لمن الكلمة الفصل في ما خص الاشراف على أموال «سيدر»، عندما يحين الوقت فعلاً، بعد اجتماعات تشرين الثاني المقبل؟
 
الرئيس سعد الحريري من موقعه كرئيس للحكومة، وبحكم صداقته للرئيس عمانويل ماكرون يعتقد ان الحكومة التي يرأسا هي المعنية مباشرة بإدارة الاستثمار والتوظيف في مشاريع الاستثمار والبنى التحتية وخلاف ذلك.
 
وإذا كانت عراضة المطالب الشعبوية لتكتل لبنان القوي هوت بتمسك الرئيس الحريري بصلاحياته كرئيس للحكومة، بسحب أي مشروع قانون بانتظار استكمال درسه وتوفير السيولة المالية لتنفيذه، فإن إجراءات ما بعد محادثات باريس وجولة موفد الخزانة الأميركية حول ما تعتبره الولايات المتحدة «إرهاباً» أو دعماً للارهاب، ستشهد مزيداً من الجهد، وربما التجاذب بين مكونات الحكومة.
 
وعليه، اعتبرت مصادر وزارية ان الضجيج السياسي الذي حاول النائب ابراهيم كنعان في المجلس النيابي خلال الجلسة، وبعدها  ومحاولاته إظهار الحكومة وكأنها تعطل عمدا بعض المشاريع المقررة لمنطقة المتن، ليس صحيحا ولا يتطابق مع الواقع، بل يهدف الى تحقيق شعبوية مكشوفة، لأنه من حق الحكومة سحب اي مشروع قانون لا تتأمن الأموال اللازمة له، وكون المشاريع المطروحة لا يوجد تمويل لها فمن البديهي التريث باقرارها في الوقت الحاضر. أما إذا كان النائب كنعان يريد تمويلها من خلال الاستدانة من السوق بفائدة تقارب ١٥ بالمية وتكلفتها ماية مليون دولار فهذا يرتب اعباء كبيرة على الخزينة وزيادة الدين العام، في حين يتحفنا يوميا بنظرياته وحرصه على تخفيض العجز في الموازنة  فكيف يوفق النائب كنعان بين تضارب مواقفه ومطالبته بالاستدانة، بينما يمكنه الانتظار قليلا من الوقت ريثما يتامن المبلغ المطلوب من اموال لائحة المشاريع المدرجة في سيدر وهذا أفضل للجميع وبدون اللجوء إلى مثل هذه العراضات الاعلامية التي لا تقدم ولا تؤخر شيئا.
 
جلسة صاخبة
 
ويمكن وصف الجلسة التشريعية التي انعقدت أمس في ساحة النجمة، بأنها كانت جلسة صاخبة ومتوترة، أخرجت «خفافيش» الاصطفافات الطائفية والمناطقية فوق الاصطفافات السياسية أو الحزبية، وكشفت «هشاشة» العلاقة بين نواب «المستقبل» ونواب تكتل «لبنان القوي»، بحيث أظهرت حجم «القلوب المليانة» بين الطرفين، عند أوّل «دعسة ناقصة» من هذا الطرف أو ذاك، ولولا حنكة وحكمة رئيس المجلس نبيه برّي في ضبط إيقاع الجلسة المتفجرة، لكان انفرط عقدها مع بداية مناقشة جدول الأعمال.
 
ولعل الصدفة وحدها وضعت البند الأوّل لجدول أعمال الجلسة، مشروع قانون يتعلق بتنفيذ مشاريع إنمائية لمنطقتي جبيل والمتن، فطلب الرئيس سعد الحريري سحب هذا البند بحجة ان الحكومة لا تملك المال لتمويلها، الأمر الذي استفز نواب تكتل «لبنان القوي»، وتضامن معهم نواب كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) وحزب الكتائب، الذين اعترضوا على سحب البند المذكور، ثم ما لبث هذا الاعتراض ان تجدد عند طرح البند السادس المتعلق بإنشاء سد في منطقة الضنية، من دون ان يطلب رئيس الحكومة سحبه اسوة بمشروع المتن، وهنا كان لافتاً دخول وزير الدفاع الياس بو صعب على خط السجال بوصفه نائباً عن المتن، ليرفد مطالعات النائب إبراهيم كنعان المتكررة، والتي طاولت بشكل غير مباشر صلاحيات رئيس الحكومة، الذي ترجم غضبه من هذا الكلام بخروجه من الجلسة، اعتراضاً على مواقف كنعان وبو صعب، خاصة وأن على الأخير ان يتضامن مع رئيس حكومته لا ان يغرد ضده.
 
