لفت الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، إلى أنّ "وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب قدّم معطيات مهمّة وتفصيليّة عن الاعتداء بالطائرات المسيّرة على الضاحية الجنوبية لبيروت، ونحن رفضنا أيّ معادلات وقواعد اشتباك جديدة، ونحن سنبقى ملتزمون بهذه المعادلة"، مركّزًا على أنّ "الأمر لا ينتهي هنا. هذا بداية مسار وسنواصل العمل، وهذا الموضوع خاصع للميدان".
وأكّد في كلمة له بذكرى أسبوع الشيخ حسين كوراني في مجمع المجتبى، أنّ "حتّى هذه اللحظة، قرار مواجهة المسيّرات كان له تأثير واضح على عدد الخروقات"، موضحًا في موضوع العملاء وملف اللبنانيين الّذين هربوا إلى إسرائيل عام 2000، أنّ "في الأيام الماضية، تمّ توقيف عميل هو المسؤول عن معقتل الخيام، وتعبير الأسرى في الخيام وفي السجون الإسرائيلية وأهاليهم والرأي العام في لبنان على تنوّعه هو تعبير طبيعي وصادق، وأيّ أحد لديه ملاحظة وتحسّس يجب ان يتفهم ويتقبل الموضوع، وهذا الموضوع كان مهمًّا جدًّا ليس من أجل توقيف العميل فقط، بل من أجل مسار خطير ومنحرف بالتعاطي مع العملاء".
وبيّن السيد نصرالله أنّ "هناك عملاء تعاملوا مع إسرائيل قبل العام 2000 وكانوا خدمًا عند الإسرائيلي. هؤلاء عملاء ويجب أن تتمّ محاكمتهم، والعميل هو عميل والجميع شركاء وكلّهم عملاء ويجب أن يُعاقبوا، والعقاب يكون على أساس الجريمة". وفسّر أنّه "عندما يكون العميل مجرمًا وقاتلًا ومفسدًا في الأرض، يجب أن يكون حسابه مختلفًا وشديدًا وقاسيًا، ومحاكمة العملاء من الثوابت، ولا أحد في لبنان من فصائل المقاومة ساوم عليه أو عمل على بيع وشراء بالحدّ الأدنى عدا الآخرين".
وذكر أنّ "منذ سنة 2000 وقبل التفاهم مع "التيار الوطني الحر" في موضوع أهالي العملاء، للتوضيح لا يوجد شيء اسمه "مبعدون إلى إسرائيل"، بل هناك من هرب إلى إسرائيل، وهناك من غادروا الجنوب إلى بقية الأراضي اللبنانية ولم يتعاطَ أو يؤذيهم أحد، ومصطلح المبعدين مصطلح خطأ".وأفاد بـ"أنّنا حين قتلنا عقل هاشم، لم ننفّذ العمليّة لأن عائلته كانت إلى جانبه، بل توجّهنا قتل العميل الخائن الّذي يقاتل في الجبهة، ولا دخل لنا في عائلته، وتم تأجيل عملية عقل هاشم إلى حين كان لوحده، وهذا هو تاريخ المقاومة".
ونوّه إلى أنّ "هذه أخلاقنا وثقافتنا وديننا وقرآننا، وهذا التزامنا الوطني والأخلاقي. المقاومة الفرنسيّة قتلت وذبحت الآلاف من دون محاكمات، والحديث في فرنسا عن 10 آلاف قُتلوا بسبب التعامل مع النازية، بينما المقاومة عام 2000 لم تقتل صوصًا وسلّمت العملاء إلى القضاء بغضّ النظر عن تعامل القضاء معهم". وشدّد على أنّ "أيّ عميل يعود يجب أن يسلِّم نفسه للمخابرات كي يتمّ التحقيق معه، وهذا إجراء طبيعي للجيش، ونحن اليوم عام 2019 نقول الشيء نفسه بالنسبة للعملاء، ونحن كنّا واضحين في موضوع الاتفاق مع "التيار الوطني" ولا أحد يقول إنّه يجب ان تفتح الحدود والمعابر للعملاء من دون أي حساب. هناك آليّات قانونيّة ومن لم يتوّرَط بالعمالة أهلًا وسهلًا به وهناك عائلات كثيرة عادت، وهذه المسألة واضحة".
