أعزائي ، رأيت في عيونكم وبحة أصواتكم يوم انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية، فرحة لا توصف وبريق امل أوضح من الشمس، وحلم يتحقق بعد طول انتظار وطول معاناة، وشعرنا معكم بأن لبنان حقا سوف ينفض عن جناحية غبارا سميكا اقعده عن النهوض، وان حبكم للجنرال هو انعكاس حقيقي عن حبكم الكبير لوطنكم، وليس مجرد تعلق بشخص.
اعزائي، تعالوا معي نرى ما نحن عليه وما جرى على وطننا منذ تلك اللحظة وحتى الساعة، وانزعوا عن عيونكم غشاوة يتقن المسؤولون صنعها واستغلالها لمأربهم، وان الشعوب الراقية والجماهير الواعية لا تنسج علاقتها مع "الزعيم" او "المسؤول" بابرة الحب والعشق فهذه من صفات الجهلة، أما الجماهير الحضارية فهي تلك التي تهتم بالمبادىء والقيم والافكار، فيكون "المسؤول" عظيما بقدر قربه منها ويتحول الى صغير وخائن بقدر ابتعاده عنها .
اعزائي ، استحلفكم بالله، وبكل القديسين هل انتم مقتنعون أن بعد مرور اكثر من ثلاث سنوات على تولي الجنرال الرئاسة، هذا هو لبنان الذي كنتم تنتظرونه ؟ هذا هو لبنان الاصلاح الذي كنتم ترجونه؟ هذا هو لبنان التغيير الذي لطالما حلمتم به ؟؟ هذا هو لبنان الذي ناضلتم لاجله ؟
اعزائي، أنا على يقين بأن الاجابات عن هذه الاسئلة وامثالها الكثير الكثير هو ( لا )، وأعرف جيدا ان قرارة انفسكم تعيشون خيبة أمل لعلها كما معظم اللبنانيين هي اقسى عليكم من كل ما عانيتموه طيلة سنوات نضالاتكم وانكم تتمنون الآن لو أن "الجنرال" لم يصل الى بعبدا عن طريق تلك التسوية الرئاسية المشؤومة، وبقى الحلم حلما، ليستمر الامل الجميل بقيام وطن يدغدغ رموش عيونكم.
إقرأ أيضًا: عهد ضد العهد
اعزائي، ليس ذنبكم انتم أن العهد قد فشل، وليس ذنبكم أنتم أنكم أعطيتم ثقتكم لمن خانها، وأن أداء القيمين على التيار لا يجب أن يتحمله إلا أصحابه فقط أما أنتم فوظيفتكم التاريخية ان تثبتوا لأنفسكم أولا وللآخرين ثانيا أنكم متمسكون بالحلم لا بالاشخاص، ولستم مضطرين ابدا لتصديق ما يساق من تبريرات واعذار صارت تضحك الثكلى وتبكي الاحمق، فمرة هناك من يعرقل، واخرى هناك من لا يريدنا أن ننجح، وثالثة وجود مؤامرة، وكل هذا وذاك نسمعه فقط عند المشاريع والخطوات التي فيها مصلحة لنا ولكم،
أما تلك التي فيها مكاسب للقيمين على تياركم فنراها تسير بكل سلاسة وبدون أي عقبات، وإذا ما تواجد شيء منها ( طمعا بحصة ) نرى حينئذ فقط اعلى درجات الاصرار والمضي قدما بدون الوقوف لحظة على مراعاة هذا الفريق او ذلك، فلا يمنعهم أحد ولا يعرقل لهم احد ولا من يعرقلون.
أعزائي، أنتم مدعون هذه الايام الى تظاهرة "عفوية" دعما للعهد، فيما الحقيقة التي تعرفونها بأن التظاهرة المفترضة ما هي الا دعما للتسوية الرئاسية بكل أطرافها، هي دعما للمزيد من الانهيار وضياع الوطن، وكل ما نرجوه منك أن لا تكونوا شركاء بذلك عبر النزول الى تظاهرة "دعم الفساد" بعد ان كنتم تتظاهرون لمحاربته .