لكن وزير المال علي حسن خليل وعدداً من النواب لحقوا بالرئيس الحريري إلى الصالون المحاذي للقاعة العامة لتهدئته، غير ان القاعة كانت تشهد اشتباكاً كلامياً بين النائب كنعان ونائب «المستقبل» محمّد الحجار الذي أثاره انسحاب رئيس الحكومة من القاعة، فوجه كلامه إلى كنعان متهماً اياه بالتعدي على صلاحيات رئيس الحكومة، وخاطبه بنبرة عالية طالباً منه السكوت والخروج من القاعة، وهو ما استوجب رداً مماثلاً من كنعان وقال للحجار: «نحن لا نعتدي على صلاحيات أحد، وهيدا مش تعاطي ولغة التعالي ما بتمشي معنا».
 
وهنا دخل الرئيس برّي على الخط، بعدما استفزه اعتراض كنعان على طلب رئيس الحكومة استرداد المشروع المتعلق بالمتن، وقال موجهاً حديثه إلى كنعان قائلاً: «بعد ناقص تاخدولي صلاحياتي».
 
وأضاف برّي بلهجة جازمة: «من حق رئيس الحكومة سحب أي مشروع قانون كونه يمثل الحكومة مجتمعة، مثلما أمثل انا مجلس النواب مجتمعاً، واصفاً كلام كنعانه بأنه «غير دستوري».
 
شعبوية مكشوفة
 
وكان لافتاً أيضاً ما أعلنه نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي، الذي هو عضو تكتل «لبنان القوي» معبتراص ان ما قاله زملاءه في الكتلة ممارسة غير دستورية، وان حق رئيس الحكومة في سحب أي مشروع قانون هو حق مقدس، وان هذا الأمر لا نقاش فيه».
 
واعتبرت مصادر وزارية الضجيج السياسي الذي حاول النائب كنعان في المجلس النيابي خلال الجلسة وبعدها ومحاولاته إظهار الحكومة وكأنها تعطل عمدا بعض المشاريع المقررة لمنطقة المتن، ليس صحيحا ولايتطابق مع الواقع، بل يهدف الى تحقيق شعبوية مكشوفة، لانه من حق الحكومة سحب اي مشروع قانون لاتتامن الأموال اللازمة له، وكون المشاريع المطروحة لا يوجد تمويل لها فمن البديهي التريث باقرارها في الوقت الحاضر.
 
أما إذا كان النائب كنعان يريد تمويلها من خلال الاستدانة من السوق بفائدة تقارب ١٥ بالمائة وتكلفتها ماية مليون دولار فهذا يرتب اعباء كبيرة على الخزينة وزيادة الدين العام، في حين يتحفنا يوميا بنظرياته وحرصه على تخفيض العجز في الموازنة، فكيف يوفق كنعان بين تضارب مواقفه ومطالبته بالاستدانة، بينما يمكنه الانتظار قليلا من الوقت ريثما يتامن المبلغ المطلوب من اموال لائحة المشاريع المدرجة في «سيدر» وهذا أفضل للجميع وبدون اللجوء إلى مثل هذه العراضات الاعلامية التي لا تقدم ولا تؤخر شيئا.
 
