إنتقل الحريري أمس من الرياض التي أمضى ساعات فيها، الى باريس، من دون أن يُعلن عن لقاءات له مع أي من المسؤولين السعوديين، في ضوء اعلان وزير المال السعودي محمد عبدالله الجدعان عبر وكالة «رويترز» أمس الاول، عن انّ المملكة العربية السعودية تجري اتصالات مع الحكومة اللبنانية لتقديم دعم مالي للبنان.
وفيما تردّد انّ الرياض قد تبادر الى تقديم وديعة للبنان لم يُعرف حجمها بعد، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الحريري يبذل جهوداً كبيرة في مختلف الإتجاهات بغية تحقيق انفراجات في الوضعين الاقتصادي والمالي، لشعوره أنّهما بلغا مرحلة دقيقة وباتا يستوجبان المعالجة.
وقالت أوساط مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الحريري سيعمل على إقناع ماكرون اليوم بإيجابيات ما تحقق في لبنان من خطوات إصلاحية حتى الآن، وسيحاول اقناعه بوجهة النظر الرسمية اللبنانية، لا بوجهة النظر المتشدّدة التي ينقلها موفده الى لبنان بيار دوكان، بحيث تمارس باريس نفوذها ورصيدها لدى الجهات المانحة للبدء في تسييل المساعدات المقرّرة في مؤتمر «سيدر»، لأنّ لبنان في وضع دقيق، وإذا حصل الانهيار تصبح المساعدات الموعودة غير كافية للإنقاذ، وسيصبح لبنان في وضعٍ ميؤوس منه، وستكون عملية إنهاضه صعبة ومكلفة جداً.
واشارت المصادر، الى انّ ماكرون سيكون أمام خيارين: إما أن يقتنع بوجهة نظر الحريري «المستعجلة والمتساهلة»، وأما أن يأخذ بوجهة نظر دوكان «المتريثة والمتشددة»، علماً أنّ الحريري ودوكان سيلتقيان في باريس ويتناقشان مجدداً.
لكن مصادر معنية بالوضعين المالي والاقتصادي قالت انّ الحريري سيعمل لبناء الشيء على مقتضاه إصلاحياً على صعيد موازنة 2020 في ضوء نتائج محادثاته في باريس. إذ انّ هذه الموازنة تضمنت بنوداً إصلاحية هي إستكمال، بل إمتداد للإصلاحات التي تضمنتها موازنة 2019.
ومن المقرر أن يستأنف مجلس الوزراء جلساته الخاصة بمناقشة موازنة 2020 الاثنين المقبل، بعد ان يكون الحريري عاد من باريس.
عون يحذّر
الى ذلك، شدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على «أهمية تحقيق التضامن الوطني للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، وعلى تَحمّل الجميع مسؤولياتهم والتزام مرحلة التقشّف التي تدخل فيها البلاد»، مؤكّداً لوفد من حزب «الطاشناق» برئاسة أمينه العام النائب أغوب بقرادونيان زاره امس، «حتمية النجاح في الخروج من الأزمة الراهنة».
وقال: «على الجميع التزام مرحلة التقشّف»، ومحذّراً من «خطورة حملات التخويف والترويج للافلاس وانهيار العملة، التي يروّجها بعض الاعلام والاطراف».
فنيش
وفي هذا السياق، قال وزير الشباب والرياضة محمد فنيش لـ«الجمهورية»: «انّ الملحّ والضروري مع بدء النقاش في الموازنة، هو العمل على معالجة العجز الموجود والفارق بين النفقات والواردات وايجاد السبل اللازمة للتصحيح المالي والنمو الاقتصادي، ولمعالجة سريعة للقطاعات الحيوية، وفي مقدّمها قطاع الكهرباء، الى جانب ضبط الهدر والإنفاق. والمهم هو ان لا تبقى الدولة تستدين بالكلفة المرتفعة للفوائد، وما يترتب عن ذلك من انعكاسات على الاقتصاد عموماً. كل هذه الامور لها الأولوية وينبغي ان تنصّب كل الجهود في هذا الاتجاه».
وعمّا اذا كانت الموازنة ستتضمن «اجراءات موسعة»، قال فنيش: «ما زلنا في بداية البحث، وموقفنا معروف في هذا الأمر، وهو أن التصحيح لا بدّ منه، ولكن ليس أن يأتي هذا التصحيح على حساب اصحاب الدخل المحدود والطبقات الفقيرة».
