في العاصمة بيروت والمناطق، حيث جرى تنفيذ وقفات احتجاجية، وتمّ رفع لافتات على الأبواب المغلقة تنتقد تَردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأزمات التي يمر بها البلد.
أزمة النفط
وفي موقف لافت ومفاجىء سيؤدي الى إعادة خلط الأوراق من جديد، علمت «الجمهورية» انه، اعتبارا من صباح اليوم الجمعة، ستقفل شركات استيراد النفط أبواب مستودعاتها امام اصحاب الصهاريج والمحطات، وتتوقف عن تسليم المشتقات النفطية على انواعها لأصحاب المحطات إلّا بالدولار الأميركي بدلاً من الليرة اللبنانية.
ورَدّت الشركات السبب الى ما وصَفته بـ«عدم إيفاء الدولة بوعودها لجهة تحويل الايرادات التي حصّلتها الشركات طوال هذا الاسبوع بالليرة إلى دولار». وقالت مصادر معنية بالملف النفطي انّه اذا لجأت الشركات الى هذا التهديد، فسيؤدي حتماً الى تَجدّد الأزمة التي اعتقد البعض انّ التفاهمات الأخيرة قد تجاوزتها.
موفد بريطاني في بيروت
وفي هذه الأجواء علمت «الجمهورية» انّ وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية آندرو موريسون وصل الى بيروت أمس، في بداية زيارة رسمية الى بيروت يلتقي خلالها رئيس الجمهورية صباح اليوم وكبار المسؤولين ومجموعة من الفعاليات اللبنانية.
وفي المعلومات انّ هذا الموفد البريطاني يزور بيروت لتعزيز التعاون القائم بين لبنان وبريطانيا التي تستعد للخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو يحمل سلة من المقترحات لتوسيع نطاق التعاون في المرحلة المقبلة.