النظام الإيراني يزعزع الاستقرار، ويصنع الفوضى؛ فقد دأب نظام الملالي على تصدير أزماته الداخلية للخارج، عبر سلسلة من الأعمال العدائية وافتعال مواجهات، وصناعة حروب بالوكالة، لإقناع الداخل الإيراني بأنه تحت المواجهة.
فقد تعرضت مدينة بقيق السعودية لهجمات بصواريخ، استهدفت منشآت نفطية، هي الكبرى في المنطقة. مدينة بقيق كانت تسمى «بعلاة أبا القعدان» قبل النفط، وهي تحتضن شركة «أرامكو» كبرى شركات النفط.
الهجوم على «أرامكو» في بقيق وخريص، يحمل بصمات النظام الإيراني، الذي يقول البعض إنه استخدم الأراضي العراقية منطلقاً لصواريخه التي هاجمت «أرامكو»؛ حيث إنه من غير الممكن أن يكون القصف والاعتداء الإرهابي قد حدث بطائرات مسيّرة يطلقها الحوثي، فالمسافة طويلة، وقدرة طائرات الحوثي المسيّرة محدودة. فالهجوم واضح أنه حدث بتقنية متطورة، وبصواريخ يمتلكها النظام الإيراني، في ظل وجود تقارير نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، بالإضافة إلى ما كشفه المتحدث باسم وزارة الدفاع السعودي العقيد الركن تركي المالكي من أن صواريخ «كروز» قد استخدمت في الهجوم، وأطلقت من شمال المملكة وليس جنوبها، رغم محاولات الانقلابيين الحوثيين تبني الهجوم.
الهجوم قالت عنه وزارة الخارجية السعودية: «إن التحقيقات الأولية في الهجوم ضد منشآت النفط في المملكة، أسفرت عن أن الأسلحة المستخدمة هي إيرانية الصنع»، ووصفته بالاعتداء غير المسبوق.
كما عبر القيادي العراقي إياد علاوي عن رفضه أن تكون أرض العراق منطلقاً للاعتداء على أي دولة أو شعبها، في إشارة إلى أن منطلق الهجمات كان عبر استخدام الأراضي والأجواء العراقية، سواء بالعبور أو الانطلاق من خلال وكلاء إيران في العراق.
اعتداء «أرامكو» وصفه دان سوليفان، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي، عن الحزب الجمهوري بـ«الاستفزاز الذي يظهر أن النظام الإيراني ليست له مصلحة في السعي لتحقيق السلام؛ بل في إحداث فوضى في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط».
أيضاً رأى وزير الخارجية الأميركي من جهته في تغريدة له على «تويتر» أن طهران «تقف وراء ما يقرب من 100 هجوم على المملكة العربية السعودية، في حين يدعي روحاني وظريف الانخراط في الدبلوماسية. وفي خضم كل الدعوات إلى وقف التصعيد، شنت إيران هجوماً غير مسبوق على إمدادات الطاقة في العالم، ولا يوجد دليل على أن الهجمات جاءت من اليمن».
الهجوم على بقيق يضع إيران في مواجهة العالم، وليس فقط السعودية، ويؤكد أن إيران ليست سوى نظام إرهابي، يزعم أنه دولة، ويتصرف خارج مفهومها. فلا يمكن لدولة تحترم العلاقات والمواثيق الدولية، أن تقوم بأعمال العصابات والتنظيمات الإرهابية، الأمر الذي يجعل منها منبعاً ومصدراً للتوتر وزعزعة الاستقرار والسلم الدولي، في ظل غياب أي عقاب دولي للمنظومة الإيرانية، التي تصدر الإرهاب بشتى أنواعه.
وبينما يرى البعض تردد الإدارة الأميركية في الانخراط في حرب ضد إيران، بسبب تعهد الرئيس ترمب عدم الانخراط في أي حرب، الذي سيؤثر على حملته الانتخابية في 2020، يرى كثيرون أن إيران استغلت هذه النقطة للقيام بأعمال عبثية في المنطقة، الأمر الذي لن يقف عند حدود العبث؛ بل سيكون كارثياً على الجميع، وقد يشمل الخطر أميركا نفسها.
الضربات المحدودة ضد إيران، أعتقد أنها تبقى أحد خيارات الولايات المتحدة المحتملة، لإيقاف سيل الاعتداءات الإيرانية في المنطقة، وإلا ستفقد أميركا دورها في المنطقة، بينما قد تعتبره إيران الضوء الأخضر للاستمرار في العبث، فمن أمن العقاب أساء الأدب.
لقد تكررت الاعتداءات الإيرانية، من تعرض أربع ناقلات نفطية، (اثنتان إماراتيتان، واثنتان سعوديتان) في مضيق هرمز لهجوم بحري، إلى هجوم بالطائرات المسيّرة على خط أنابيب، إلى تعرض ناقلتي نفط لهجمات في خليج عمان.
فمن حق السعودية الاحتفاظ بحق الرد، والدفاع عن مصالحها ومنشآتها وسكانها وحدود أراضيها، فهي لم تهاجم طهران ولا اعتدت على إيران، ولا اعترضت السفن ولا الطائرات الإيرانية التي تجوب الخليج العربي، بينما النظام الإيراني كان وما زال يمارس أنواع العمليات الاستفزازية والأعمال العدائية، من العربدة والبلطجة، ويصر على البقاء خارج مفهوم الدولة بالتصرف كعصابة.