نصرالله
على صعيد آخر، وفي ظل التطورات الجارية في منطقة الخليج، من المتوقع ان يعلن الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في كلمة يلقيها بعد ظهر اليوم جملة مواقف من آخر المستجدات المحلية والاقليمية والدولية.
واوضحت اوساط قريبة من الحزب لـ«الجمهورية»، ان نصرالله سيتطرق الى الهجمات التي تعرّضت لها شركة «أرامكو» السعودية وما تلاها من تهديدات، وسيكرّر التحذير من تبعات اي حرب على ايران، كذلك سيتوقف عند دلالات نتائج الانتخابات الاسرائيلية وانعكاساتها المحتملة.
وداخلياً، سيركّز نصرالله على ملف العملاء من زاوية قضية العميل عامر الفاخوري، الى جانب مسائل أخرى تتصل بالوضع الداخلي.
وكان نصرالله قد قال خلال المجلس الحسيني المركزي الأسبوعي الذي أقيم في «مجمع سيد الشهداء» في الضاحية الجنوبية لبيروت الثلثاء الماضي، «أنّ احداثاً مهمة جداً حصلت محلياً واقليمياً، سواء موضوع السعودية واليمن، والتطورات في لبنان وسوريا، وانتخابات الكنيست الاسرائيلي»، لافتا الى انه سيتحدث في السياسة في خطابه المقرر اليوم.
جنبلاط
من جهته، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر «تويتر» أمس فقال: «يبدو انّ حريقاً كبيراً سينشب في الخليج نتيجة الحرب في اليمن التي لا بدّ من تسويتها سلمياً، ونتيجة المواجهة الاميركية -الايرانية التي سيدفع العرب ثمنها. لذا فانّ اي خلل في معالجة الموازنة في لبنان والخروج عن توصيات Duquesne الواضحة قد يحرق الوضع، خصوصاً اننا نسمع أن سفناً كهربائية جديدة آتية».
لا تأشيرة لجبق
من جهة ثانية، بدا لافتاً المعلومات التي أشارت إلى أنّ السّفارة الأميركيّة في بيروت لم تمنح وزير الصّحة جميل جبق تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة الاميركية.
وكان من المقرّر أن يكون جبق في عداد الوفد الوزاري الذي سيرافق رئيس الجمهوريّة إلى نيويورك للمشاركة في الاجتماعات السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة التي تبدأ الأسبوع المقبل. كذلك كان مدعواً الى المشاركة في مؤتمر لوزراء الصحة من دولٍ مختلفة على هامش الجمعيّة.
ولم يكن في الحسبان أن يُمنع جبق من هذه الزيارة، إذ سبق له أن زار واشنطن في أيّار الماضي مشاركاً في مؤتمر طبي. وكان أوّل وزير محسوب على «حزب الله» يزور العاصمة الاميركية في أوّل جولة خارجيّة له فور تسلّمه وزارة الصحّة.
وعلى صعيد العقوبات الأميركية على «حزب الله»، تردّد أن دفعةً جديدة منها ستصدر قريباً. وفي خطوةٍ لافتة، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامه في بيانٍ، أنّ مصرف لبنان وافق على طلب «جمّال تراست بنك» المتعلق بالتصفية الذاتية، بعد قرار الخزانة الاميركية القاضي بإدراج اسمه على قائمة الـSDGT.
وأوضح سلامه، أنّ «قيمة الموجودات الثابتة والحقوق كافةً العائدة للمصرف المعني، اضافةً الى قيمة مساهمة المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، هي كافية، من حيث المبدأ، لتسديد كامل ودائع والتزامات «جمال تراست بنك»، وذلك بعد التحقق من مراعاتها للقوانين اللبنانية ولقرارات ولتعاميم مصرف لبنان»، مؤكّداً أنّه «سيتم تأمين أموال المودعين كافةً بتاريخ استحقاقها، كما والحفاظ على حقوق الموظفين في هذا المصرف».
بدورها، أعلنت ادارة «جمال تراست بنك» في بيان، انه «على ضوء قرار الخزانة الاميركية، وعلى الرغم من سلامة وضعه المالي المؤكّد في تقارير مفوضي المراقبة وامتثاله التام للقواعد والاصول المصرفية المحلية والخارجية، اضطر مجلس الادارة الى اتخاذ القرار بالتصفية الذاتية بالتنسيق الكامل مع مصرف لبنان».