وعن الحالة اللبنانية نتسائل رغم رخاوة البلد وشدة ما مر عليه من حروب وكثرة ما تحمل لم لا تحدث هنا ثورة والجواب هو ان لبنان مجموعة طوائف ومذاهب ولكل منها ما يطلق على نفسه اسم حزب او تيار وله اجنداته الخارجية وعند اي تحرك سيلتف كل فرد حول خاصرة زعيمه ويبدأ هذا الاخير باللعب على وتر الطائفة وبأنه يحمل في جيبه بطاقات دخول الجنة وهو حامي الطائفة كلها، ففي لبنان وان ثاروا ثورة على من؟؟
"الشعب يريد إسقاط النظام"هذه هي العبارة التي احتلت الاسوار واللافتات وعناوين الصحف والمقالات واعتادت الآذان على سماعها منذ إحراق البوعزيزي التونسي نفسه ومنذ ذاك اليوم كلما سمعنا كلمة الشعب يريد وحتى ولو كان طفل ابن عامين اتبعها بإسقاط النظام.
ولكن هل فكرنا مرة ماذا تعني كلمة إسقاط نظام؟ ولماذا فشلت كل تلك التحركات في العالم العربي؟ وما هي مقومات الثورة الناجحة؟
بداية النظام السياسي هو نظام اجتماعي يقوم بعدة أدوار أو وظائف متعددة استنادا إلى سلطة مخولة له أو قوة يستند إليها - منها إدارة موارد المجتمع وتحقيق الامن الداخلي والخارجي وتحقيق أكبر قدر من المصالح العامة والعمل على الحد من التناقضات الاجتماعية، وبالتالي فالنظام يستند الى مؤسسات الدولة ولذا فإن اسقاط نظام لا تعني إسقاط اشخاص وانما تعني ذهاب الدولة ومؤسساتها واحداث تغيير جذري في دستورها، والجدير ذكره أن الدولة لا تزول بزوال شخص حكامها، فالحاكم يتبدل ولكن الدولة قائمة حتى فقدان احد اركانها المتمثلة بالشعب الارض والسيادة وقد تمت اضافة عنصر الاعتراف الدولي لتكون دولة بحق، و اذا اسقطنا هذا التعريف على ما انتجته التحركات والاحتجاجات التي انتجها الخريف الدموي من مطلع عام 2011 حتى اليوم نجد انهم طلبوا اسقاط نظام وصدموا بتغيير الوجوه ليس الا وهذا ان دل على شيء فهو أن المواطن العربي خرج الى الشارع يهتف عبثا دون ان يعرف ما يريد، فهل هناك اختلاف بين حكم حسني مبارك و دحكم السيسي على سبيل المثال لا الحصر.
من هنا تنبع نظرية المؤامرة فقد استغل الغرب المواطن العربي المكبوت ان صح القول والذي لطالما احتاج لفسحة تنفس وقام بحشوه بتلك الأفكار كالحرية والديمقراطية وسواها واسقطوها على بلداننا إسقاطا كما دساتيرنا في الوقت الذي ما زلنا فيه متخلفين عن ركب الحضارة بآلاف الاميال، وهنا استحضر من خطاب الرئيس الاسد في العام 2013 حين اعتبر ان المطالب محقة لكن الغرب استغلوها كغطاء لتدخلهم، وهكذا امتزجت المطالب الشعبية بالمؤامرة الغربية فأنتجت صراعا مسلحا، على اختلاف الحالات بين مصر وسوريا وتونس واليمن و ليبيا... ، فقد لعبوا على وتر الضعف في كل دولة وعزفوا ما يحلو لهم وحققوا مطالبهم غالبا.
وهنا يطرح المرء سؤالا على نفسه لماذا لم يطالب الخليجيون بإسقاط انظمتهم الملكية المتوارثة حيث لا حرية و لا ديمقراطية وحيث المنشار لهم بالمرصاد؟ ربما تطرح في هذا الصدد عدة احتمالات،اولها ان الشعب الخليجي مرتاح لوضعه فهو كما صورته إحدى اللوحات رجل وحوله النساء وبئر من البترول والاحتمال الآخر يذهب ليقول ان اميركا ما زالت راضية عن هذه الانظمة ولذا تتمسك ببقائها رغم ردائتها وتناقضها التام مع الفكر الليبرالي الديمقراطي، وهذا ليس تحليلي فحسب بل اعتراف ذاك الاشقر المجنون بأنه بحاجة لاموال ممالك الرمال،ربما هذا الاحتمال الاقرب للعقل.
اذا تغيير نظام تعني نقلة نوعية من نظام اسلامي مثلا إلى نظام علماني، من مملكة إلى جمهورية وليس تغيير اشخاص ووصول غيرهم لاستلام السلطة نفسها،ومتابعة ذات المسار في سبيل نفس المصير.
اوروبا لم تصبح علمانية بيوم وليلة، ومؤتمر وستفاليا الذي أفضى إلى فصل الدين عن الدولة حصيلة مذابح وحروب دينية طويلة وهنا اكرر الديمقراطية حصيلة سيرورة تاريخية تبدأ من الالف للياء وتتمازج بين النفوس والنصوص لتصل الى ارقى درجاتها ولا يمكن حكما اسقاطها عشوائيا على شعب غير مهيأ لها.
اما عن تسمية ما حصل من تحركات وان راح ضحيتها الكثير بالثورات فهي تسمية خاطئة حكما، لأن الثورة بحاجة إلى قائد جاهز لاستلام السلطة واحداث التغيير المطلوب وخطة محكمة ومجلس قيادة حكيم وهدف رائد والا فالحال من سيء لاسوأ، فأكرر انه رغم احقية المطالب فشلت كل تلك المحاولات لان اركان الثورة غائبة والوعي الكافي مغيب تماما.
وعن الحالة اللبنانية نتسائل رغم رخاوة البلد وشدة ما مر عليه من حروب وكثرة ما تحمل لم لا تحدث هنا ثورة والجواب هو ان لبنان مجموعة طوائف ومذاهب ولكل منها ما يطلق على نفسه اسم حزب او تيار وله اجنداته الخارجية وعند اي تحرك سيلتف كل فرد حول خاصرة زعيمه ويبدأ هذا الاخير باللعب على وتر الطائفة وبأنه يحمل في جيبه بطاقات دخول الجنة وهو حامي الطائفة كلها، ففي لبنان وان ثاروا ثورة على من؟؟
ما نزال متأخرين عن المركب الحضاري وما زلنا على شاطئ الجهل غارقين في الرمال المتحركة وكل نسمة تأخذنا معها ترمينا في حضن العدو دائما ونحن اصلا اعداء انفسنا.. مسكين الشعب العربي كان معه مشعل الحضارة يوم ما كان في الغرب أحدا واليوم يعيش على امجاد ماضيه فلا حول ولا قوة الا بالله!!!