أنا محسن علي نايف زعيتر من بلدة حدث بعلبك، انتسبت إلى حزب الله في مطلع التسعينات وعملت في صفوف المقاومة متطوعا حتى العام ٢٠٠٦ حيث التزمت بالتعاقد الكامل مع الوحدة العسكرية في البقاع المعروفة بوحدة "حيدر" (١٩٠٠).
خدمت في عدة محاور وأديت العديد من المهام الى ان تم فرزي للعمل في احد المراكز على مدخل بلدة شمسطار غربي بعلبك، وكنت مقتنعا طوال تلك الفترة بأن الحزب هو حركة ايمانية جهادية تمهد لظهور الامام المهدي، كما كنت ملتزما بأداء التكليف، وكان غاية سؤلي ان يختم الله عمري بالشهادة في سبيله.
ولكن ربما شاء الله أن يفتح بصيرتي ويريني جانبا لم أكن أعلمه عن حزب الشهداء، ففي يوم من الأيام قام احد العاملين معنا المدعو "محمد علي حمية" بسرقة قطعتي سلاح من نوع "كلاشن كوف" من مركز العمل، وحين حضر المعنيون عن التفتيش اكتشفوا نقصا في عدد البواريد فطلبوا من جماعة الأمن الوقائي اجراء التحقيقات اللازمة، وسرعان ما عثروا على السلاح المسروق، اذ تبين لديهم ان رجلا من بلدة بريتال اشتراه من محمد حمية.
قام الأمنيون باستعادة السلاح بعدما دفعوا ثمنه لصاحبه على ان تتم استعادة المال من محمد حمية بعد تحصيل اعترافه، ولكن الاخير قام بمساعدة والده الملقب ب"أبو الياس" باقناع عنصرين من العاملين معنا وهما "موسى جنبلاط" و"حسام محمد كونا حمية" بالشهادة زورا بأنني انا من سرقت السلاح وبعته الى محمد حمية، وقد وعد حمية الشاهدان بمبالغ مالية كهدية.
بعد ذلك طلب مني مسؤول محور شمسطار الحاج أبو علي مصطفى ناصيف ان احضر الى مكتب رئيس بلدية حدث بعلبك في مسعى منه لحل المشكلة، وهناك عرض عليّ دفع نصف قيمة السلاح على أن يدفع محمد أبو الياس حمية النصف الآخر، ولكنني رفضت الامر بشكل قاطع لان ذلك يعني اعترافي بالسرقة وتغريمي ماليا بتهمة انا بريء منها.
يومها وافق محمد حمية على العرض لاقفال القضية، وانتهت المفاوضات عند ذلك الحد.
بعد ايام من ذلك الاجتماع تم استدعائي الى التحقيق في مكتب يقع داخل حرم مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، وهناك ادخلوني الى زنزانة طولها مترين وعرضها متر واحد فيها مرحاض صغير حيث تعرضت لضغط نفسي كبير في محاولة من المحققين لانتزاع اعترافي بسرقة السلاح مقابل اطلاق سراحي، وهناك قال لي المحقق المدعو "الشيخ نور" : "انتم آل زعيتر تقتلون القتيل وتمشون بجنازته"، ولكنني بقيت طوال فترة التحقيق مصرا على براءتي.
في تلك الاثناء كان محمد أبو الياس حمية يجلس في المجمع معززا مكرما بسبب قرابته من مسؤول امني كبير في الحزب.
مكثت في الزنزانة ثلاثة أيام، وكان رأسي كل الوقت بجانب المرحاض، وكنت افكر بعيالي وأقاربي وبمصيري المجهول، فقررت ان أستسلم للضغوط واعترفت بما لم ارتكبه لانني لم اعد احتمل المكوث في الزنزانة، والا كنت سأفقد عقلي لو بقيت يوما واحدا اضافيا.
بعد الاعتراف تبين لي ان الجماعة كانوا يكذبون عليّ، لأنه تم نقلي الى سجن يقع في بئر العبد (مبنى مركز التعاون الاسلامي، مقابل عيادة الدكتور حسن عز الدين)، وكان يدير السجن المدعو ابو قاسم عياد، وهناك مكثت مدة ٤ اشهر وعشرين يوما، فيما تم اخلاء سبيل محمد حمية بعد تحصيل افادته.
بعد خروجي من السجن لجأت مباشرة الى "المكتب التنظيمي" في بيروت، وكان في نفسي يومها بقية من ثقة بأن الحزب لا يظلم احدا وان ما حصل هو نتيجة تصرفات فردية، ولكني صدمت حين رفض المعنيون في المكتب فتح القضية.
غادرت المكان أجرّ اذيال الخيبة، ولجأت الى القضاء الشرعي التابع للحزب في بعلبك، وهناك كانت الصدمة الكبرى حيث قال لي القاضي بحرقة كبيرة ما حرفيته : " إذهب الى بيتك وأطعم عيالك لأن حزبنا اليوم -للأسف- تحكمه مجموعة من المافيات والعصابات وإن انا ستدعيت المحقق سيحلف على القرآن الكريم مئة مرة كذبا، وبهذا ستتعب نفسك وتتعبنا معك".
خرجت من مكتب القضاء وقد ضاقت بي الارض بما رحبت، وشكوت أمري لله المنتقم وما زلت انتظر أمره في الذين افتروا عليّ، ولكنني اليوم لم اعد احتمل ما وقع عليّ من ظلم، وانا اعاني منذ فترة من ردات فعل عصبية وموجات اكتئاب، لذا اضطررت لنشر قصتي على وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة وحيدة متاحة لنا لنقول كلمتنا، علّ قصتي تصل الى السيد حسن نصر الله الذي افترض انه لا يعلم بما يفعله الظالمون في حزبه، وأنه سيأخذ لي حقي منهم، أما إن كان راضيا بما يحصل فتلك طامة كبرى، خصوصا انني سمعته في احد خطاباته يقول بأن كوادره كلهم مجاهدون شرفاء!!
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.
محسن زعيتر