 إسقاط اقتراح باسيل
 
وإذا كان الرئيس برّي ومعه عدد من النواب قد نجحوا في نزع فتيل الاشتباك المتشعب، وعودة الجلسة إلى مسارها التشريعي، غير ان أجواء التوتر بقيت حاضرة، وترجمت في العديد من المحطات الكلامية في أثناء مناقشة بنود جدول الأعمال، حيث لوحظ إسقاط صفة المعجلة عن اقتراح القانون الذي كان تقدّم به الوزير جبران باسيل ومعه نواب تكتل «لبنان القوي» بإلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 80 في قانون موازنة 2019 والمتعلقة بوقف تثبيت الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، ورده إلى اللجان للمزيد من الدرس، ومر الاسقاط من دون ان يثار حوله ضجة، رغم ما لفت الانتباه في هذا السياق اعتراض نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) على هذا الاقتراح، والذي جاء على خلفية طلب رئيس الجمهورية من رئيس المجلس عقد جلسة لتفسير المادة 95 من الدستور، وحدد موعد الجلسة في 17 تشرين الأوّل المقبل، ولم يثر نواب التكتل ضجة إعلامية على غرار تلك التي أثارها نواب المتن، بعد انتهاء الجلسة، من دون ان يفلح النائب هادي حبيش في التأكيد على ان خلفية استرداد المشروع مالية وليست طائفية أو مناطقية، مستشهداً بتأجيل البت بمشاريع عائدة لمنطقة عكار للأسباب المالية.
 
وجاء إسقاط صفة العجلة عن اقتراح باسيل ورده إلى اللجان، فيما كان الناجحون في بيانات مجلس الخدمة المدنية ينظمون اعتصاماً خارج ساحة النجمة للاعتراض على الاقتراح والمطالبة برده لأنه يُهدّد مستقبلهم.
 
 
 
وكان سبق هذه المناقشات كلام في الأوراق الواردة لسبعة عشر نائباً تمحورت مداخلتهم حول القضايا الاقتصادية والإنمائية والمالية حيث اعتبر النائب سامي الجميل ان الكتل النيابية لا تشعر بخطورة الوضع الحالي، لافتا إلى ان مجلس النواب غائب عن الموضوع. وسأل الجميل عمّا تنوي الحكومة ان تقوم به في ما يتعلق بالقرار الظني الذي صدر عن المحكمة الدولية، فيما طالب النائب حسن فضل الله الحكومة باتخاذ إجراءات فورية للحد من الضغط على طلب الدولار من خلال إلزام المؤسسات التابعة للدولة بالفوترة بالليرة من بينها «الميدل ايست» والخليوي.
 
اما المحصلة فكانت تمرير 9 مشاريع قوانين من أصل عشرة مشاريع وردت في جدول الأعمال المؤلف من 19 بنداً معظمها اقتراحات قوانين، سقط اقتراح قانون الإيجارات، بينما احيل اقتراح النائب جورج عدوان الرامي إلى تحديد آلية التعيينات في الفئة الأولى إلى لجنة الإدارة والعدل.
 
التهريب مشكلة حقيقية
 
وعشية معاودة مجلس الوزراء جلساته عصر اليوم لمتابعة النقاش في مشروع موازنة الـ2020، في موازاة أوّل اجتماع ستعقده اللجنة الوزارية، لوضع الإصلاحات المطلوبة من مؤتمر «سيدر»، أكّد الرئيس الحريري، خلال حوار اجراه بعد ظهر أمس مع المشاركين في مؤتمر النهوض بالزراعة الذي نظمته وزارة الزراعة، والاتحاد العام للنقابات الزراعية واتحاد الغرف اللبنانية في فندق فنيسيا، ان لدينا مشكلة حقيقية في التهريب»، وقال ان «الحكومة تعمل بشكل جدي على اقفال جميع المعابر غير الشرعية، وقريباً سيسمع اللبنانيون عن إحالة عدد كبير من المهربين، سواء كانوا موظفين في الدولة أو تجار، على القضاء»، مشددا على أن الجسم القضائي الموجود اليوم أفضل بكثير مما كان عليه في السابق، ولن تكون هناك تدخلات لإخراج هؤلاء المهربين الذين يتم إلقاء القبض عليهم.
 
وإذ اعترف الحريري بوجود تقصير من قبل الدولة في ما خص القطاع الزراعي، لفت الىان المشكلة الأساسية هي أن سياسة الزراعة متخبطة، ولا استراتيجية واضحة لكي يعرف المزارع ما هي الزراعات التي يجب أن يركز عليها، بحيث تكون هذه الزراعات قيمة مضافة عما هو موجود في الدول المجاورة والبعيدة، ومشكلة الدولة أنها لا تساعد المزارعين لكي يحققوا هذه المواصفات». وأكد أن الحكومة على استعداد لدعم الزراعات التي تعطي البلد قيمة مضافة للبلد والمزارعين وكشف عن مشروع تعمل عليه الحكومة مع وزارتي المالية والزراعة من أجل الانتهاء من مسح الأراضي اللبنانية، ولا سيما الزراعية منها.
 
