علامات التعجّب طرحها اكثر من طرف في الجلسة التي التأمت أمس، ولم ينسحب اعضاؤها من المسيحيين كي تفقد ميثاقيتها، كما توقّع البعض، فاجتمع أعضاؤها ولم يُجمعوا على قانون الدائرة الواحدة على أساس النسبية الذي تقدّمت به كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة بري، لكن ممثلي «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» وتيار «المستقبل» والتيار «الوطني الحر»، اعتبروا أنّ طرح أي قانون انتخاب حالياً ليس اولوية، فيما خباياه تُشعل الجبهات على صعد عدة... وأشارت مصادر مقرّبة من «حزب الله» لـ«الجمهورية» أنّه لا يحبّذ تغيير القانون الحالي، لكن اعتراضه أبقاه ضمنياً وفي مجالسه الضيّقة.
وفي أروقة المجلس، استغرب الفرقاء إصرار بري على تمرير المشروع المقدّم، وتساءلت عن كيفية وصوله الى اللجان النيابية، خصوصاً أنّ بري أعاد بعد لقاء الاربعاء النيابي التأكيد على أهمية تغيير القانون الحالي، رافضاً إرجاء البحث فيه أو اسقاطه في اللجان. لكنه لم يعترض على إمكانية تعديله، انما أصرّ على وجوب وصوله الى الهيئة العامة، مؤكّداً أنّ لها وحدها السلطة في إقرار القانون او ردّه الى اللجان. وعبّر صراحة عن رفضه النظام الطائفي، متسائلاً الى متى؟ وألم يحن وقت الانتقال الى مرحلة تأسيس لبنان الجديد؟
أجواء الصباح
اجتماع الاطراف في جلسة اللجان صباحاً بدأ هادئاً واستمر حوالى الساعتين، فلم تخرج سجالاته الى العلن، وكان لكافة الاطراف بعده تعليقات معبّرة عن القانون المطروح، وربما ابرزها موقف وزيرة الداخلية ريّا الحسن، التي توجّهت الى الطبقة السياسية الحاكمة بالقول: هناك اليوم أولويات وامور للبحث اكثر أهمية، مشيرة الى أنّ من واجباتها درس جميع اقتراحات قوانين الانتخاب، والبحث في إدراج «الميغا سنتر» والبطاقات البيرومترية ضمن القوانين المطروحة للنقاش، في وقت تقوم وزارة الداخلية حالياً بدرسها ودرس غيرها من التفاصيل التي يُفترض ان تكون مقرونة بالقوانين المطروحة قبل وصولها الى اللجان لتكون مكتملة وجاهزة قبل البحث فيها.
الردّ على وزيرة الداخلية أتى من نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، الذي قال، إنّ المجلس النيابي ليس من واجباته استعادة الثقة، بل من واجبات السلطة التنفيذية، لأنّ المجلس النيابي يقوم بواجب التشريع وعلى السلطة التنفيذية أن تعزّز ثقة المواطن بها. اما بالنسبة الى توقيت طرح القانون، برّر الفرزلي أنّ كافة القوانين يلزمها بحث مطوّل قبل النقاشات للتعديل، كي لا نصل الى موعد الاستحقاق، كما حصل سابقاً، فنقول إنّ الوقت دهمنا ولم ندرس المشروع جيداً. واضاف لن نكرّر الخطأ، اذ يجب توفير الوقت الكافي للبحث في جميع اقتراحات القوانين المقدّمة، وليس قانون كتلة «التنمية والتحرير» فقط.
فيما قالت مصادر «اللقاء الديمقراطي» لـ«الجمهورية»: «اذا كان لا بدّ من النسبية واعلان لبنان دائرة واحدة فلنذهب قبلاً الى الغاء الطائفية وتشكيل مجلس الشيوخ». وتذمّرت اوساط الكتائب من عدم طرح مشروعها المقدّم كاقتراح قانون من قِبل النائب سامي الجميل، في وقت علمت «الجمهورية»، انّ سبب عدم وصول مشروعه الى اللجان هو انّ الجميّل تقدّم بمشروعه في المجلس النيابي السابق وليس الحالي.
واستغربت مصادر كتائبية لـ«الجمهورية» طرح مشاريع قوانين انتخابية أخرى قدمت في المجلس النيابي السابق وجرت مناقشتها في المجلس النيابي الحالي فيما لم يتم مناقشة مشروع قانون انتخاب الذي تقدم به حزب الكتائب.
«القوات اللبنانية»
أما «القوات اللبنانية» فاستبق رئيسها الدكتور سمير جعجع في حديث سابق لـ«الجمهورية» طرح تغيير قانون الانتخاب حالياً، مستغرباً توقيته ووصوله الى اللجان النيابية للنقاش قبل الاطلاع عليه في الهيئة العامة، وكرّر من كندا تحذيره من امرار المشروع، رافضاً رفضاً قاطعاً البحث فيه في ظل هذه الظروف، معتبراً انه «كناية عن ديموقراطية عددية غير مقنّعة... ويجب سحبه بأسرع وقت من التداول تفادياً لمزيد من التشنج والازمات التي نحن في غنى عنها».
واستغربت أوساط ساحة النجمة مشاركة «القوات» و«التيار الوطني» في نقاشات اللجان النيابية لأكثر من ساعتين، بعد اشاعة أجواء أن الاطراف المسيحية ستقاطع اجتماعات اللجان، فيسقط المشروع بشكل طبيعي بذريعة عدم ميثاقية الجلسة، لكن لم تجرِ الأمور على هذا النحو، فلم ينسحب ممثلوها من الجلسة لكن سجلوا اعتراضهم.
وفي السياق، قال النائب بيار ابو عاصي، الذي شارك في نقاش اللجان لـ«الجمهورية»، ان «من الصعب التكهن بسبب تسرّع الرئيس بري طرح القانون الجديد، علماً انّ النقاش حوله ما زال مستمراً في اللجان المشتركة، و«القوات» لن تستمر طويلا في هذا النقاش، لأنّ المطلوب تقييم قانون الانتخاب الحالي واستخراج العِبر، واذا كانت هناك نقاط معينة تحتاج الى تحسين فليكن، والا فلنبقِ عليه كما هو». ولأنّ التشريع يُبنى على حاجة معينة، تساءل ابو عاصي: «ما هي الحاجة اليوم الى إقرار قانون انتخاب جديد؟».
وحذّر من التفكير في أنّ الامور يمكن أن تعود كما كانت عليه في التسعينيات، وأنّ القانون لن يُمرّر بالقوة عندما تكون هناك مكونات اساسية في البلد لها كلمتها وموقفها ومقاربتها للمواضيع، وبالتالي كـ«قوات» لا نتخوف فعلياً من فرض خيار معيّن في ما يتعلق بتكوين السلطة في لبنان وفي المصير السياسي للبلد وكافة مكوناته السياسية وغير السياسية.
«الوطني الحر»
من جهتها، اعتبرت مصادر مقرّبة من «التيار»، أنّ طرح قانون جديد للانتخاب سيشهد الكثير من الكرّ والفرّ، وفي مكان ما ربما يعود سوء القانون الحالي الى أنّه ليس ارثوذكسياً في الكامل، وانه اذا كان هناك تطوير للقانون فيجب ان يكون لتحسين نسبة التمثيل المسيحي، وليس تخفيضها بانتظار قيام الدولة المدنية بكل مندرجاتها.