وأوضح نصرالله أنّ "عودة العميل عامر الفاخوري أضاءت الضوء على ملف سقوط الأحكام مع مرور الزمن، وهذا يحتاج إلى مناقشة قانونيّة، وأصلًا الحكم الغيابي بحقّ قاتل مجرم 15 سنة هو ضعيف وهزيل، ونحن سنعالج الموضوع قانونيًّا من خلال النقاش مع الكتل الأُخرى، فالأمر لا ذاتيًّا ولا موضوعيًّا مقبول". وجزم أنّه "لا يمكن لمجرم مثله وبعد ما ارتكبه بالخيام، أن نقنع عوائل الجرحى ومن اغتصب في الخيام أنّ الحكم بحقّه سقط بتقادم الزمن". وذكر أنّ "الأحكام القضائية المخفّفة الّتي صدرت يجب أن يُعاد النظر بها، والأخذ بالاعتبار كل المعطيات اللبنانيّة والداخليّة".
وأشار إلى أنّ "عند أيّ حدث، هناك من يدخل على الخط لتمزيق كلّ شيء بالبلد، وأسهل شيء وقوع إشكال بين القواعد الشعبيّة على مواقع التواصل الإجتماعي"، مجدّدًا الدعوة إلى جمهور المقاومة وكلّ الشعب اللبناني إلى "الحذر، فعند كلّ مسالة لا نبقي حجرًا على حجر، وفي جزء من ذلك هناك استهداف". وشرح أنّ "على سبيل المثال، حتّى لو كان هناك خطأ في موضوع العميل الفاخوري، فيجب أن يُعالج الموضوع ضمن الآليّات المتّبعة، أمّا أخذ الحادثة إلى مشكلة بين قوى المقاومة والجيش فهذا خطأ ويخدم الإسرائيلي وسياسة الأميركيين في البلد". ولفت إلى "أنّنا على مدى عقود نقول إنّ معادلتنا الذهبية "الجيش والشعب والمقاومة"، وعند أي حادثة يتمزّق الشعب ويحصل إشكال مع الجيش"، منوّهًا إلى أنّ "كذلك في ضرب التحالفات، هناك معطيات خاطئة لضرب تحالف "حركة أمل" و"حزب الله"، و"حزب الله" مع "التيار الوطني الحر"، ويجب الحذر في الموضوع".
كما ركّز في موضوع المساعدة لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، على أنّ "هناك شيئًا جديدًا في منطقة القصير وقد تأخّرت العودة إلى هذه المنطقة، وقبل أشهر عدّة وبناءً على قرار القيادة السورية ورغبة الأهالي، حصل تواصل ورتّبنا الوضع بما يتناسب مع عودة كاملة لأهالي القصير، ويهمّنا الإعلان لأهالي القصير وبلدات القصير التسجيل عند الأمن العام اللبناني لإعادتهم إلى بلداتهم ابتداءً من اليوم"، مبيّنًا أنّه "لا يوجد أيّ تغيير ديمغرافي في سوريا، وكلّ هذه شعارات كاذبة لإعطاء الصراع بعدًا طائفيًّا ومذهبيًّا".
ولفت من جهة ثانية، إلى أنّ "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو فشل في الحصول على الأغلبيّة لتشكيل حكومة إسرائيليّة، ونحن أمام المشهد القائم نستطيع فهم أزمة القيادة في كيان العدو، وهذا الموضوع لا سابق له بعد فقدان القيادة التاريخيّة والتشتّت بالأصوات والأحزاب"، كاشفًا أنّه "لا يهمّنا من يفوز في الانتخابات، فالعدوانيّة واحدة مهما كانت التشكيلة الحكوميّة".