تزامناً، أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيان، انه «سيصدر تعميما يوم الثلاثاء المقبل، ينظم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي، وقال: «ان ذلك سيتم بعد مراجعة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والوزراء المختصين». إلا انه لم يشأ الكشف عن طبيعة التعميم الذي يأتي في أعقاب الإضراب الذي نفذه أصحاب محطات البنزين وشركات استيراد النفط، بسبب البلبلة السائدة في الأسواق نتيجة ضعف السيولة في الدولار.
 
لقاء عون- ماكرون
 
ومن نيويورك، أفادت مندوبة «اللواء» كارول سلوم، التي ترافق الوفد اللبناني المرافق لرئيس الجمهورية، إن ما سمعه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لدى لقائه به امس في نيويورك في الجناح الفرنسي لجهة السير بالإصلاحات وتنفيذ مؤتمر سيدر لم يكن بعيدا عما نقله رئيس الحكومة سعد الحريري الى ماكرون في لقائه به مؤخرا غير ان رئيس الحمهورية صارحه بأهمية الإجراءات بعيدا عن اي استحقاق اخر. وقالت: ان اللقاء اتسم بالود انما ايضا بعمق النقاش.
 
واذا كان لقاء الرئيسين هو الأبرز في نيويورك فإن ترجمة اتفاقهما على تعزيز العلاقات يفترض ان يتبلور قريبا. 
 
واشارت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» الى ان رئيس الجمهورية شرح بالتفصيل الإجراءات التي تنوي الحكومة اتخاذها وكذلك التي اتخذتها عارضا لتصور العمل في الموضوع الأقتصادي في الفترة المقبلة .
 
وأوضحت ان ملف النزوح السوري حضر من زاوية الوقائع كما من زاوية الوضع في سوريا. ولم يخف رئيس الجمهورية الأشارة الى تداعياته مؤكدا ان العودة المحدودة للنازحين السوريين غير كافية على مسألة النزوح السوري. ولم يشر البيان الرسمي الى كلام للرئيس عون عن الشق السياسي من الأزمة لكن المؤكد انه على اعتقاده ان موضوع النزوح لا يمكن ان ينتظر الحل السياسي في سوريا.
 
واعاد الجانبان ذكريات لقاءاتهما سواء في باريس او يريفان لكن لقاءهما امس حمل مدلولا خصوصا في موضوع تنفيذ سيدر وخريطه الطريق حوله.
 
اما زيارة ماكرون الى لبنان والتي طرحت مواعيد سابقة لها في كل مرة فإنها مرجحة بحسب ما أكد الرئيس الفرنسي نفسه تزامنا مع مئوية لبنان الكبير في العام المقبل 2020.
 
وقالت المصادر ان ماكرون كرر اهميةالمحافظة على استقرار لبنان وامنه وهذا ما برز في عدة محطات.
 
الى ذلك وفي اليوم الثاني من زيارته نيويورك شارك رئيس الجمهورية في افتتاح اعمال الجمعيه للأمم المتحدة وعقد لقاءات كانت مناسبه شرح فيها الموقف اللبناني من مختلف القضايا فيما مشاركته التاليه اليوم تكمن في إلقائه كلمة لبنان التي يضمنها رؤيته للأحداث الإقليمية وللتطورات دون اغفاله مخاطر التهديدات الإسرائيلية والخرق المتواصل للقرار 1701. فيما بدا جليا ان رئيس الجمهورية يكرر الموقف من انعكاسات النزوح السوري مع تذكير انه حمل العام الفائت خريطة موثقة عن اعداد النزوح واظهرها للمنبر الدولي.
 
ومن أبرز لقاءاته، المحادثات التي أجراها مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والتي تركزت على التعاون الاقتصادي والنزوح السوري، وإنشاء سوق اقتصادية مشرقية تضم إلى لبنان والأردن والعراق وسوريا، فضلا عن القضية الفلسطينية، وما يعرف «بصفقة القرن».
 
كذلك التقى الرئيس عون الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.