وبالنسبة إلى استهداف شركة "أرامكو" من قبل "الحوثيين"، فأكّد أنّ "لا شكّ أنّ الحدث كان مهمًّا جدًّا وهزّ المنطقة وترك صدى وارتدادات مهمّة في العالم، وحين نتوقّف عند هذا الحدث نقول إنّه للأسف الشديد يتبيّن سواء في الرأي العام الدولي أو الإعلام السياسي كَم أنّ النفط أغلى من الدم. ففي هذه المنشآت لم يُقتل أحد بل هي منشآت حديد ونفط قامت الدنيا ولم تقعد، ولكن على امتداد 4 أعوام وبشكل يومي تقصف طائرات العدوان السعودي- الإماراتي- الأميركي الشعب اليمني وتقتل النساء والأطفال، وهذا الموضوع لا يؤثّر بأحد".
وذكّر بأنّ "يوم أمس مثلًا، قُتلت سيّدة فلسطينيّة شابّة بدم بارد عند حاجز قلنديا، وكان شيئًا عاديًّا وبعض الدول العربية لم تكلّف نفسها بذكر الموضوع في الإعلام. من يتضامن مع السعودية هذا شأنه ونحن نطلب أيضًا التضامن مع أشلاء وأطفال الشعب اليمني، ويجب أن يكون هناك توازن بين الدم والنفط". ونصح السعودية بأنّه "بدل شراء منظومات للدفاع الجوي في مساحة السعودية الكبيرة جدًّا ودفع ملايين الدولارات بلا جدوى، فالأقل كلفة هو وقف الحرب"، مشيرًا إلى أنّ "السعودية تتحمّل الضربات، على عكس موضوع الإمارات الّتي لا تتحمّل".
وبيّن نصرالله أنّ "الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدّث يمينًا ويسارًا ويعتبر أنّه بحال أراد المساعدة، على السعودية والعرب دفع الأموال، والمعادلة الوحيدة والطريق الوحيد الموصِل للحلّ هو وقف الحرب الظالمة ضدّ اليمن وترك اليمنيين للحوار. أمّا الاستعانة بالأميركي بالبريطاني والأميركي فلن تؤدّي إلّا للدمار"، مفيدًا بأنّ "المحور المقابل قويّ جدًّا، وما حصل مع "أرامكو" من مؤشّرات قوّة المحور". وأعلن أنّ "الّذين يقاتلون في اليمن مستعدّون للذهاب بعيدًا بعيدًا بعيدًا في الدفاع عن أنفسهم، وترامب يريد الأموال وليس الحرب وهو يريد الانتخابات، والرهان على الإدارة الأميركية الحاليّة الفاشلة".
وأشار إلى أنّ "القضيّة في فنزويلا انتهت، في حين كان الشعار إسقاط النظام في فنزويلا، وفشِل ترامب في كوريا الشمالية وفي "صفقة القرن" وفي العراق، كما فشل في إخضاع إيران واستسلامها"، موضحًا أنّ "ترامب يستجدي الرئيس الإيراني حسن روحاني للجلوس معه، وإيران تجدّد القول لهم إنّها قويّة، إلى حدّ أنّ كلّ الصراخ خلال الايام الماضية لم يهزّ شعرة في ذقن أحد لأنّهم أقوياء وموحّدون ومتماسكون ويتقنون العمل ضمن كلّ المعادلات". وأكّد "أنّنا لا نريد مهاجمة أحد، ولكن ننصح انّ الحرب على إيران ليست حلًّا، والإكمال بالحرب على اليمن يعني الهزيمة، ومن اقتصاده من زجاج كالإمارات فليرحم نفسه والمستضعفين جميعًا".